ينشغل اللبنانيون بالانتخابات النيابية التي ستفرز واقعاً سياسياً جديداً في لبنان، ومعظم المراقبين يرصدون مواقف ومعطيات سياسية توحي ان مرحلة ما بعد الانتخابات هي بالتأكيد غير ما قبلها،وهذا ما يدعو البعض الى التنبؤ ان المرحلة المقبلة هي مرحلة “الوسطيين” او “الحياديين”، او “الملتزمين بخط رئيس الجمهورية”، بعدما صار لزاماً الخروج من الاصطفافات على وقع المحطات الخارجية، دون ان يعني ذلك تبني رئيس الجمهورية لأي مرشح، بل ان عملية الفرز حاصلة عند البعض من خلال تصنيف نفسه بهذه الصفة (الرئيس نجيب ميقاتي)، او ستكون لاحقة تبعاً لنتائج العملية الانتخابية او المصالح الشخصية.
يضاف الى ذلك ان اللبنانيين يسمعون يومياً عن سجالات حادة بين افرقاء الحلف الواحد،لم تعد خافية على احد ولم تنفع في انكار وجودها كل البيانات والتصريحات التي تتدعي وحدة الموقف والخيار، مما اوجد اهتزازاً بنيوياً عند الجمهور، بالتزامن مع المحطات الخارجية المتصالحة التي افقدت الافرقاء مادة دسمة، لطالما لجؤوا اليها عند كل ازمة داخلية.
واتى خطاب زعيم من قوى ١٤ اذار النائب وليد جنبلاط التصالحي الداعي لصفحة جديدة، ليزيد الاجواء تحضيراً للتغيير.. حتى قيل ان هجوم نواب كتلة النائب سعد الحريري على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والحديث عن رغبة لديهم بعدم انتخابه رئيساً للمجلس، بأنه رسالة للنائب جنبلاط، الداعي للانفتاح على بري عملياً، وقطعاً للطريق امام انفتاح جنبلاط قبل الانتخابات.
ورغم كل اشتداد الصراع السياسي سابقاً في لبنان، وعناوين ٨ و ١٤ اذار… إلا ان الامور في لبنان مختلفة عملياً الان، وكل فريق ضمن التحالف الواحد يسعى لتأمين مقاعد لحزبه او تياره،والخطاب يتجه نحو التغيير…
فليس باستطاعة افرقاء ١٤ اذار الهجوم على سوريا بالشكل الذي كان سابقاً، بعد ان فتحت سفارتها،ونشطت العلاقات الديبلوماسية، وحدثت المصالحة السورية-السعودية، وبدأت التغييرات الاميركية.
وليس باستطاعتهم الحديث بذات الدفع عن سلاح المقاومة، في ظل المتغيرات الخارجية و التطرف الاسرائيلي الذي يحذر منه جنبلاط…
هذا التغيير جعل جميع القوى السياسية تتحدث عن برامج انتخابية خاصة: في الاقتصاد والخدمات والانماء… وهذا ما افتقده الناخبون اللبنانيون سابقاً بهذا الحجم.
فهل سينتخب اللبنانيون على اساس سياسي ام خدماتي؟
المراقبون يقولون ان تقسيم الداوئر الانتخابية على اساس القضاء صب باتجاه اهتمام المرشح بمنطقته ورفع شعار الخدمات والانماء، ومن هنا الاهتمام بالبرامج الانتخابية -على غير عادة-.
غير انهم يقولون ان اللبناني مسيّس، وصعب عليه ان يخرج من عصبيته السياسية حين يدعو السياسيون للدعم “نصرة للقضية”.
ونتيجة المعطيات السياسية الحالية ومحاولات رأب الصدع، فان حجم التغييرات قبل الانتخابات سيكون محدودأ، غير ان ما بعد الانتخابات غير ما قبلها “فلا ٨ ولا ١٤.. والحكومة الائتلافية اتية لا محالة”، خصوصاً ان المعارضة اليوم ترفض ان تستلم زمام الامور وحدها اذا فازت، ليس حباً بالمشاركة الوطنية فحسب، بل خوفأ من تحمل عبء الازمة المالية المقبلة، والتي تقف الان عند حدود الدوائر الانتخابية، التي تمنعها من الدخول. ولكن ماذا بعد غياب الدوائر؟
اقتصادي مخضرم يعلق قائلاً: ويلنا من بعدك يا انتخابات .
Leave a Reply