ديربورن – زيارة مدير عام الأمن العام اللبناني السابق، اللواء المتقاعد عبّاس إبراهيم، إلى منطقة ديربورن الأسبوع المنصرم، حظيت باستقبال لافت وحفاوة بالغة حيث أقيمت على شرفه مآدب تكريم في منزل رجل الأعمال اللبناني خليل سعد، و«المركز الإسلامي في أميركا» و«المجمع الإسلامي الثقافي»، بحضور نخبة واسعة من المسؤولين الحكوميين والرسميين المنتخبين والفعاليات المجتمعية ورجال الأعمال وممثلي المنظمات والمؤسسات والنوادي العربية واللبنانية في منطقة ديترويت.
وكان إبراهيم قد وصل إلى مطار ديترويت الدولي قادماً من العاصمة واشنطن، مساء الخميس الماضي، حيث كان في استقباله عند باب الطائرة كل من نائب مقاطعة وين أسعد طرفة وناشر صحيفة «صدى الوطن» أسامة السبلاني ورئيس مجلس الأعمال الاغترابي اللبناني الدكتور نسيب فواز، قبل التوجه إلى منزل رجل الأعمال اللبناني خليل سعد، الذي أولم على شرف الضيف بحضور محافظ مقاطعة وين وورن أفينز ونائبه أسعد طرفة، إلى جانب عشرات الفعاليات المحلية التي ضمت مسؤولين وقضاة وناشطين وشخصيات عامة.
ومساء يوم الجمعة المنصرم، أقامت الجالية اللبنانية للجنرال المعروف في الأوساط اللبنانية والدولية بـ«رجل المهام الصعبة»، حفل استقبال حاشداً في «المركز الإسلامي في أميركا» بدعوة من الدكتور فوّاز، وبحضور محافظ مقاطعة وين وورن أفينز ونائبه طرفة وقنصل لبنان العام في منطقة ديترويت السفير بلال قبلان وعديد المسؤولين المحليين وممثلي الفعاليات العربية في منطقة ديترويت.
وفي مستهل الحفل، أشاد رئيس اللجنة الثقافية في «نادي بنت جبيل الثقافي الاجتماعي» بديربورن، الدكتور محمد ناصر بزيارة إبراهيم إلى منطقة ديربورن التي تضمّ أكبر واحدة من أكبر الجاليات اللبنانية في الولايات المتحدة، والتي تتبادل مع اللواء الضيف «علاقة متينة تعكس اهتمام المغتربين اللبنانيين بأوضاع الوطن الأم، وامتنانهم لجهود مدير الأمن العام اللبناني الاستثنائية في حماية لبنان وشعبه خلال السنوات الأخيرة».
ووصف ناصر الجنرال الضيف بـ«رجل الأمن المشهود له بالحنكة والبراعة في الأوساط الإقليمية والدولية، والوسيط الخبير بإنجاز المهام المستحيلة وسط الحروب الطاحنة والخصومات الدامية والعداوات المبرمة، التي جنّبت لبنان طيلة العقد الماضي، المآسي والأخطار المحدقة»، مؤكداً بأن نجاحه الأمني ترافق مع شعبية جارفة لدى كافة الشرائح والمكونات اللبنانية، ما أهّله ليكون بحق «قامة وطنية عابرة للمناطق والطوائف، وحارساً أميناً على السلم الأهلي في لبنان».
بدوره، أشاد رئيس مجلس الأمناء في «المركز الإسلامي»، الدكتور فريد ناصر، بمناقب إبراهيم ومسيرته اللامعة التي «تمتلئ بمحطات تثير إعجاب جميع اللبنانيين»، وقال: «إنه ليس من المفاجئ أن يقيم المركز الإسلامي –الذي أنشئ منذ 62 عاماً– هذا الحفل لتكريم قامة وطنية رفيعة المستوى تحظى باحترام الجميع، داخل وخارج لبنان».
كذلك، أثنى رئيس مجلس الأعمال الاغترابي اللبناني، الدكتور فواز، على منجزات إبراهيم خلاله توليه منصب مدير الأمن العام اللبناني (من تموز/ يوليو 2011 ولغاية آذار/مارس 2023)، لافتاً إلى علاقاته المميزة مع مؤسسات صناعة القرار في دول الشرق الأوسط، وكذلك في أوروبا وأميركا، وقال إن لبنان بات اليوم بأمسّ الحاجة إلى رجال دولة من طراز اللواء إبراهيم لكي يتمكن من تجاوز الأزمات الخانقة التي ترهق الشعب اللبناني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، استهل كلمته بالإشارة إلى الأثر البالغ الذي تركه الجنرال إبراهيم لدى محافظ مقاطعة وين وورن أفينز خلال زيارته إلى لبنان العام المنصرم، ناقلاً عن عديد المسؤولين الأميركيين ثناءهم البالغ وإعجابهم الكبير بدور وشخصية المدير العام السابق للأمن العام في لبنان، وواصفاً شهادة أفينز باللواء الضيف بـ«القيّمة»، لكونها «تصدر من مسؤول مرموق ترقى في سلّم المسؤوليات من ضابط شرطة إلى شريف قبل أن يصبح محافظاً لأكبر مقاطعة في ولاية ميشيغن».
وكان أفينز قد أشاد بزيارته إلى لبنان خلال الصيف الفائت، في أكثر من مناسبة، بما في ذلك خطابه السنوي الأخير حول «حال المقاطعة».
وقدّم السبلاني للضيف المحتفى به إحاطة مختصرة بإنجازات الجالية العربية الأميركية في منطقة ديترويت وفي عموم ولاية ميشيغن، مؤكداً على الإسهامات الكبيرة للعرب الأميركيين ودورهم المتنامي على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية في ولاية ميشيغن، وقال: «إن ثلاثة مدن في منطقة ديترويت يتولى رئاسة بلديتها حالياً عرب أميركيون، وكذلك منصب نائب مقاطعة وين، بالإضافة إلى عشرات المناصب الأخرى في مختلف القطاعات الحكومية والرسمية والقضائية»، معرباً عن ثقته بأن العرب الأميركيين يسيرون «في طريقهم إلى البيت الأبيض ومراكز القرار الأخرى في العاصمة واشنطن خلال المستقبل القريب».
وفي سياق آخر، أشاد السبلاني بشجاعة أفينز ووقوفه إلى جانب الجاليتين العربية والإسلامية في أعقاب الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، وقال إن محافظ مقاطعة وين كان أحد المسؤولين القلائل الذين طالبوا في وقت مبكر بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في الأراضي المحتلة، مضيفاً: «رغم التبعات السياسية لمثل هذه المواقف، فقد وقف أفينز إلى جانبنا بكل شجاعة وإقدام»، ومردفاً بالقول: «هذا هو نوع الصداقات التي نبنيها هنا في أميركا».
كلمة ابراهيم
عبّر مدير الأمن العام اللبناني السابق عن فخره واعتزازه بقصص النجاح اللبنانية في المغترب الأميركي، وحثّ في كلمة بانوارمية حول مستجدات الأوضاع في لبنان المغتربين اللبنانيين على الوفاء للبلد الذي منحهم فرصة العيش الكريم مستشهداً بقول الإمام علي «ليس بلد بأحق من بلد، خير البلاد ما حملك»، مضيفاً: «الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة، وأنتم هنا في وطن قدم لكم العلم والمعرفة وهذا هو الغنى بعينه، فاعملوا له كما عمل لكم، وردوا التحية بأحسن منها».
وأوضح إبراهيم بأن لبنان «يمرّ بمنعطف دقيق بسبب الانهيار المصرفي والفراغ الطويل في سدة الرئاسة اللبنانية»، بالإضافة إلى سوء الإدارة والمحسوبيات وتداعيات النزوح السوري، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى تحمل مسؤولياتهم عبر الإسراع في انتخاب رئيس جديد، ورأب التصدعات الداخلية، ومستهجناً تحميل النازحين السوريين مسؤولية الانهيار. وقال: «إننا لا نجيد تحمل المسؤوليات، وقد اعتدنا أن نتقاذف تبعات كل أزمة، إذ وجد المسؤول عندنا الحل السهل، ألا وهو تحميل النازح السوري مسؤولية وجوده على أرضنا، فجلدنا الضحية وأنفسنا معاً».
وأكد ابراهيم بأن قضية النزوح السوري تتطلب موقفاً حاسماً بعيداً عن اللجوء إلى المجتمع الدولي الذي استشعر مؤخراً بخطر هجرة السوريين إلى أوروبا، وقال: «لقد جاؤوا إلينا حاملين معادلة بسيطة، تتمثل في أن يدفعوا لنا مليار دولار مقابل منع الهجرة السورية إلى بلدانهم»، مؤكداً بأن هذا النوع من المساومات «مضيعة للوقت»، وأن الحل الأمثل هو «التوجه إلى سوريا والتنسيق مع حكومتها لوضع خطط لإعادة النازحين بما يحفظ سيادتنا وكرامتهم»، على حد تعبيره.
وفي ما يتعلق بتداعيات الحرب في الأراضي المحتلة، أوضح ابراهيم بأن مصلحة لبنان تتمثل بالالتزام بالقرارات الدولية تفادياً لتوسيع رقعة الحرب واستجرار الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، وقال: «إننا نعي بأن إسرائيل تسعى جاهدة إلى تفجير الأوضاع في الجنوب اللبناني وتحاول بكل إمكاناتها جرنا إلى حرب كبرى في المنطقة»، ولكن «الرد الأمثل على تلك المحاولات يكون عبر التمسك بالقرار الدولي 1759 الذي خرقته إسرائيل منذ إقراره في عام 2006 ولغاية 7 أكتوبر أكثر من ثلاثين ألف مرة».
وأوضح إبراهيم بأن القرار آنف الذكر هو «الحل الوحيد المتاح لإعادة الهدوء على جانبي الحدود مع فلسطين المحتلة وعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر، والذي سيمكننا من تثبيت نقاط التحفظ على حدودنا الجنوبية وإيجاد حل لمسألة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مستبعداً أن تلتزم الدولة العبرية بذلك القرار، ومؤكداً في الوقت نفسه على وقوف لبنان إلى جانب حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وإنجاز سيادته غير المنقوصة أسوة ببقية شعوب العالم.
وفي ختام كلمته، طالب إبراهيم المغتربين اللبنانيين بالتمسك بهويتهم الثقافية والوقوف إلى جانب وطنهم الأم، وقال: «لبنان يناديكم أن قفوا إلى جانبه حيثما كنتم.. وإذا كنتم قد تركتموه يوماً، فلن تتركوه اليوم، فأنتم اليوم جزء من هذه الأمة الأميركية، فاجعلوا أميركا ترى مصالح لبنان بأعينكم وإرادتكم»، مضيفاً: «اذهبوا إلى صنّاع القرار هنا برؤية تعكس وحدتكم وحرصكم على مصلحة لبنان واستقراره».
كذلك، أقيم في يوم السبت الماضي حفل فطور على شرف اللواء المتقاعد في «المجمع الإسلامي الثقافي» بحضور مسؤولين محليين ورجال دين وأعمال وفعاليات مجتمعية، قبل أن يغادر الضيف الزائر إلى مطار ديترويت الدولي حيث وٌدع بمثل ما استقبل فيه من حفاوة وتكريم.
وجاءت زيارة إبراهيم إلى منطقة ديترويت التي استمرت لثلاثة أيام، في إطار جولة أميركية–أفريقية شملت واشنطن العصمة وولايات فلوريدا وماساتشوستس وماريلاند وفيرجينيا، بالإضافة إلى دولة نيجيريا.
يُشار إلى أن اللواء عباس إبراهيم من مواليد مدينة صيدا عام 1959. تخرج من الكلية الحربية برتبة ملازم في العام 1980، ليتدرج بعدها في المناصب العسكرية والأمنية حتى العام 1993 حيث بدأ مهامه الفعلية في مديرية المخابرات اللبنانية. ترأس قسم مكافحة الإرهاب والتجسس حتى عام 1998، وفرع المكافحة في مديرية المخابرات حتى عام 2002، وقائد فوج المغاوير حتى 2005. وتولى فرع مخابرات الجنوب حتى 2008، حيث شغل منصب المساعد الأول لمدير المخابرات اللبنانية، قبل أن يعينه الرئيس السابق ميشال سليمان مديراً عاماً للأمن العام في 2011.
وخلال مسيرته الأمنية اللامعة، حاز اللواء عباس إبراهيم، الذي عرف بتوليه الوساطات في العديد من الملفات الشائكة، على العديد من الأوسمة والجوائز، منها: وسام الاستحقاق اللبناني، وسام الأرز الوطني برتبة فارس، سفير فوق العادة للأمن والسلام للمفوضية الدولية لحقوق الإنسان، الوسام الوطني الفرنسي لجوقة الشرف برتبة فارس، وجائزة جيمس فولي الأميركية الأرفع للمدافعين عن الرهائن.
Leave a Reply