بلال شرارة
فساد اللغة السياسية هو علة العلل, وهذه العلة تكمن فـي اختزال الحالة بعنوان على نحو يظهر ان تشخيص حالة ما ينتهي الى التوصيف بـ «التمرد», وعلى نحو يختزل القتل الجماعي هنا أو هناك بـ «مجزرة». وعلى نحو يختزل ازالة داعش للآثارفـي العراق بخبرية خرافات مع انها تعلن بشكل أو آخر نهاية تاريخ وبداية تاريخ, وهكذا نقع فـي ببغاوية استخدام عبارات دون امعان النظرفـيها.
الارتياب فـي الحالة هذه لا ينصب على الفعلفـي مكانه وزمانه, وانمافـي خداع الكلمات والرموزفـي اللغة السياسية المستخدمة والتي هي نفايات الاصطلاحات المتراكمة منذ قرون والتي لم تترك الا مجالاً ضيقاً للخيال.
وفساد اللغة السياسية يظهر ان فلاناً مجرد «متمرد» وهذا «الفساد» المقصود يهدف الى ابقاء الفرصة امامه للعودة عن تمرده, والانخراط فـي «الشرعية» التي خرج عليها مقتطعاً قسماً من عديدها وعتادها وارضها وبشرها ومؤسساتها.
ارى ان كل متمرد محترف هو قوة انقلابية تهدف لتثبيت
النظام السياسي القائم , او لاعادة انتاجه باصطلاحات جديدة من خلال استخدام جيد للمفردات التي يتضمنها قاموس «اللغة السياسية الفاسدة» وهو امر تستطيع وسائل الاعلام عبر سندويشاتها ووجباتها الاخبارية ان تجعل الرأي العام يهضمه ويهضم معه حالات الوقائع الراهنة ويجعلها شعبوية.
فساد اللغة السياسية يظهر ما جرىفـي القدس انه استيطان ويتجاهل ان الاطواق الاستيطانية جعلت تهويد المدينة واقعاً , اليس هو عمى الكلمات الذي لا يتوقف عند هذا الحد ويمنع الخيال من البحث عن مصطلح يكمن فـي الاستدلال المنطقي الذي يتبع كيف؟ ومتى؟ ولماذا؟فـي الدوافع التي ادت الى وقوع تهويد جماعي عن سابق اصرار وتصميم , وقوع مأساة انسانية غير منطقية تتجاوز النمط التقليدي فـي القمع.
اذن الكلمات الرموز هي مفتاح اللغة السياسية الفاسدة المقصودة, الهادفة, كنتيجة, الى تضليل الرأي العام. و«القدس», هي اشارة غير واضحة الى تكريس وقوع تهويد دائم, ألم يعلن داعش دولة اسلامية قام بإلغاء وشطب سوريا والعراق جغرافياً.
«فساد اللغة السياسية» هو نتيجة طبيعية لفساد الواقع السياسي المتصل بالقضايا وبمختلف القضايا. ففي التعاطي مع (اسرائيل) تصبح مدهوشاً ومأخوذاً الى التصفيق لنتنياهوفـي الكونغرس, وفي التعاطي مع المجازر يتم القفز فوق الواقع الجنائي للقاتل والمقتول واداة الجريمة والى تحويل البشر الموتى والجرحى الى رقم…
وفي التعاطي مع تبخر الآثار على النحو الجاري تبقى أسير المصطلح التخفيفي الذي اطاح بالتاريخ.
انه فساد سياسي قبل أن يكون فساداً للغة التداول . ونحن وسائل الاعلام مرآة تجمّل الموقع تارة بعنوان الواقعية السياسية وحسن الاداء, وطوراً بسوء الفهم الا اننافـي كل الحالات نتحرك على ورق ابيض كنيّاتنا الصافية, تحكمنافـي حال المجاملة لقمة العيش فنطارد خبزنا بعرق اقلامنا فلا ندقق بالمصطلح , ليس لاننا عاجزون فحسب , بل لأننا مقيدون بسقف الموقف الرسمي الذي لا يترك هامشاً أو ملاعب للصغار أمثالنا.
Leave a Reply