طرح البطريرك صفير تعيين حاكم دولي على لبنان استعمار جديد
تفسير بري لتشكيل الحكومة مثالثة يتقدم وقد يكون الحل
ما زالت المبادرة العربية تتقدم على اي تحرك آخر لحل الأزمة اللبنانية، بالرغم من انها لم تحقق اختراقات تذكر، وان الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، لن يتوقف عن التواصل مع الاطراف اللبنانية، من اجل ايجاد قواسم مشتركة لتحريك الحل واجراء الانتخابات الرئاسية بعد التفاهم على اسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي، وحل عقدة الحكومة ونسبة التمثيل فيها، وقد حاول ان يفتح كوة في جدار الازمة، من خلال تعويم تفسير الرئيس نبيه للمبادرة العربية حول تشكيل الحكومة بأنها تعطي لكل طرف عشرة مقاعد وزارية اذا كانت من ثلاثين مقعداً، وترك للنائب سعد الحريري كممثل للموالاة في الحوار الرباعي الذي رعاه، ان يسأل ممثل المعارضة العماد ميشال عون بالقول اذا قبلنا بحكومة 10+ 10+ 10، هل تذهبون الى انتخاب العماد سليمان في الموعد الذي حدد الرئيس بري في 11 شباط، فوجئ عون بالسؤال، وقال انه سيراجع حلفاءه وتحديداً بري الذي نقل عنه موسى انه وافق معه على ما اذا قبلت الموالاة بالفكرة فستحصل الانتخابات الرئاسية في موعدها، اتصل عون برئيس المجلس فأبلغه انه عند تفسيره اذا قبلوا ولكن مع توزيع المقاعد الوزارية بشكل منصف ومتوازن، وعاد عون الى طاولة الحوار التي ضمته مع الحريري والرئيس امين الجميل بحضور موسى، واعلن موافقته، على ان يتم توزيع المقاعد السيادية مناصفة، لكن ممثلو الموالاة تراجعوا عن موافقتهم على صيغة بري الذي اعلن عن تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى 26 شباط، وغادر موسى لبنان.
التأجيل الرابع عشر للانتخابات الرئاسية وتعثر المبادرة العربية، رافقهما تصعيد في الخطاب السياسي، برز في مواقف قادة قوى 14 شباط، دعت الى المواجهة كما اعلن رئيس «تيار المستقبل»، او التلويح بالحرب وحرق الاخضر واليابس كما طالب وليد جنبلاط، او كما هدد سمير جعجع بأن قادة المعارضة سوف «تصطك اسنانهم وتهتز ارجلهم» مع بدء اعمال المحكمة الدولية، وفعل مثله الرئيس امين الجميل الذي رفع من حدة نبرة خطابه باتجاه المواجهة.
والتصعيد السياسي واكبه توتر امني في اكثر من منطقة، في بيروت والجبل، بين انصار الموالاة والمعارضة، بعد ان قامت احزاب 14 شباط بإستعراضات مسلحة واطلاق نار، مما وضع البلاد امام احتمال وقوع تفجير امني واسع لكن الاتصالات العربية والاقليمية والدولية، خفضت من الاحتقان، دون ان تلجمه نهائياً، طالما ان الحل السياسي يقف امام طريق مسدود.
وستعطى المبادرة العربية فرصة حتى نهاية الشهر الحالي، حيث تتكثف الاتصالات المحلية والعربية والدولية، من اجل انتخاب رئيس للجمهورية قبل موعد انعقاد القمة العربية في نهاية آذار، حيث تحاول بعض الدول العربية وتحديداً السعودية ربط حضور القمة بإنتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وقد ردت سوريا على ذلك، انها تضع مصالحها قبل حصول القمة على ارضها، لان الغاء انعقادها لا يتوقف على دولة بل على مؤتمر القمة، وتحاول مصر مع دول اخرى انقاذ القمة، بعقد مصالحة سورية-سعودية، والتي ستساعد على حل الازمة اللبنانية، وهذا ما يراهن عليه الرئيس نبيه بري الذي رفع من منسوب التفاؤل لديه، اذا ما تم الاخذ بإقتراح المثالثة لتشكيل الحكومة.
وهذا التفاؤل الذي تم تعميمه في الايام الاخيرة عن امكانية الوصول الى حل، لا يعني ان الاطراف سيقدمون التنازلات، قبل ان تتوضح صورة الوضع في المنطقة، التي تعيش مخاضاً من العراق الى فلسطين ولبنان الذي لم تعد ازمته محصورة فيه، بل ارتبطت بأزمات المنطقة.
وبإنتظار الموعد الجديد لعودة امين عام جامعة الدول العربية، ومعرفة ما سيحمله من افكار واقتراحات، فان لبنان يمر بحالة من الترقب والحذر، حيث يخشى انهيار المبادرة العربية، التي ما زالت تلقى الدعم الدولي والترحيب اللبناني، لكن فشلها سوف يؤدي الى اعادة طرح موضوع التدويل، وهذا ما لمح اليه اكثر من مسؤول عربي ودولي، بالطلب من مجلس الامن التدخل، لمنع انهيار الكيان مع تعطل اعمال الدولة ومؤسساتها التي ضربها الفراغ في رئاسة الجمهورية والاقفال في مجلس النواب، وعدم الشرعية لحكومة مبتورة.
فالحديث عن التدويل عاد لملء الفراغ مكان المبادرة العربية، ولكن من خلال وضع لبنان تحت الوصاية الدولية، لانه دولة فاشلة، لا يستطيع ان يحكم نفسه بنفسه، وعلى الامم المتحدة ان تتحمل مسؤوليتها تجاه عضو فيها ومؤسس لها وواضع ميثاقها من خلال مندوبها شارل مالك.
لذلك فان احتمال وضوع لبنان تحت الانتداب او الوصاية مطروح، وقد كشفت المعلومات، ان اجتماعات على مستويات عالية جرت بين عدد من المسؤولبين اللبنانيين ومراجع دولية، حول تدخل مجلس الامن من اجل لبنان.
وجاء كلام البطريرك نصرالله صفير حول امكانية تعيين حاكم دولي على لبنان، اشارة واضحة الى ما يجري البحث حوله، وهو امر اذا ما حصل، سيكون مدخلاً لفتنة داخلية، لان البعض سينظر الى الامر على انه استعمار، وان تخفى بالقرارات الدولية، وهذا ما تتخوف منه المعارضة التي تخشى ان يتم استخدام القوات الدولية تحت الفصل السابع، وان تكون من مهامها وتحت عنوان تطبيق القرارات الدولية، ومنها نزع السلاح من المقاومة وحصره بالسلطة اللبنانية، ويكون التدويل ليس لانتخاب رئيس للجمهورية بل تجريد المقاومة من سلاحها.
Leave a Reply