وفيقة إسماعيل – «صدى الوطن»
في الظاهر يبدو أن العقبات التي ظهرت في طريق تأليف حكومة مصطفى الكاظمي باتت بحكم المنتهية، وتم تجاوز اعتراضات البيت الشيعي على التوزيع السابق للحقائب الذي كان ينوي اعتماده الكاظمي، واللمسات الأخيرة وُضعت حسبما رشح من كواليس التأليف وفق مصادر خاصة لـ«صدى الوطن» التي حصلت على نسخة من «المنهاج الوزاري» الذي تقدم به الكاظمي إلى رئيس المجلس النيابي والذي شكل بدوره لجنة لدراسته تألفت من كل من: نائب رئيس المجلس حسن الكعبي/ رئيساً، النائب يونادم كنا، مقرر مجلس النواب هوشيار محمد، النائب صائب خدر، المستشار السياسي عباس العامري، المستشار القانوني محمد يوسف، مستشار التشريع علي الدليمي، المدير العام للبرلمانية حيدر مثنى.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد كلف في وقت سابق من الشهر الحالي رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة، وهو ثالث شخصية تُكلف بهذه المهمة في غضون عشرة أسابيع فقط، بينما يواجه العراق صعوبات جمة في تشكيل حكومة بعد استقالة الحكومة السابقة العام الماضي إثر احتجاجات عنيفة دامت لأشهر.
أولويات حكومة الكاظمي
نقاط أساسية تمحور حولها «المنهاج الوزاري» وهي قديمة مجددة، تحدثت عن أولويات عمل الحكومة المقبلة وأبرزها ما يلي:
– إجراء انتخابات نيابية مبكرة
– مواجهة جائحة كورونا للحد من انتشارها
– حصر السلاح بيد الدولة
– إعادة إعمار المناطق التي دمرها داعش
– فتح حوار وطني مع فئات الشعب العراقي كافة
– مكافحة الفساد وحماية ثروات البلاد وضمان سيادة العراق وإقامة التوازن في علاقاته الخارجية.
وبالفعل فقد عقد اجتماع يوم الخميس الماضي في البرلمان برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، تدارس خلاله المجتمعون تفاصيل المنهاج الحكومي.
وأكد الكعبي حصول اتفاق في اللجنة النيابية على تضمين عدد من المقترحات في البرنامج الوزاري المقدم من الكاظمي، مشيراً الى أن أبرز الأولويات والركائز التي حددتها اللجنة تخص قانون الموازنة وأزمة كورونا والانتخابات المبكرة ومعالجة الأزمة الاقتصادية والصحية الطارئة، إضافة الى أولويات التشريع وأطر مكافحة الفساد وتشجيع القطاع الصناعي والزراعي وتفعيل الاستثمار والقطاع الخاص.
الثلاثاء المقبل موعد نيل الثقة؟
في السياق عينه، أعلن تحالف «سائرون» العراقي، الخميس الماضي، عن تحديد يوم الثلاثاء المقبل، موعداً لعقد جلسة البرلمان المخصصة لمنح الثقة لحكومة الكاظمي، مشيراً إلى أن جميع الحقائب حسمت باستثناء ثلاث منها. وكانت قد رشحت معلومات عن أن الوزارات الثلاث المتبقية التي لم تحسم بعد، هي الداخلية والدفاع والمالية، وستُقدم الكابينة الوزارية من دونها إذا لم يتم الاتفاق عليها.
وكانت تسريبات عن التركيبة الوزارية قد أثارت جدلاً واسعاً وخلافات حادة بين الكتل السياسية حول أسماء بعض المرشحين ومن بينهم المرشح لحقيبة المالية فؤاد حسين وهو من «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي تطالب الكتل السياسية باستبداله لكونه يشغل هذا المنصب حالياً إضافة إلى الجدل الدائر حول الوزارات السيادية التي يطالب الرئيس المكلف مصطفى الكاظمي لإبعادها عن التجاذبات السياسية.
وقد أثار إصرار الكرد والسنة على تسمية المرشحين لحصصهم من الحقائب الوزارية حفيظة بعض القوى الشيعية التي طالبت بأن تكون المعايير موحدة للجميع. يُشار إلى أن الكرد يطالبون بثلاث أو أربع حقائب وزارية إحداها سيادية هي النفط أو المالية أو الخارجية.
إجماع على تمرير كابينة الكاظمي
وبالرغم من الأجواء التفاوضية التي غلب عليها طابع المحاصصة ورفع السقوف بغية الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب، يبدو جلياً أن ثمة توافقاً بين جميع الأفرقاء على إنجاح مهمة الكاظمي والخروج بتشكيلة حكومية ترضي الجميع، وهذا ما أكده رئيس الوزراء السابق رئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي.
أما رئيس الوزراء المكلف نفسه مصطفى الكاظمي فقد أعلن رفضه أي ضغوط هدفها تقويض الدولة. وقال في تغريدة له، إن «المسؤولية التي تصديتُ لها في هذا الظرف العصيب ووسط تحديات اقتصادية وصحية وأمنية، هي مسؤولية وطنية». وتابع: «أقبلُ الضغوط فقط عندما تدعم مسار الدولة، وأرفض أي ضغط هدفه تقويض الدولة».
المصالح الأميركية
وفي إطار الاجتماعات التنسيقية التي يعقدها الكاظمي مع مختلف المكونات تمهيداً لتسلمه مقاليد رئاسة الوزراء، أعلن اﻟﻨﺎطق ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻘﺎئد اﻟﻌﺎم ﻟﻠقوات المسلحة العراقية ﻋبد الكريم خلف، أن رئيس مجلس اﻟﻮزراء المستقيل ﻋﺎدل ﻋبد المهدي، قرر إطلاع رئيس اﻟﺤكوﻣﺔ المكلف ﻣﺼطفى اﻟكاظمي على ﺠﻤﻴﻊ الملفات اﻟﺘﻲ ﺘﺒﺤﺜﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ العراقية ﻣﻊ اﻟﺠﺎنب اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ.
وقال ﺧﻠﻒ في تصريح لوسائل إعلام حكومية، إن «اﻟﻘﺮار هدفه أن ﻳكون رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ المكلف ﻋﻠﻰ دراﻳﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﺠﻤﻴﻊ المواضيع اﻟﺘﻲ ﺳﺘُﺒحث ﻣﻊ الوﻻﻳﺎت المتحدة لمتابعتها واﺗﺨﺎذ اﻟخطوات اﻟﻼزﻣﺔ ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ بعد ﺗأليف اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ الجديدة.
وأشار ﺧﻠﻒ إلى أن «اﻟﻌﺮاق ﻳﻌﻜﻒ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﺟﻤﻴﻊ الملفات اﻟﺘﻲ ﺳﺘُﺒحث ﻣﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت المتحدة الأﻣﻴﺮﻛﻴﺔ وﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﺠﻬﺎت المختلفة المعنية ﺑﻬا لإﻧﻀﺎﺟﻬﺎ وﻋﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ رﺋيس اﻟﻮزراء ﻗﺒﻞ انطلاق المفاوضات»، لافتاً إلى أن «الملفات ﻟﻴست ﻣﻘﺘﺼﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎنب الأﻣﻨﻲ ﺑﻞ ﺗﺘﻌﻠﻖ أﻳﻀاً ﺑﺎﻟﻌﻼﻗﺔ الاستراتيجية بين اﻟﺒلدين، ﻛﻤﺎ ﺗﺸﻤﻞ المجالات اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ المثبتة ﺿﻤﻦ اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ الإطار الاستراتيجي.
توافق أميركي–إيراني
الإيرانيون والأميركيون لم يبدوا حتى الساعة أي تحفظات على الكاظمي، بل على العكس من ذلك، ثمة مؤشرات عديدة ظهرت توحي بأن الرجل المعتدل قد يستطيع تأدية دور الإطفائي بين الخصمين اللدودين واشنطن وطهران، أقله على الأراضي العراقية، سعياً إلى تجنيب بلاده تبعات الصراع بين الدولتين، كذلك، قد ينجح الكاظمي في دور البريد النزيه بينهما لما يتمتع به من علاقات جيدة مع الطرفين.
وقال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الأربعاء الماضي، إن على الزعماء العراقيين التخلي عن نظام المحاصصة الطائفية وتقديم تنازلات للمساعدة على تشكيل حكومة وتعزيز العلاقة الثنائية بين واشنطن وبغداد.
آخر مستجدات أزمة كورونا
على العكس من عدد كبير من الدول التي بدأت تسجل تراجعاً في انتشار وباء كورونا، يسجل العراق وتيرة متسارعة في عدد المصابين، وهو ما قد يدفع الحكومة الى إعلان الحظر الشامل في كل أنحاء البلاد.
فبحسب عضو خلية الأزمة عباس عليوي، فإن عدم التزام المواطنين بإجراءات حظر التجوال تسبب بارتفاع الإصابات خلال الأيام القليلة الماضية، لافتاً إلى أن بعض المواطنين يرون أن الوباء هو أكذوبة حكومية لإبقائهم في بيوتهم وهذا الأمر أثر سلباً على حصر انتشار الوباء.
وأضاف عليوي أن خلية الأزمة الحكومية ستتخذ قرارات تراجعية خلال الساعات المقبلة وفق دراسة الموقف الوبائي لانتشار الفيروس، مرجّحاً إعلان الحظر الشامل في المحافظات كافة بعد ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا. وقد بلغ مجموع الإصابات الكلي في العراق حتى الخميس الماضي نحو 2,085 إصابة بينها 1,375 حالة شفاء، و93 حالة وفاة.
الأزمات كبيرة والمسؤولية أكبر
أزمات كبيرة ومتشابكة تشهدها الساحة العراقية وهي بمثابة تركة ثقيلة سيرثها رئيس الحكومة الجديد مصطفى الكاظمي الذي يتوقع له أن يتجاوز امتحان الثقة في البرلمان، الثلاثاء المقبل.
توازنات دولية تحكم إيقاع اللعبة السياسية في العراق وصراع أقطاب يدور على أرضه… حتى باتت بغداد مسرحاً لتبادل الرسائل بين القوى الأساسية اللاعبة على المسرح الإقليمي.
يقول الكاظمي إن من بين أولوياته تحييد بلاده عن تلك الصراعات بغض النظر عن الهوية الحقيقية لمن يريد نهب خيرات العراق وسرقة ثرواته وبسط هيمنته على المنطقة برمتها.
ولعل الكاظمي يدرك أن الحكومات الضعيفة، التي ترتمي في أحضان الكبار طمعاً بالحماية مصيرها أن تخسر أمنها ومقدراتها… فلا عنب الشام طالت ولا بلح اليمن.
Leave a Reply