واشنطن
في اللحظات الأخيرة، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الخميس الفائت، على تشريع أقرّه الكونغرس على عجل لتمويل الحكومة الفدرالية حتى الرابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وذلك بعد تراجع الديمقراطيين عن ربط التشريع بتعليق سقف الدين العام، تفادياً لإغلاق الحكومة مع بداية السنة المالية الجديدة في مطلع تشرين الأول (أكتوبر).
وفي غضون ساعات، كان مجلس الشيوخ قد صادق على تشريع ميزانية مؤقتة كفيلة بتجنب الإغلاق الحكومي لحوالي شهرين، بـ65 صوتاً مقابل 35 صوتاً، ومجلس النواب بـ254 صوتاً مقابل 175، قبل ساعات قليلة من حلول منتصف الليل، ودخول الحكومة الفدرالية في إغلاق جزئي.
وعلى الرغم من انتهاء العام المالي في 30 سبتمبر، لا تزال الولايات المتحدة بدون ميزانية متفق عليها للعام المالي الجديد، حيث يستمر الجدل بين أعضاء الكونغرس بشأن حزمة الدعم الاجتماعي التي يريدها الديمقراطيون بقيمة 3.5 تريليون دولار.
ويهدد اليساريون في الحزب الديمقراطي بعرقلة مشروع البنية التحتية الذي مرره مجلس الشيوخ بدعم جمهوري محدود، بقيمة 1.2 تريليون دولار، إن لم يتم تمرير حزمة الدعم الاجتماعي التي يصفها الجمهوريون بأنها أجندة اشتراكية خطها السناتور اليساري بيرني ساندرز.
ورحب زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، «بوحدة الصف هذه التي نادراً ما تحدث»، في إشارة إلى تصويت عدد كبير من المشرعين الجمهوريين لصالح التشريع.
ويشمل قانون التمويل المؤقت أيضاً 28.6 مليار دولار للمجتمعات التي تضررت من الكوارث الطبيعية على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية و6.3 مليار دولار للمساعدة في دعم إعادة توطين اللاجئين الأفغان.
وعملت واشنطن جاهدة لتفادي إغلاق جزئي للحكومة كان من المحتمل أن يؤدي إلى حصول مئات الآلاف من العمال الفدراليين على إجازات في خضم أزمة صحية وطنية، في حال لم يمدد الكونغرس الموازنة إلى ما بعد منتصف ليل 30 سبتمبر، موعد انتهاء السنة المالية في الولايات المتحدة.
وبانتهاء تمويل معظم الوكالات الفدرالية، منتصف ليل الخميس الماضي، كان من المرتقب أن تدخل الحكومة في الإغلاق الفدرالي الثاني خلال ثلاث سنوات فقط، وفقاً لـ«رويترز».
يذكر أن آخر إغلاق حكومي في الولايات المتحدة بدأ في 22 ديسمبر 2018، واستمر 35 يوماً، ما يعتبر فترة قياسية لعدم عمل الحكومة الفدرالية.
أزمة لا تقل خطورة
وبتوقيع قانون تمويل الحكومة الفدرالية، نجح الكونغرس في معالجة أزمة واحدة مؤقتاً، ولكنه أجل أزمة أخرى لا تقل تعقيداً حول كيفية رفع سقف الاقتراض الحكومي قبل أن تخاطر الولايات المتحدة بتخلف كارثي محتمل عن سداد الالتزامات.
والثلاثاء الماضي، رجحت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، أن تستنفد وزارتها الإجراءات اللازمة لمواصلة تمويل الحكومة، في 18 أكتوبر الجاري، وأن ينفد النقد ما لم يرفع الكونغرس سقف الاقتراض الفدرالي.
وقالت في رسالة إلى قادة الكونغرس إنه بعد هذا التاريخ «ستكون لدى وزارة الخزانة موارد محدودة للغاية ستُستنفد بسرعة. ومن غير المؤكد ما إذا كان بإمكاننا الاستمرار في الإيفاء بجميع التزامات البلاد بعد ذلك التاريخ».
ويصرّ الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأميركي على رفض تأييد أي زيادة لسقف الديون أو تعليق العمل بهذا السقف، على الرغم من أنهم ساروا في هذا الاتجاه في عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب.
وكررت يلين التحذير من عواقب وخيمة إذا فشل المشرعون في التصرف بسرعة بما فيها التخلف عن سداد الديون وتقويض الدولار الأميركي، لدى مثولها أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ.
وقالت في شهادتها المعدة مسبقا: «من الضروري أن يعالج الكونغرس بسرعة سقف الديون. إذا لم يفعل ذلك، فستتخلف الولايات المتحدة عن السداد للمرة الأولى في التاريخ».
بدون إقرار الزيادة، لن تكون الحكومة قادرة على دفع رواتب موظفي القطاع العام أو رواتب المتقاعدين أو سداد خدمة ديون الدولة.
وقالت يلين إن ذلك «سيقوض الثقة في الدولار كعملة احتياط» و«كملاذ آمن». وأضافت «سنكون أمام أزمة مفتعلة فرضناها على هذا البلد الذي يمر بفترة صعبة للغاية وهو في طريقه للتعافي».
وفي عهد ترامب، علق السقف مدة عامين على أساس توافق الحزبين بعدما جادل الجمهوريون في ذلك الوقت بأن عدم القيام بذلك «سيمثل كارثة».
وأعيد سقف الديون في الأول من أغسطس الماضي مع بلوغ ديون البلاد 28.4 تريليون دولار.
ولا يؤدي رفع سقف الدين إلى زيادة الإنفاق، ولكنه يسمح ببساطة لوزارة الخزانة بتمويل المشاريع التي وافق عليها الكونغرس من قبل، بما في ذلك تريليونات الدولارات من المساعدات التي تقررت خلال جائحة «كوفيد–19».
وقالت يلين إن الإنفاق ساعد في دعم تعافي البلاد الذي وصفته بأنه «أقوى من مثيلاته في الدول الغنية الأخرى». لكن العجز عن رفع سقف الديون –الذي أقر 78 مرة منذ العام 1960 على أساس التوافق بين الحزبين بشكل دائم تقريباً– يمكن أن يتسبب «بحدث له وقع كارثي على اقتصادنا»، بحسب الوزيرة اليهودية الأميركية.
وقالت يلين في شهادتها «يجب علينا معالجة هذه القضية للإيفاء بالالتزامات التي تعهد بها الكونغرس الحالي –والكونغرس السابق– بما في ذلك تلك التي تم التعهد بها لمعالجة الأثر الصحي والاقتصادي للوباء».
وفي رسالتها الأخيرة إلى المشرعين، شددت يلين مجدداً على أن الموافقة الفورية أمر بالغ الأهمية لأن «الانتظار حتى اللحظة الأخيرة يمكن أن يتسبب في ضرر جسيم لشركات الأعمال ولثقة المستهلك ويرفع تكاليف الاقتراض لدافعي الضرائب ويؤثر سلباً على التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لسنوات قادمة».
وأضافت: «قد يؤدي الفشل في التحرك بسرعة إلى اضطرابات كبيرة في الأسواق المالية، وتزايد عدم اليقين قد يؤدي إلى تفاقم التقلبات وتقويض ثقة المستثمرين».
بدوره، حذر رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، الذي أدلى أيضاً بشهادته في جلسة الاستماع، من عواقب وخيمة، مثله مثل عدد من وزراء الخزانة السابقين ومجموعات الأعمال.
وللتغلب على الأزمة إذا لم يتم التوافق بين الحزبين، قالت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، الثلاثاء الماضي، إن النائب الديمقراطي البارز، جيري نادلر «يريد الحصول على عملة معدنية بقيمة تريليون دولار لا تتطلب موافقة الكونغرس».
Leave a Reply