بغداد – كثف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي جهوده لاحتواء التدهور الأمني الخطير في البلاد عبر سلسلة مواقف وخطوات بدأها مطلع الأسبوع بخطاب حذر فيه من عودة الإقتتال المذهبي الى بلاد الرفدين.
ويعيش العراق حالياً أزمة دامية هي الاسوأ منذ الحرب الاهلية الطائفية بين عامي 2006 و2008، قتل خلال الأسبوع الماضي اكثر من 200 شخص في هجمات استهدفت معظمها قوات الأمن بعد أن قتل 50 شخصا في اقتحام اعتصام مناهض لرئيس الوزراء في منطقة الحويجة.
وقد علق العراق يوم الأحد الماضي رخص عمل عشر قنوات فضائية بينها «الشرقية» العراقية و«الجزيرة» القطرية، متهما اياها بالتحريض على «العنف والطائفية»، في مؤشر على حجم التوتر المذهبي المتصاعد الذي بات يدفع البلاد مجددا نحو سنوات النزاع الطائفي.
وفي السياق أعلنت بعثة الأمم المتحدة في بغداد في بيان، الخميس الماضي، أن شهر نيسان (أبريل) الماضي كان الأكثر دموية في العراق منذ شهر حزيران (يونيو) العام 2008، وذلك بعدما أودت أعمال العنف الشهر الماضي بحياة 712 شخصاً وأصيب نحو 1633 بجروح، وفقاً لأرقام البعثة. وذكر بيان الأمم المتحدة أن الأرقام تستند إلى «التحريات المباشرة بالإضافة إلى مصادر ثانوية موثوقة في تحديد الخسائر بين صفوف المدنيين».
وكان المالكي قد قال يوم السبت الماضي أن الفتنة الطائفية عادت إلى بلاده بعدما «اشتعلت في منطقة أخرى من الاقليم»، في إشارة إلى ما يحدث في سوريا. كما طالب بتسليم قتلة الجنود العراقيين، محذراً من أن من يؤويهم سيواجه نتائج وخيمة.
وقال المالكي في افتتاح مؤتمر إسلامي للحوار في بغداد إن «الطائفية شر ورياح الطائفية لا تحتاج لإجازة عبور من هذا البلد إلى آخر».
وذكر المالكي ان «الفتنة التي تدق طبولها أبواب الجميع لا أحد سينجو منها إن اشتعلت»، معتبراً أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في زمن «انفجار الفتنة الطائفية» في العالم الإسلامي.
واعتبر المالكي أنه لن يكون هناك رابح وخاسر في مواجهة التحديات، محذراً من مخاطر الطائفية التي يمكن أن تتحول إلى مطالب للتقسيم.
وأضاف إن الإسلام ليس دين قتل بل هو دين المحبة والإحترام، واثنى على دور علماء الدين في العراق الذين «كانوا من السبّاقين في طرح أفكار التقريب بين المذاهب»، معتبراً أن «إطفاء نار الطائفية في العراق لم يكن له مثيل في أي بلد».
ولاحقاً، حذر المالكي من أن نجاح محاولات «تمزيق العراق» ستؤدي إلى «حرب لا نهاية لها». وقال في «المؤتمر العشائري الثاني» الذي عقد في مقر وزارة الداخلية إنه «لو حصل تمزيق للعراق، على ما نسمع من طرح، والله لا يكسبون شيئا، لا هم يكسبون ولا العرب ولا الأكراد، ولا السنة ولا الشيعة، والله ندخل حربا لا نهاية لها».
وفيما بدا محاولة للجم التوتر المذهبي المتصاعد، قال مدير دائرة تنظيم المرئي والمسموع في هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، مجاهد أبو الهيل، «اتخذنا قرارا بتعليق رخصة عمل بعض القنوات الفضائية التي انتهجت خطابا محرضاً على العنف والطائفية». وأضاف أن الهيئة «اضطرت بعد سلسلة من التحذيرات الى تعليق رخصة هذه القنوات في كل العراق». ومن بين القنوات المشمولة بالقرار «بغداد» و«الشرقية» و«الفلوجة» المعارضة لرئيس الوزراء، و«البابلية» المملوكة من نائب رئيس الحكومة صالح المطلك، و«الجزيرة» القطرية، وفقا للمصدر ذاته.
وقال أبو الهيل إن تعليق رخص عمل هذه القنوات «يعني وقف عملها في العراق ونشاطاتها وعدم استطاعتها تغطية الاحداث في العراق والتجول».
وفي سياق «تهدئة اللعب» مع الأكراد، أعلن رئيس حكومة اقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني ان القيادات الكردية قررت انهاء مقاطعة الوزراء والنواب الأكراد لحكومة المالكي ومجلس النواب في بغداد، وذلك في وقت يمر فيه العراق بأسوأ توتر طائفي منذ الحرب الأهلية التي استمرت بين 2006 و2008.
وجاء اعلان بارزاني بعد يوم من لقائه رئيس الحكومة نوري المالكي في بغداد، والذي اعلن بعده عن توسيع التنسيق الامني بين الجانبين.
وقال بارزاني في مؤتمر صحافي في أربيل عقب اجتماع للقيادات الكردية بحضور رئيس الاقليم مسعود بارزاني «قرر الاجتماع أن يعود الوزراء والنواب الأكراد الى بغداد وإنهاء المقاطعة والمشاركة في جلسات مجلس الوزراء والنواب العراقيين».
كما اتفقت الحكومة الاتحادية في بغداد مع حكومة اقليم كردستان العراق على تعزيز التنسيق الأمني بينهما بعد التحركات العسكرية الاخيرة لقوات البشمركة الكردية قرب مدينة كركوك في المحافظة المتنازع عليها.
Leave a Reply