ديربورن – «صدى الوطن»
أعلنت وزارة العدل الأميركية –الخميس الماضي– أنه تم اعتقال رجلين لبنانيين أميركيين مطلع حزيران (يونيو) الجاري، في ميشيغن ونيويورك، للاشتباه بارتباطهما بـ«حزب الله» اللبناني، المصنف كتنظيم إرهابي بحسب وزارة الخارجية الأميركية.
ومثل كل من سامر الدبق وعلي كوراني أمام المحكمة الفدرالية في مانهاتن، حيث وجهت إليهما تهم بتقديم دعم مادي لـ«حزب الله» وتلقي تدريبات على استخدام السلاح في صفوفه والقيام بمهام استطلاع لصالح وحدة الاستخبارات الخارجية للحزب، المعروفة باسم «تنظيم الجهاد الإسلامي» أو الوحدة «٩١٠»، بحسب بيان وزارة العدل.
وقال مدعي عام مانهاتن جون كيم «اليوم نعلن عن (توجيه) اتهامات خطيرة بالإرهاب لشخصين يُزعم أنهما تدرّبا مع تنظيم الجهاد الإسلامي، التابع لـ«حزب الله» الإرهابي الأجنبي».
وأوضح جون كيم أن سامر الدبق وعلي كوراني تلقّيا تدريبات على كيفية استخدام أسلحة مثل قاذفات القنابل اليدوية والمدافع الرشاشة، لاستخدامها في «دعم المهمة الإرهابية للمجموعة». وأضاف كيم أن الاتهامات تشير إلى أن «الدبق قام بمهام تحديد موقع السفارتين الأميركية والإسرائيلية في بنما وتحديد نقاط ضعف قناة بنما ومراقبة السفن فيها، كما يزعم أن كوراني قام بمراقبة أهداف محتملة في أميركا بينها مرافق عسكرية وأخرى تابعة لوكالات إنفاذ القانون في مدينة نيويورك».
لائحة الاتهامات
تم اعتقال الدبق (٣٧ عاماً) في مدينة ليفونيا بعد مداهمة منزله الكائن في ديربورن، الخميس الأول من حزيران (يونيو) الجاري، في حين تم اعتقال كوراني (٣٢ عاماً) في اليوم نفسه بحي برونكس في مدينة نيويورك.
ومثل الدبق أمام المحكمة الفدرالية في مانهاتن الإثنين الماضي، الخامس من حزيران، بعد ترحيله يوم الجمعة إلى نيويورك، حيث وجهت له تهم تقديم دعم مادي لمنظمة خارجية مصنفة إرهابية، وهي تهمة تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 20 سنة، إضافة إلى تهمة التآمر لتقديم دعم مادي وتصل عقوبتها إلى السجن 20 سنة، وتهمة تلقي تدريب عسكري في منظمة إرهابية وتصل عقوبتها إلى السجن 10 سنوات أو دفع غرامة، وكذلك تهمة التآمر لتلقي تدريب عسكري وتصل عقوبته إلى السجن 5 سنوات أو دفع غرامة.
كما وجه الادعاء الفدرالي للدبق تهمة امتلاك وحمل واستخدام أسلحة نارية وأدوات تدميرية مرتبطة بجرائم العنف، وتصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة، والمساهمة في نقل أموال وبضائع وخدمات من «حزب الله» وإليه، بما يخالف القانون الأميركي، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى السجن 20 عاماً.
وقد تم توجيه نفس التهم لعلي كوراني الذي أُلقي القبض عليه في حي برونكس بمدينة نيويورك. وزج بالمتهمين في السجن من دون كفالة.
معلومات عن كوراني
في التفاصيل، وبحسب المعلومات التي كشفت عنها وزارة العدل الأميركية، فقد ولد كوراني في لبنان وتلقى تدريبات على السلاح في معسكرات «حزب الله» عام 2000 وكان حينها في الـ16 من عمره.
وبعد دخوله قانونياً إلى الولايات المتحدة في 2003 حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الطبية الحيوية في 2009 وعلى شهادة الماجستير في إدارة الأعمال في 2013.
شهد كوراني وبعض أقاربه حرب تموز 2006 حيث تم تدمير منزل عائلته، وفي عام 2008 تم تجنيده في «تنظيم الجهاد الإسلامي»، وهو نفس العام الذي تقدم فيه بطلب التجنيس في أميركا، وادعى كذباً أنه لا ينتمي إلى أية منظمة إرهابية، بحسب وثائق الادعاء العام الفدرالي.
وفي 2009 أصبح كوراني مواطناً أميركياً واستصدر جواز سفر أميركي، ومع أنه قد نفى أية نوايا لديه بالسفر خلال ملئه لاستمارة جواز السفر، إلا أنه سافر ذلك العام إلى مدينة غوانزو الصينية وادعى لاحقاً لـ«مكتب التحقيقات الفدرالي» أن الغرض من تلك الزيارة كان اللقاء مع مصنعي أجهزة طبية والاجتماع برجال أعمال آخرين.
ويقول الادعاء الفدرالي إن كوراني كان لديه ضابط ارتباط مسؤول عنه يتولى توجيهه وتدريبه وتحديد مهامه، وكانا يتواصلان عبر شيفرات بواسطة البريد الالكتروني.
في عام 2011 –على سبيل المثال– حضر كوراني معسكر تدريب عسكري في منطقة «بركة جبرور» في لبنان بناء على توجيه من الضابط المسؤول عنه حيث تم تدريبه على استخدام التكتيكات والأسلحة العسكرية، من بينها استخدام القنابل والبنادق والمدافع الرشاشة.
وقد أنيطت بكوراني عمليات شملت البحث عن موردي أسلحة في الولايات المتحدة، وكذلك تحديد الأفراد المرتبطين مع قوات الجيش الإسرائيلي، وجمع المعلومات بشأن عمليات وأمن المطارات في أميركا وأماكن حيوية أخرى، وكذلك مراقبة مرافق القوات العسكرية الأميركية ووكالات إنفاذ القانون في مانهاتن ببروكلين.
وقد نقل كوراني بعض ما توصل إليه من المعلومات الاستخباراتية إلى أعضاء المنظمة في لبنان باستخدام وسائل التخزين الرقمية، بحسب الادعاء.
معلومات عن الدبق
أما الدبق، وهو حاصل على الجنسية الأميركية أيضاً، فقد تم تجنيده من قبل «حزب الله» في أواخر العام 2007 أو أوائل العام 2008، بحسب بيان وزارة العدل الذي أشار إلى أن الدبق، بدأ باستلام رواتب من الحزب بعد شهور قليلة من تلك الفترة وحتى العام 2015. وأورد البيان أنه في تموز (يوليو) 2006، وقبيل تجنيده من قبل الحزب، عبّر الدبق في رسالة بريدية عن دعمه لأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله.
ويقول الادعاء الفدرالي إن الدبق تلقى تدريبات عسكرية من قبل «حزب الله» في لبنان في عدة مناسبات بين العامين 2008 و2014، من ضمنها التدريبات على التكتيكات العسكرية الأساسية والتعامل مع مختلف الأسلحة وتقنيات المراقبة والمراقبة المضادة، وتصنيع وإعداد المتفجرات.
واستناداً للمعلومات التي حصل عليها مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) من الدبق، توصل خبراء المتفجرات في الوكالة إلى أن الدبق تلقى تدريباً مكثفاً على أعلى مستوى لصنع المتفجرات، ولديه درجة عالية من التطور التقني في هذا المجال.
وقد تلقى الدبق في 2010 رسالة بريدية تضم قائمة بالمواد الخام التي يمكن إرسالها من سوريا أو دبي، بينها مواد من الممكن غالباً أن تستخدم في صناعة المتفجرات.
ويقول الإدعاء الفدرالي أن الدبق تولى تنفيذ مهام لـ«حزب الله» في تايلاند وبنما، وفي 2009 سافر من لبنان إلى تايلاند عن طريق ماليزيا، حيث كانت مهمته التخلص من آثار مواد متفجرة في منزل في بانكوك، بعدما أخلى آخرون المنزل لكونهم تحت المراقبة. وقد استخدم الدبق جواز سفره الأميركي للانتقال من ماليزيا إلى تايلاند من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول.
وفي مهمة أخرى لـ«حزب الله»، سافر الدبق إلى بنما في 2011 حيث قام بتحديد موقعي السفارتين الأميركية والإسرائيلية والتعرف على الإجراءات الأمنية في قناة بنما والسفارة الإسرائيلية.
وفي أوائل العام 2012 سافر الدبق إلى بنما مرة ثانية في مهمة لـ«حزب الله»، مروراً بنيويورك ونيوجرزي، وطلب منه تحديد مناطق الضعف في قناة بنما، فضلاً عن تقديم معلومات حول أقصر مسافة يمكن أن يصلها المرء بالقرب من سفينة تعبر القناة، ولدى عودته من بنما طلب مشغلو الدبق منه صوراً فوتوغرافية للسفارة الأميركية وتفاصيل حول إجراءاتها الأمنية.
وأبلغ الدبق مكتب التحقيقات الفدرالي أن «حزب الله» قد قام باعتقاله في الفترة بين كانون الأول (ديسمبر) 2015 ونيسان (أبريل) 2016 لاتهامه زوراً بالتجسس لصالح الولايات المتحدة.
الغارة على ديربورن
وكان الدبق من سكان نيويورك قبل عودته للعيش في لبنان منذ حوالي ثماني سنوات، إلا أنه عاد إلى نيويورك العام الماضي، ثم انتقل قبل عشرة شهور تقريباً للعيش في ديربورن مع عائلته.
وكانت مجموعة كبيرة من عناصر الـ«أف بي آي» وشرطة ميشيغن ونيويورك، قد قامت بتطويق المنزل (قرب تقاطع شارعي وورن وجوناثن) ومداهمته حوالي الساعة الخامسة من مساء الخميس، أول حزيران. واستمرت العملية حتى الساعة العاشرة ليلاً وتخللها نقل عشرات الصناديق من الأدلة المصادرة من داخل المنزل المكون من طابقين، ومن ضمنها كميات من المفرقعات الخاصة بقوالب الحلوى، وهواتف، وجهاز كومبيوتر لوحي، وكذلك جواز سفر المتهم الأميركي الجنسية.
وأثارت المداهمة قلق سكان الحي بعدما قامت الشرطة بسد منافذ شارع جوناثن فيما طُلب من الأهالي البقاء داخل منازلهم، بعدما أُخبروا أن العملية تتعلق بحماية الأمن الوطني.
وكان داخل المنزل المستهدف زوجة الدبق وطفلتاه الصغيرتان إضافة إلى شخص في الخمسينات من العمر يسكن الشقة الثانية من المنزل، وقد تم احتجازهم جميعاً لمدة ساعة تقريباً قبل أن يخلى سبيلهم ويسمح لهم بالعودة إلى منازلهم.
ونفى مصدر مقرب من العائلة لـ«صدى الوطن» أن يكون سامر الدبق متورطاً بالإرهاب، مؤكداً أنه رجل ملتزم بعائلته وعمله كسائق شاحنة، وأن المفرقعات النارية التي عثر عليها في كاراج المنزل هي لجار الدبق الذي يتشارك معه المرآب.
وأضاف المصدر قائلاً «على الجميع أن يتحلوا بالصبر ريثما تتكشف الحقائق، ومع مرور الوقت سوف يثبت أنه تم تلفيق سيناريو معقد حول شخص طيب لا ينبغي محاكمته لمجرد أن قام الـ«أف بي آي» بتوجيه التهم له».
وأشار المصدر إلى وجود الكثير من الشائعات حول اعتقال الدبق، مؤكداً أنها «بمجملها مزاعم باطلة لا أساس لها من الصحة»، وقال «لم يتم العثور على أي شيء غير قانوني في المنزل الذي تم تفتيشه بكل دقة».
«أف بي آي»–ديترويت
وأشار بيان صحفي صادر عن مكتب التحقيقات الفدرالي في ديترويت، الخميس الماضي، أنه «ليس لدى مكتب التحقيقات أية معلومات مؤكدة عن أي تهديد إرهابي في منطقة ديترويت الكبرى»، فيما يتصل بقضية اعتقال سامر الدبق.
وطالب البيان أبناء المنطقة أن يبقوا متيقظين وأن يبلغوا وكالات إنفاذ القانون المحلية حول أي من النشاطات المشبوهة، أو الاتصال بوحدة مكافحة الإرهاب لدى الـ«أف بي آي» على الرقم: 313.965.2323
Leave a Reply