انسحاب الوفدين الإسرائيلي والأميركي من مفاوضات الدوحة .. ونكبة السويداء تتكشف
التقرير الأسبوعي
عكست مجريات الأسبوع الماضي في الشرق الأوسط، صورة قاتمة وتشاؤماً متزايداً حيال إمكانية تحقيق وعود السلام التي تشدق بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إبان حملته الانتخابية. فمن جهة، سمحت واشنطن باستمرار مماطلة دولة الاحتلال الإسرائيلي في التوصل إلى هدنة مؤقتة مع حركة «حماس»، متبنّيةً موقف تل أبيب المصرّ على مواصلة حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، بشتى أساليب القتل والتجويع. ومن جهة أخرى، تبدي واشنطن تسامحاً مريباً تجاه المجازر الطائفية المروعة التي شهدتها محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، والتي يخشى من أن تشكل شرخاً أهلياً يصعب رأبه ويخدم أطماع إسرائيل في بسط سيطرتها على الجنوب السوري.
فمع تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار في الدوحة، واصلت إسرائيل حرب الإبادة الوحشية على قطاع غزة، في وقت بلغ فيه التجويع حدوداً غير مسبوقة، إذ تظهر الصور ومقاطع الفيديو الواردة من القطاع أجساداً هزيلة للغاية وسط صرخات من نساء وأطفال ومسنين لإغاثتهم وتكثيف الضغط الدولي على الاحتلال للسماح بإيصال المساعدات، وصولاً إلى تحرك أوروبي تقوده فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويعيش أهالي قطاع غزة مرحلة أكثر قسوة جراء التجويع فباتوا يتساقطون في الخيام وعلى الطرقات، وينقلون إلى المستشفيات للحصول على المحاليل التي بدأت تنفد وسط ارتفاع معدّلات الإصابة بسوء التغذية، وتفاقم الإصابات مع استمرار الحصار الإسرائيلي والتخاذل العربي والإسلامي. رغم وصول مستوى التجويع إلى حد كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من مليوني شخص، في ظل إغلاق المعابر منذ 2 مارس الماضي.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الأسبوع الماضي عن عشرات الوفيات بسبب المجاعة وسوء التغذية ليرتفع بذلك، العدد الإجمالي لوفيات المجاعة إلى 111 حالة، بينهم 80 طفلاً، بحلول الخميس الماضي. فيما ارتفعت حصيلة العدوان إلى 59,587 شهيداً و143,498 إصابة منذ 7 أكتوبر 2023، بينهم 1,083 شهيداً وأكثر من 7 آلاف مصاباً من ضحايا نظام المساعدات الذي اعتمدته واشنطن وتل أبيب منذ 27 مايو الماضي، وبات يعرف بين أهالي القطاع بـ«مصائد الموت».
في المقابل، تواصل فصائل المقاومة، التصدي للقوات الغازية موقعة فيها خسائر فادحة، حسبما أظهرت مقاطع الفيديو التي توثق العمليات ضد جيش الاحتلال في مناطق متفرقة من القطاع.
وحتى مساء الخميس المنصرم، قتل 895 عسكرياً إسرائيلياً وأصيب 6,134 منذ بدء الحرب على غزة، حسب بيانات الجيش الذي يواجه اتهامات بإخفاء خسائر أكبر بكثير. وتفرض إسرائيل رقابة مشددة على نشر خسائرها في غزة، وتتكتم على الحصيلة الحقيقية لقتلاها وجرحاها، ما يرشح الأعداد المعلنة للارتفاع.
تعثّر المفاوضات
في خطوة تهدّد بإطالة أمد حرب الإبادة والتجويع في غزة، قررت كل من الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، سحب وفديهما التفاوضيين من محادثات الدوحة، بذريعة «عدم رغبة» حركة «حماس» في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
وأعلن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الخميس الماضي، أن واشنطن حذت حذو تل أبيب في سحب مفاوضيها من الدوحة، متهماً حركة «حماس» بعدم التصرف «بحسن نية». وقال ويتكوف في بيان نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «قرّرنا إعادة فريقنا من الدوحة لإجراء مشاورات بعد الردّ الأخير من حماس الذي يظهر بوضوح عدم رغبتها في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «في حين بذل الوسطاء جهوداً كبيرة، لا تبدي حماس مرونة أو تعمل بحسن نية».
وأشار إلى أن واشنطن ستدرس الآن «خيارات أخرى لإعادة الرهائن إلى ديارهم ومحاولة إيجاد بيئة أكثر استقراراً لسكان غزة» معرباً عن أسفه على «تصرف حماس بهذه الطريقة الأنانية». وجاء الموقف الأميركي بعد ساعات من موقف دولة الاحتلال بسحب وفدها التفاوضي، في إطار استمرار المراوغة وممارسة مزيد من الضغط على المقاومة الفلسطينية باعتبارها الجهة المسؤولة عن إفشال المفاوضات من خلال ردها على مقترح الهدنة الأخيرة.
وكانت إسرائيل قد أعلنت، صباح اليوم نفسه، أنّها تلقّت ردّ «حماس» على الاقتراح الذي يتمّ التفاوض حوله منذ أكثر من أسبوعين في الدوحة، وأنّه «قيد الدرس». وكانت الحركة قد نشرت بياناً، فجراً، أكّدت فيه أنّها سلّمت الوسطاء «ردّها وردّ الفصائل الفلسطينية على مقترح وقف إطلاق النار».
وفي موقفه الأوّلي، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يتعرض لضغوط متزايدة داخل الكيان ومن واشنطن، لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، أنه على حركة «حماس» ألا تنظر إلى استعداد الدولة العبرية للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزة على أنه «ضعف».
وفي مؤشر على رغبته بمواصلة الإبادة، أكد نتنياهو في كلمة مساء الخميس المنصرم عزمه على «تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة وإعادة جميع الرهائن».
ورفض نتنياهو ما قال إنها محاولة من «حماس» «لفرض شروط استسلام» على إسرائيل. وأضاف «إذا فسّرت حماس استعدادنا للتوصل إلى اتفاق على أنه ضعف أو فرصة لفرض شروط استسلام من شأنها أن تُعرض دولة إسرائيل للخطر، فهي ترتكب خطأ فادحاً».
ومنذ 6 يوليو الجاري ولغاية 24 منه، أجريت بالدوحة مفاوضات غير مباشرة بين «حماس» وإسرائيل، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة، لإبرام اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.
ومراراً أكدت «حماس» استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين «دفعة واحدة»، مقابل إنهاء الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، غير أن نتنياهو –بحسب المعارضة الإسرائيلية– يرغب في صفقات جزئية تتيح استمرار الحرب، بما يضمن استمراره بالسلطة، عبر الاستجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفاً في حكومته.
وتواجه إسرائيل ضغوطاً دولية متزايدة بسبب الوضع الإنساني المروّع في القطاع المحاصر والمدمّر من جراء العدوان المستمر منذ أكثر من 21 شهراً، حيث حذّرت أكثر من مئة منظمة غير حكومية، يوم الأربعاء الماضي، من خطر تفشّي «مجاعة جماعية» في القطاع المنكوب.
وفي إطار مماطلة نتنياهو، نقلت هيئة البث الإسرائيلية «كان» عن «مصدر مطّلع على المفاوضات»، لم تسمّه، قوله إنّ «المحادثات لم تنهَر»، وإنما الأمر يتعلق بـ«خطوة منسقة» بين جميع الأطراف، وأن الزخم لا يزال «إيجابياً».
وبحسب الإعلام العبري، فإن الرد الذي سلّمته «حماس» للوسطاء، الأربعاء الماضي، طلب الإفراج عن مئتي أسير فلسطيني محكوم عليهم بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى ألفي معتقل فلسطيني اعتقلتهم قوات الاحتلال في غزة بعد السابع من أكتوبر 2023، مقابل إطلاق سراح عشرة محتجزين إسرائيليين أحياء.
وبحسب مصادر «حماس»، طلبت الحركة أيضاً إدخال تعديلات على بندَي مواقع انتشار جيش الاحتلال خلال فترة الهدنة المقترحة (60 يوماً)، وآلية إدخال المساعدات وتوزيعها، مع التشديد على استبعاد «مؤسسة غزة الإنسانية» من هذه المهمة لصالح هيئات الأمم المتحدة.
وتضمّن ردّ «حماس» أيضاً اشتراط الحركة وضع بند يقضي بفتح معبر رفح البري بين غزة ومصر في الاتجاهين عقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ مباشرة.
من جهة أخرى، أعربت عائلات المحتجزين الإسرائيليين عن «قلقها» إزاء قرار نتنياهو إعادة فريق التفاوض للتشاور. وقالت في بيان: «نتابع بقلق أنباء عودة فريق التفاوض من الدوحة، لقد طال أمد المفاوضات».
تحرّك أوروبي
في ظل التباطؤ الأميركي بوقف الإبادة في غزة، تحرك الأوروبيون بشكل لافت خلال الأسبوع الماضي للضغط باتجاه وقف إطلاق النار، فيما ذهبت فرنسا إلى حد التلويح بالاعتراف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر القادم، حيث أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنّ بلاده قررت الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكداً أنّه سيعلن عن ذلك، رسمياً، في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ودعا ماكرون إلى «التوصل فوراً إلى وقف لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الأسرى، وتقديم مساعدات إنسانية ضخمة لسكان غزة»، مشيراً في منشور له عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنّه «يجب ضمان نزع سلاح حركة حماس، وتأمين غزة وإعادة إعمارها»، بالإضافة إلى «بناء دولة فلسطين، وضمان قدرتها على البقاء، وأن تُسهم في أمن الجميع في الشرق الأوسط من خلال قبولها بنزع سلاحها واعترافها الكامل بإسرائيل».
وأعلنت فرنسا أيضاً أنّها ستترأس مع السعودية اجتماعاً دولياً، الأسبوع المقبل، في الأمم المتحدة لإنقاذ حل الدولتين، في حين طالبت كل من هولندا وكندا بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة الذي يواجه المجاعة.
بدوره، رحب رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بالموقف الفرنسي مؤكداً أنه «علينا أن نعمل معاً لحماية ما يحاول نتنياهو تدميره وحل الدولتين هو الخيار الوحيد». وكذلك، وزير خارجية إيرلندا بإعلان فرنسا مؤكداً على أهميتها في مهمة تحقيق حل الدولتين.
بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر إنه سيتواصل مع شركاء المجموعة الثلاثية الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة)، لمناقشة «ما يمكننا القيام به بشكل عاجل لوقف عمليات القتل وتزويد الناس بالطعام الذي يحتاجون إليه بشدّة».
وفي أوّل تعليق إسرائيلي على تصريح ماكرون، اعتبر نائب رئيس وزراء الكيان، ياريف ليفين، أنّ قرار الرئيس الفرنسي الاعتراف بدولة فلسطينية «وصمة عار ودعم للإرهاب». وقال ليفين: «حان الوقت لإحلال السيادة على الضفة الغربية كرد تاريخي عادل على القرار الفرنسي». أما وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، فاعتبر أن إعلان ماكرون نيته الاعتراف بدولة فلسطين استسلام للإرهاب ومكافأة لحركة «حماس».
وصوت الكنيست، في خضم المفاوضات، خلال الأسبوع الماضي، لصالح مشروع قانون يفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن، بأغلبية 71 نائباً من إجمالي 120. ودعم مشروع القرار جميع أحزاب الائتلاف الحاكم بالإضافة إلى حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض.
نكبة السويداء
منذ 13 يوليو، ولمدة ثمانية أيام، شهدت محافظة السويداء أعمال عنف دامية، أعادت إلى الأذهان المجازر الطائفية التي تعرض لها العلويون في الساحل السوري قبل أربعة أشهر فقط، وذلك إثر اندلاع مواجهات عنيفة بين مسلحين دروز معارضين لنظام «الرئيس الانتقالي» أحمد الشرع الذي يصفونه بـ«التكفيري»، وبين قوات تابعة لحكومة دمشق وعشائر سنية موالية له «فزعت» لنصرة البدو في محافظة السويداء بتحريض وتسهيل من نظام الشرع نفسه، الذي لم يتوان عن شكر العشائر على موقفهم «الوطني»، في أول كلمة له بعد إعلان وقف إطلاق النار، الإثنين الماضي.
وكانت أرتال دمشق قد تحركت قبل أيام، باتجاه السويداء تحت عنوان نزع السلاح من الفصائل الدرزية بقيادة الشيخ أحمد الهجري، حيث اندلعت أعمال عنف طائفية، استدرجت تدخلاً إسرائيلياً دعماً للدروز، حيث وجه الاحتلال ضربات على مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق، وعلى أهداف «عسكرية» في السويداء، وطالب بسحب القوات الحكومية من معقل الدروز، مما أجبر الشرع على الاستجابة في خطاب أول ألقاه حوالي الساعة الرابعة فجر 18 يوليو، لتشهد السويداء –في غضون اليوم التالي– هجوماً آخر موسعاً شُنّ تحت ستار «العشائر»، ولكنه قوبل بمقاومة شرسة من المسلحين الدروز، مما اضطر المسلحين إلى الفرار باتّجاه درعا وريف دمشق، دون تسجيل أي غارات إسرائيلية هذه المرة.
ومع استمرار الشحن الطائفي وأعمال القتل والاشتباكات وتبادل الاتهامات بالعمالة لإسرائيل حيناً وبالطائفية حيناً آخر، خلق تدخل دولة الاحتلال التي تسيطر على أجزاء متزايدة من الجنوب السوري وصولاً إلى ريف دمشق، أجواء من الخوف من مشروع التقسيم الذي يقول الشرع إنه لن يقبل به.
وقالت الحكومة السورية خلال عطلة نهاية الأسبوع إن الاشتباكات في السويداء توقفت بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحكومة والجماعات الدرزية والعشائر البدوية، تضمن تبادل الأسرى بين الطرفين.
وكشف السفير الأميركي لدى تركيا، توم براك أن الاتفاق أبرم «بين سوريا وإسرائيل». موضحاً أنه لاقى ترحيباً من تركيا والأردن ودول مجاورة أخرى.
ورغم ذلك، قال نتنياهو في كلمة له، الخميس الماضي، «لن نقف متفرجين أمام ما يحدث لإخواننا في السويداء.. علينا أن ننزع السلاح في المنطقة الواقعة جنوب دمشق وأن نحمي الدروز».
وفي حين لم تتضح بنود اتفاق وقف إطلاق النار، استفاقت السويداء على وضع مأساوي بعد سلسلة من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، من بينها تنفيذ عمليات إعدام ميدانية بحق عشرات المدنيين، بمن فيهم مواطن أميركي درزي من ولاية أوكلاهوما، قتل مع ثمانية آخرين من أفراد عائلته. وشكل مقتل حسام سرايا (35 عاماً) إحراجاً واضحاً للإدارة الأميركية لاسيما وأن الجريمة موثقة بمقطع فيديو يظهر مجموعة من الرجال المسلحين يرتدون الزي العسكري وأقنعة الوجه وهم يطلقون النار على الضحايا بينما يهتفون «الله أكبر».
وبينما أحدثت معارك السويداء دماراً واسعاً ونزوحاً شبه كامل، فيما تعيش المدينة المنكوبة شللاً خدمياً وحصاراً غير معلن مع غياب الاحتياجات الأساسية من ماء وكهرباء ووقود، اكتفت الخارجية الأميركية بالإشارة إلى أن «سوريا تمرّ بمنعطف حاسم ونأمل من الحكومة السورية قيادة الخطوات المقبلة» مؤكدة أنها أجرت نقاشات مباشرة مع حكومة دمشق بشأن مقتل أميركي من أصل سوري وطالبت بـ«تحقيق فوري».
وبعد محاولة تسويقه في لبنان والمنطقة، خلال الأشهر الماضية، كمثال يحتذى سياسياً، دعا المبعوث الأميركي برّاك، الشرع، إلى تقويم سياساته وتبني نهج أكثر شمولاً، وإلا سيكون مهدداً بفقدان الدعم الدولي وتفتيت البلاد.
ورغم تعهده بحماية الأقليات العديدة في سوريا، إلا أن البلاد شهدت منذ استيلائه على السطة في ديسمبر 2024، أحداث عنف طائفية، لم يشهد لها السوريون مثيلاً منذ «طوشة» عام 1860، مما يهدد بفقدان الموقف الأميركي الداعم للنظام الجديد، وهو ما بدأت مؤشراته بالظهور من خلال نظر الكونغرس بتعديل قانون العقوبات «قيصر».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الإعدامات الميدانية طالت 238 شخصاً، بينهم 30 امرأة و8 أطفال ورجل مسن، أُعدموا جميعهم على يد مسلحين يرتدون زي وزارتي الدفاع والداخلية. وقد جرت هذه الإعدامات في مناطق متفرقة من المحافظة، بعضها داخل مدارس ومراكز عامة كانت تستخدم كمواقع اعتقال مؤقتة.
ومثّل الريف الغربي لمحافظة السويداء، نقطة الانطلاق الرئيسة للهجوم، لوقوعه على طريق دمشق وقربه من درعا، الأمر الذي نتج عنه ضغط ميداني كبير، أدّى إلى دمار شبه كلّي، إمّا نتيحة المعارك، أو بسبب عمليات الحرق والنهب والسرقة. في المقابل، تسبّبت المواجهات وما تلاها من تجييش طائفي وجرائم ارتكبتها أطراف الصراع، في فرار كلّي لعشائر البدو من المحافظة في اتّجاه درعا وريف دمشق.
وتُظهر الأدلة الميدانية والشهادات المصورة التي حصل عليها المرصد، أن عدداً من عمليات القتل نُفذ على أسس طائفية وانتقامية، في ظل حالة من الفلتان الأمني وتورط جهات رسمية يفترض بها الحفاظ على حياة المدنيين. وتؤكد هذه المجازر، التي لم تحظَ بأي مساءلة حتى الآن، خطورة الانهيار الأخلاقي في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، واستمرار سياسة الإفلات من العقاب.
وبحسب «المرصد» المعارض لنظام الشرع، ارتفعت حصيلة القتلى، نتيجة الاشتباكات وعمليات الإعدام الميداني والقصف الإسرائيلي، إلى 1,386 قتيلاً، بينهم: 657 من أبناء محافظة السويداء، (124 مدنياً، بينهم 10 أطفال و24 امرأة)، و469 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام، بينهم 40 من أبناء العشائر البدوية ومسلح لبناني الجنسية، فيما بلغت حصيلة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت دمشق ودرعا والسويداء، 15 فرداً من عناصر وزارتي الدفاع والداخلية، وثلاثة مدنيين. كذلك وثّق «المرصد» مقتل ثلاثة من أبناء عشائر البدو، بينهم سيدة وطفل، أعدموا ميدانياً على يد مسلحين دروز.
وفي حين تحدث ناشطون من داخل مدينة السويداء عن مقتل الآلاف خلال الأيام الثمانية، أعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، الموالية لحكومة دمشق أنه خلال الفترة ما بين 13 و24 تموز الحالي، قتل ما لا يقل عن 814 شخصاً، مستدركة بأن هذه الحصيلة «تخضع لعمليات تحديث مستمرة».
Leave a Reply