“اللجنة التحضيرية” للجالية اليمنية.. لجنتان:
واحدة تدعو إلى انتخابات، وأخرى تقول إنها تمت
ديربورن –خاص “صدى الوطن”
تشهد الجالية اليمنية في ولاية ميشيغن الكثير من النقاشات والانقسامات حول تشكيل “اللجنة التحضيرية” التي سيكون في رأس أولوياتها تأليف لجنة عمومية لهيئة الجالية اليمنية في ولاية ميشيغن، وذلك وفقاً للائحة منظمة الجالية اليمنية التي أصدرتها الحكومة اليمنية.
وكانت النشاطات والتفاعلات بشأن تشكيل “اللجنة التحضيرية” قد بدأت عقب زيارة وكيل عام وزارة المغتربين سيف العماري الذي قام بزيارة ميشيغن في منتصف شهر أيلول الماضي، بهدف الاطلاع على أحوال الجالية اليمنية في الولايات المتحدة، وتفعيل دورها وتنظيم شؤونها على خلفية قرار صدر عن رئاسة الوزراء في اليمن.
وكان من ضمن الأهداف المنشودة “للجنة” إخراج الجاليات اليمنية من أزماتها وانقساماتها وتمزقها وتشتتها وانعدام الثقة بين أبنائها، والعمل على إيجاد صيغة تلتقي عندها تطلعات اليمنيين المغتربين في المهجر الأميركي. ولكن تتيح المتابعة لأخبار تشكيل اللجنة أن الأمور تزداد سوءاً، وأن الانقسامات تزداد حدة، وأن الثقة بين القائمين على تشكيل اللجنة في أدنى مستوياتها.
كما يلاحظ المتابع، أن البيانات والبيانات المضادة تعكس عمق الانقسام والخلاف الذي يتلطى خلف شعارات “الانتخابات والديمقراطية وإرادة أبناء الجالية” تارة، وتارة أخرى وراء ذرائع واتهامات متبادلة “بالكيدية وتسوية الحسابات”.
ويكشف الحديث (الودي والشخصي) مع بعض القائمين على تشكيل اللجنة، والمولجين فيها، والمتابعين لأخبارها وتطوراتها، عن تعقيد وضع الجالية اليمنية لجهة الانقسامات العميقة التي تستحكم في بنيتها، وهي انقسامات تختلط فيها العوامل السياسية بالاجتماعية بالمناطقية بالقبلية. ويكاد يكون هذا التعقيد متصلاً بشكل مباشر بالتعقيدات التي تحكم الوطن اليمني (الأم) الذي يمر بجملة أحداث داخلية عاصفة، وصلت إلى حد الحروب الداخلية والمطالبة بالانفصال عن الكيان، إضافة إلى مواقف انتقادية حادة بشأن قضايا الفساد وطرق إدارة البلاد ومسؤوليات الحكم فيها. ورغم مرور بعض الوقت على الاجتماعات واللقاءات والمناقشات، إلا أن الأجواء ماتزال مشحونة، يتواصل فيها الصراع والخصومات..
وعودة إلى موضوع تشكيل “اللجنة التحضيرية”، فقد ظهرت أولى “التشكيلات” بعد اجتماع تم بحضور 32 شخصاً برئاسة محمد الوصابي بتاريخ 17 تشرين أول (أوكتوبر)، الذي تمخض عن تعيين جمال مجلي رئيساً للجنة، وعبدالحميد هرهرة وعبدالملك المثيل نائبين للرئيس ومحمد الوصابي مقرراً، وقد وصلت ورقة تضم هذه المعلومات إلى “صدى الوطن” في ذلك الوقت.
ولم تثمر تلك القرارات عن أي واقع ملموس، بل ازدادت الأمور حدة وانقساماً، فضلاً عن التراشق بالاتهامات. ومرّ الوقت بين أخذ ورد، فظهرت النسخة الثانية من “اللجنة” التي ضمت حوالي تسعة وثلاثين إسماً، من بينهم حسين عبدالله اليافعي بصفة مقرر اللجنة التحضيرية للكيان اليمني الموحد (فرع ميشيغن)، وجاء في بيان هذه اللجنة دعوة اليمنيين إلى أخذ زمام المبادرة، عصر يوم الأحد، 27 كانون ثاني (ديسمبر)، في قاعة بيت حنينا (وكالة الشرق) على شارع ويومنغ في ديربورن، ودعوة أبناء الجالية إلى الاجتماع بهدف إجراء انتخابات لتشكيل اللجان الفرعية.
وظهرت في الوقت نفسه نسخة أخرى للتشكيلات المرتقبة، بدعوى أنها نتائج الانتخابات التي حصلت في الاجتماع الأول لأعضاء “اللجنة التحضيرية”، وبدعوى أنها جاءت بعيداً عن الضغوطات والوصايات التي تحاك من حولها وورد في البيان إسميْ سالم السوجري بصفته رئيساً للجنة، ونبيل مثنى مقرراً. كما جاء في البيان تقسيمات اللجان الفرعية وأسماء أعضاء كل لجنة فرعية، وهي: اللجنة الإشرافية وتضم خمسة أسماء، ولجنة القيد والتسجيل وتضم أربعة أسماء، واللجنة الرقابية وتضم أربعة أسماء، واللجنة الإعلامية وتضم إسما واحدا فقط، ولجنة اللائحة الداخلية (خمسة أسماء) واللجنة المالية (خمسة أسماء).
كما جاء في الورقة ذاتها كشفاً بأعضاء اللجنة التحضيرية يضم ثلاثين إسماً أصيلاً، وكشفاً بأسماء الأعضاء الاحتياطيين، يضم أربعة عشر إسما.
ولدى المقارنة بين لائحتي الأسماء اللتين ضمهما البيانان، اللائحة الأولى للجنة (39 إسما ومقررها حسين اليافعي، واللائحة الثانية التي ضمت 30 اسما أصيلا، 14 إسما احتياطياً، وجدنا أن ثلاثين شخصاً قد وردت أسماؤهم في البيانين، مع فارق أن أحدهما يضم تشكيلات اللجان الفرعية وأسماء الأعضاء في كل لجنة، فيما يضم البيان الآخر أسماء الأعضاء، مع دعوة إلى الاجتماع وانتخاب اللجان الفرعية، الأمر الذي يعطي انطباعاً واضحاً، أنه بالإضافة إلى الانقسامات بكل أنواعها، السياسية والاجتماعية، ثمة صراع على المواقع والتسميات.
وكانت “صدى الوطن” قد تلقت نسخاً من البيانين المذكورين، من أجل نشرهما وإعلانهما، الأمر الذي أوقعنا في حيرة وارتباك. ولما كانت “صدى الوطن” تحرص على تقديم نفسها كمنبر للجميع، ومن دون أن تكون طرفاً أو حكماً، فقد عقدنا العزم على تظهير الصورة من منطلق المراقب المحايد، والحريص في الوقت نفسه على مصالح أبناء الجالية اليمنية والجاليات العربية عموما.
وفي اتصال هاتفي لـ”صدى الوطن” مع الناشط جمال مجلي الذي ورد اسمه في البيانين، مع فارق أن اسمه ورد ضمن أسماء اللجنة الإشرافية في أحدهما، قال مجلي: “لقد تم انتخاب 30 شخصاً من قبل أبناء الجالية الذين اجتمعوا في لقاء حاشد وبلغ عددهم حوالي 700 شخصاً”. وأضاف: “أن اللجان الفرعية قد تم تشكيلها في لقاء عقد في مدينة وورن سيتي وضم الأعضاء الأساسيين (ما عدا 3 منهم) الذين تم اختيارهم بالانتخاب المباشر”.
وحول الموعد المعلن في 27 كانون ثاني، قال مجلي: “نحن غير معنيين بهذا اللقاء، لإن اللجان الفرعية قد تشكلت”.
وعن البيان الذي تضمن اسم حسين اليافعي بصفته مقرراً، قال مجلي: “الأخ حسين اليافعي، دعي كضيف، ولم ينتخب ولم يرشح نفسه، لقد دعوناه كضيف، وتمت إضافة إسمه إلى اللجنة التحضيرية كعضو وليس كمقرر”.
وقال حسين اليافعي في اتصال هاتفي: “أنه كانت توجد هناك لجنة إشرافية، هي التي دعت إلى اللقاءات والانتخابات، وهي تضم حوالي ثلاثة عشر شخصاً، يتمتعون بثقة أبناء الجالية ووجهائها ومؤسساتها الاجتماعية والمدنية الأخرى”. وأضاف: “أن تلك اللجنة ليس لها أية مهام أخرى سوى التحضير والتنسيق والإعداد للاجتماعات والانتخابات، فهي تقوم بعمل تطوعي بالدرجة الأولى”. وقال اليافعي “أن الانتخابات التي ستجرى في 27 ديسمبر سيصدر عنها تشكيلات اللجان الفرعية، وأسماء أعضاء اللجان الفرعية”.
وعن تسميته كمقرر للجنة، قال اليافعي: “لقد تمت تسميتي من قبل أعضاء اللجنة الإشرافية بالتوافق”. وحول البيان الآخر والأسماء والتسميات التي وردت فيه، قال اليافعي: “إن بعض الأخوة استدرجوا وتم التغرير بهم، والإيحاء لهم بأنه سيتم إقصاؤهم، وهذا غير صحيح، وقد أرادوا أن يعيدوا الاعتبار لأنفسهم”.
وقال سالم السوجري: “إن تسميتي كرئيس للجنة التحضيرية جاءت كنتيجة طبيعية لثقة أبناء الجالية فقد صوّت لي أكثر من 700 شخص، كما تم انتخابي من قبل أعضاء اللجنة التحضيرية”. وقال نبيل مثنى: “إن تسميتي كمقرر للجنة جاء وفقاً لانتخابات الأعضاء، التي نتج عنها تشكيلات اللجان الفرعية، وأسماء أعضائها”. واعتبر كل من السوجري ومثنى أن “اللجنة الأخرى” التي حملت اسم اليافعي مقررا، والتي تدعو للانتخابات في 27 ديسمبر، غير شرعية.
وتعليقا على تشكيلات اللجنة التي يرأسها السوجري، قال الصحفي عبدالملك المثيل: “لا خلاف أبدا على الأسماء الواردة كلجنة تحضيرية، ولكنهم وقعوا ضحية لبعض المنتفعين واستعجلوا في عقد لقاء من دون علم أو موافقة اللجنة الاشرافية التي دعت وقامت بالعمل كاملا وكان عليهم احترام من بذلوا الجهد وأوصلوهم الى ذلك المكان، وهم بعملهم هذا أساؤوا لأنفسهم أولا، ومزقوا الجالية وقتلوا الهيئة التي لا يمكن أن تقام بهذا الشكل لأنها ستكون هيئة انفصالية خاصة بأبناء المحافظات الشمالية نتيجة غياب أبناء المحافظات الجنوبية، ولهذا تم انتخاب الأستاذ حسين اليافعي بالإجماع كمقرر للجنة التحضيرية ولا يمكن لأحد إبعاده لأننا متمسكون به وبكل أبناء الجنوب”.
هذا غيض من فيض، من الآراء والمعلومات التي يمكن أن يسمعها المرء، في إطار تواصله مع المعنيين في هذا الموضوع، وهناك معلومات واتهامات “بالاستغلال وسوء الفهم وسوء الطوية والتغرير والوصاية… ألخ، والقائمة طويلة”. ويبدو أن حجم الانقسامات كبير إلى درجة أن الجالية اليمنية لن تتجاوز هذه الأزمة (تشكيل اللجنة)، التي كان مبرر وجودهها وهدفه حل أزمات اليمنيين، ويبدو أنها بدلاً من حل مشاكلهم فقد أضافت مشكلة وأزمة أخرى إلى شارع الجالية اليمنية.
Leave a Reply