زيارة ناجحة لرئيس الوزراء العراقي الى دمشق
دمشق، واشنطن – اختتم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زيارة إلى سوريا أخذت حيزا كبيرا من التفسيرات التي خلص بعضها للقول بأن الزيارة لم تكن لتتم لولا موافقة واشنطن عليها، فيما اعتبر آخرون أن الزيارة وبسبب الموقف الأميركي من دمشق لن تتجاوز الإطار البروتوكولي في أفضل الحالات وذهب البعض الى القول أن المالكي قام بزيارة دون استشارة الإدارة الأميركية ما تسبب له خلال الأسبوع الماضي بسيل من الانتقادات.
انتقادات .. المالكي يرد وبوش يتراجعوفي المؤتمر الصحافي الذي تلا لقاء المالكي بنظيره السوري ناجي عطري رجح أن تكون الانتقادات التي وجهت إليه من الإدارة الأميركية بخصوص أداء حكومته، صادرة عن جهة داخل إدارة الرئيس جورج بوش غير راضية عن زيارته إلى سوريا. من جهته أعرب الرئيس الأميركي جورج بوش بعد توجيهه لانتقادات لاذعة لرئيس الوزراء العراقي استمرار نوري المالكي وذلك في كلمة ألقاها أمام مؤتمر للمحاربين القدامى في مدينة كنساس سيتي. وقال بوش إن «المالكي رجل طيب» وانه «يقوم بمهمة صعبة وأنا أؤيده». واضاف ان الأمر يرجع للشعب العراقي فيما إذا كان يرغب في استمرار المالكي في منصبه ام لا. واضاف بوش ان انسحابا اميركيا مفاجئا من العراق سيؤدي الى عواقب وخيمة وحمامات من الدم كالتي حدثت في اعقاب الانسحاب الاميركي من فيتنام في نهاية الحرب الفييتنامية. ودعا بوش الشعب الاميركي الى استمرار تحليه بارادة القتال والا فسينقل أولئك المسؤولون عن هجمات أيلول 1002 حربهم إلى أميركا مجددا. وجاءت اخر دعوة لاستبدال المالكي في سيل الانتقادات للأخير من عضو الكونغرس الاميركي والمرشحة الابرز في الانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. وقالت هيلاري كلينتون في بيان اصدرته الأسبوع الماضي «ان على مجلس النواب العراقي اختيار شخصية تجمع العراقيين وليس تقسمهم لشغل منصب رئيس الحكومة». من جهة أخرى قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إنه لا توجد جهة لها الحق في وضع جدول زمني لما تفعله حكومته. وجاءت تعليقات المالكي في ختام زيارته إلى العاصمة السورية دمشق وردا على الانتقادات الأميركية التي عبرت عن إحباط «البيت الأبيض» من سير العملية السياسية في العراق. وقال المالكي «ليس من حق أحد أن يضع لنا خطة زمنية فحكومتنا منتخبة من الشعب». وفسر رئيس الوزراء العراقي تلك الانتقادات بأنها ناجمة عن زيارته إلى سوريا، وقال «إننا لن نعيرهم اهتماما فنحن نهتم بشعبنا وبدستورنا وبوسعنا العثور على أصدقاء آخرين». وعزا المالكي الانتقادات الموجهة إليه من إدارة بوش وسياسيين أميركيين إلى استعدادات الحملة الانتخابية الرئاسية. وكان السيناتور الأميركي كارل ليفين الديمقراطي عن ولاية ميشيغن، قد دعا الاثنين الماضي إلى إقالة المالكي واستبداله بـ«زعيم جديد أقل طائفية». وكان بوش قد عبر الثلاثاء الماضي عن إحباطه من القادة السياسيين في العراق، لكنه قال إن تغيير رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أو قادة سياسيين آخرين أمر يعود إلى الشعب العراقي لتقريره. وقال بوش إن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الحكومة العراقية سوف تستجيب لمطالب الشعب العراقي. وأضاف أنه في حال رفض الحكومة الاستجابة لمطالب الشعب فإن الامر سيترك للناخب العراقي وليس للسياسيين في الولايات المتحدة، أن يقرر مستقبل قادته. وكان بوش يتحدث في كندا حيث كان يحضر قمة جمعته مع قادة تكتل نافتا، الذي يضم كندا والمكسيك إلى جانب الولايات المتحدة الاميركية. ورأي المحللون أن الأجندة الوحيدة التي طرحت على طاولة المباحثات السورية العراقية، هي المسائل الأمنية خاصة وأن إدارة الرئيس بوش لن تقبل على الإطلاق أي تعاون اقتصادي بين سوريا والعراق، في الوقت الحاضر على الأقل مهما بلغ عدد الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين.وبرزت معلومات من مصادر عراقية كانت مرافقة لوفد المالكي في دمشق، أن هذا الأخير قدم أسماء لمطلوبين للحكومة العراقية، سياسيين وعسكريين يحسبون على النظام السابق ومنهم محمد يونس الأحمد رئيس ما يعرف باسم الجناح الثاني في حزب البعث العراقي.وذكر أن السوريين ردوا على هذا الطلب بالرفض وأكدوا أن وجود هؤلاء في سوريا لا يختلف عما كان عليه الحال مع أقطاب الحكومة العراقية حاليا عندما كانوا في صفوف المعارضة خلال عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
الترتيبات الأمنية واتفاقات نفطية؟!ووصفت مصادر إعلامية الاتفاق المبرم بين وزيري النفط السوري سفيان العلاو والعراقي حسين الشهرستاني لإقامة خزانات على طرفى الحدود، بأنه الجزرة التي قدمتها واشنطن إلى دمشق من أجل زيادة الترتيبات الأمنية على الحدود بين البلدين.فيما رأى آخرون أن هذه الاتفاقيات تأتي في إطار المشاركة العراقية في تحمل الأعباء التي تتكبدها سوريا جراء استقبالها أكثر من مليون لاجئ عراقي كان لقدومهم إلى سوريا تبعات اقتصادية مكلفة.ولعل أبرز ما جاء في البيان الختامي للمحادثات العراقية-السورية في دمشق تعبير الجانبين عن نجاح الزيارة، التي «تميزت بالصراحة والروح الايجابية». وتم بحث الأوضاع الراهنة وتطوراتها في العراق والمنطقة، حيث أكد الجانبان حرصهما على توطيد أواصر الأخوّة والتعاون بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات وفي مختلف المجالات. أكدت سوريا على احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق ودوره العربي والإسلامي، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، ودعم الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة فيه، وعن استعدادها التام لدعم الحكومة العراقية المنتخبة في كافة المجالات الأمنية والاقتصادية وغيرها، مجددة التأكيد على دعم العملية السياسية في العراق وتحقيق الأمن والاستقرار فيه، انطلاقا من القاعدة أن أمن أي من البلدين يؤثر على أمن البلد الآخر. أكد الجانبان أن ضبط الحدود مسؤولية مشتركة تعتمد على تعاون طرفي الحدود، كما أكدا على ضرورة تفعيل الاتفاقات الأمنية الثنائية العربية ودول الجوار، وعلى ضرورة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. ودعا الجانبان إلى تشجيع الجميع للانخراط في العملية السياسية واللجوء إلى الوسائل السلمية في التعبير عن المواقف السياسية، ودعوة جميع دول الجوار للإسهام بفاعلية وايجابية في الحوار الوطني والمصالحة الوطنية عبر القنوات الشرعية. شكر الجانب العراقي الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السورية منذ سنوات «لاستضافة الأخوة العراقيين اللاجئين للقطر مؤقتا، ريثما تتوفر الظروف المؤاتية لعودتهم إلى العراق». وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد الجانبان على ضرورة تعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتفعيل الاتفاقات القائمة بينهما وإعداد اتفاقات جديدة في مجال النفط والغاز، لاسيما إعادة تشغيل خط النفط عبر الأراضي السورية والتجارة البينية والموارد المائية. وحول عملية السلام، أكد الجانبان ضرورة العمل من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ودعيا المجتمع الدولي إلى استئناف مفاوضات السلام على كافة المسارات لتحقيق السلام العادل والشامل استنادا إلى قراري مجلس الأمن 242 338 ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مدريد ومبادرة السلام العربية.
بدء المحاكمة فـي قضية «انتفاضة الجنوب»
بغداد – بدأت، الأسبوع الماضي المحاكمة الثالثة في بغداد، بعد «الدجيل» و«الأنفال»، لجرائم ارتكبها النظام السابق، وتتعلق هذه المرة بمقتل ما يقدر بعشرات الآلاف من العراقيين أثناء ما عرف بانتفاضة الجنوب ضد صدام حسين، في آذار العام 1991. ووجه الادعاء إلى 15 مسؤولاً سابقاً تهماً بارتكاب جرائم ضد الانسانية و«أعمال محرمة» و«قتل آلاف الشيعة بصورة منظمة». وأبرز المتهمين ابن عم صدام علي حسن المجيد المعروف بـ«علي الكيماوي»، ووزير الدفاع العراقي آنذاك سلطان هاشم أحمد الطائي ونائب رئيس أركان الجيش السابق حسين رشيد محمد التكريتي، الذين حكم عليهم بالإعدام في قضية «الأنفال»، لكنهم استـأنفوا الحكم. وتزامنت «انتفاضة الشيعة»، التي عرفت أيضاً باسم «الانتفاضة الشعبانية»، مع أخرى كردية في شماله 1991، بعيد انسحاب القوات العراقية من الكويت في أعقاب حرب الخليج الثانية. وسيطر المتمردون على عدد من المدن والبلدات الجنوبية، وكانوا يتوقعون مساعدة القوات الأميركية لهم، وخاصة بعد دعوة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب شعب العراق وجيشه للإطاحة بصدام. لكن، وفي موقف مثير للجدل، امتنع بوش وحلفاؤه عن التدخل، فيما شن صدام هجوماً شاملاً مضاداً بالمروحيات والدبابات، قتل خلاله، وفق الادعاء، نحو مئة ألف عراقي في الغارات أو في السجون.
Leave a Reply