علي حرب
لم يمنع المناخ السياسي القاتم فـي لبنان، اللبنانيين الأميركيين من الإحتفال بعيد الاستقلال الحادي والسبعين لوطنهم الأم، حيث احتشد أكثر من ١٠٠ من الناشطين فـي بهو «المتحف الوطني العربي الأميركي» فـي ديربورن مساء الإثنين الماضي ليتقاسموا الطعام ويتجاذبوا أطراف الحديث احتفالاً بهذه المناسبة.
ومن المفارقات أنْ يحتفل اللبنانيون فـي بلدان الاغتراب ومنها مدينة ديربورن بالتحديد بهذا العيد الوطني بزخم أكبر من سكان لبنان انفسهم وكذلك المسؤولين فـي العاصمة بيروت، بعد أنْ الغى رئيس الوزراء اللبناني العروض العسكرية لعيد الإستقلال بسبب الشغور فـي موقع الرئاسة وعدم استباب الوضع الأمني.
ويعيش لبنان بلا رئيس جمهورية منذ ستة أشهر بعد انقضاء فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته ميشال سليمان وفشل البرلمان فـي انتخاب رئيس جديد للدولة. ولكن مسألة القصر الرئاسي غير المأهول لا تتصدر قائمة الإهتمام الكبير فـي البلد.
فالجمود السياسي والتوترات المذهبية والتلوث الغذائي وخطر الجماعات التكفـيرية المتطرفة والمخاوف الأمنية والحرب المستعرة فـي سوريا المجاورة، على سبيل المثال لا الحصر هي القضايا الحساسة التي تضغط بقوة على يوميات حياة اللبنانيين.
وينقسم المجتمع اللبناني بشكل حاد على أسس طائفـية وسياسية إلى كتلتين متنافستين تشكلتا من عدة أحزاب سياسية تسيطر علىالمؤسسة التشريعية فـي البلاد. ولكل من الكتلتين رعاة وداعمون دوليون وإقليميون. وبينما يؤيد الغرب كتلة ١٤ اذار (مارس) تدعم سوريا وإيران كتلة ٨ اذار.
غير أن حاضري الإحتفال فـي ديربورن لا يعيرون إهتماماً للحياة الحزبية فـي لبنان. وقد تحدث معظم المشاركين الذين قابلتهم «صدى الوطن» فـي هذه المناسبة حول ضرورة إجراء الإصلاحات الإجتماعية والسياسية فـي البلاد ورفض الطائفـية فـي وطنهم ومحاربة الفساد والمحسوبية وإعادة هيكلة الدولة. وكيل العقارات ديف عبد الله ألقى باللوم حول مشاكل لبنان على النظام الطائفـي، الذي يوزع المناصب الحكومية على أساس حصص الطوائف والمذاهب. وقال «فـي لبنان، يركز السياسيون كثيراً الطائفـية فـي تسلم الوظائف وهذا مناف للديمقراطية ومصدرالتوتر والخلاف. الدين هو علاقة الإنسان بخالقه. ويجب أن تكون هناك حرية فـي ممارسة الشعائر الدينية على اشكالها، لكن الدين والطائفة أو المذهب لا يجب أنْ يكون العامل الحاسم حول من أنت وما هو موقعك، وكلما انتمينا الى لبنان بمواطنيتنا كلما تقدم لبنان وأزدهروتساوى شعبه بالحقوق والواجبات».
وحسب الدستور اللبناني يجب أن يكون الرئيس مسيحياً مارونياً. وتدعم الكتلتان الرئيسيتان فـي البرلمان شخصيتين مستقطبتين متناقضتين لمنصب الرئيس فـي البلاد، ففريق ١٤ آذار يدعم رئيس «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بينما يدعم فريق ٨ اذار زعيم «التيار الوطني الحر» الجنرال ميشال عون.
لكن ديف عبد الله يعتقد «أنَّ من يقوم بخدمة البلاد بشكلٍ أفضل يجب انتخابه، بغض النظر عن الحسابات السياسية».
وقالت الناشطة سهيلة أمين ان اللبنانيين الأميركيين لديهم الرغبة فـي إقامة الجسور مع وطنهم الأم ولكنهم يريدون للبنان أنْ يصبح فـي حالة أفضل، حتى يتمكنوا من نقل فخرهم بوطنهم إلى الأجيال القادمة، من دون ربط لبنان بمنظومة الفساد والطائفـية. واضافت أمين «من المهم جداً أن يسعى السياسيون اللبنانيون لبناء التفاهم بين أعضاء مجلس النواب، حتى يتمكنوا من تمثيل أفضل للشعب والوطن ويوفروا للمواطن اللبناني الفرص التي يستحقها».
وقال حسن بزي، رئيس منظمة «مجتمع ديربورن هايتس الأهلي» ردَّاً على سؤال حول الأزمة السياسية فـي لبنان إنَّ «البلاد تتهاوى». وعن الإحتفال بعيد الاستقلال، أكد «أنا لا أعرف بماذا نحتفل اليوم، لا يوجد هناك لبنان للحديث عنه».
وأضاف بزي أنه لا يدعم أي شخص من الطبقة السياسية الحالية للرئاسة. وأردف «أننا بحاجة إلى التغيير الحقيقي. لقد غادرت لبنان قبل ٢٥ عاماً، ونفس الوجوه لا تزال فـي صدارة المشهد السياسي، فـينبغي عليها أنْ تتنحى جانباً وتسمح للجيل الجديد لإنقاذ الوطن وإعادة هيكلة النظام بأكمله».
وأكد رجل الأعمال راسل عبيد على أهمية الوحدة والتعاون من أجل رفاه لبنان. واستطرد «فـي مجال الأعمال التجارية، تعلمت أن واحداً زائد واحد يساوي ثلاثة لآني أنا وأنت يمكننا الحصول على شخص ثالث للإنضمام إلينا. فـي لبنان، واحد زائد واحد يساوي صفراً لأنني أريد أن اخذ ما لديك، وفـي نهاية المطاف لن يتبقى معنا أي شيء». وفـي كلمة مقتضبة، شكر بلال قبلان قنصل لبنان العام فـي ديترويت الحضور ووصف اللبنانيين الأميركيين بالجسر بين لبنان والولايات المتحدة.
Leave a Reply