ديربورن- بحضور مسؤولين حكوميين ومُنتخبين رسميين، وفعاليات دينية ومجتمعية، أقام المجمع الإسلامي الثقافي بديربورن –الأسبوع الماضي– حفله نصف السنوي لجمع التبرعات وسط التأكيد على أهمية المؤسسات الدينية في حماية وتفعيل دور الجاليات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت على مرّ العقود.
وبعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم، أشاد الأمين العام للمجمع الإسلامي، الحاج أكرم بزي، بمسيرة المجمع الذي أسسه المرجع عبداللطيف برّي في عام 1981، والذي يواصل مسؤولياته الدينية والاجتماعية تحت إرشاد نجله الشيخ باقر بري، داعياً المجتمع الأهلي إلى دعم المؤسسة التي تتزايد أعباؤها المالية والتشغيلية في ظل المتغيرات المستجدة.
وفي كلمته، أشار أمين عام المجمع إلى أن مسؤوليات المجمع وباقي المؤسسات الدينية في منطقة ديربورن تتعاظم في ظل الظروف التي تحمل معها «ثقافات شديدة الانحدار، وتراجعاً على المستوى الأخلاقي، وتغيراً في الطباع يخالف الفطرة السليمة»، في إشارة إلى الجدل والانقسام المجتمعي العميق الذي شهدته مدينة ديربورن حول قضية الكتب ذات المضامين الجنسية في مكتبات المدارس العامة.
وأوضح بزّي بأن المجمع يضع في رأس أولوياته تعميق المبادئ الإيمانية والأخلاقية لدى النشء العربي والمسلم عبر مساعدة الأسر والعائلات على تفهم وإدارة مشاكل أبنائهم على قواعد مستنيرة تركز في الدرجة الأولى على «قيم الدين الحنيف وليس مجرد الإتيكيت» أو اللباقات الاجتماعية. وحثّ بزي، المجتمع الأهلي على التبرع بسخاء لمساعدة المجمع لكي يتمكن من تسديد مستحقاته المالية ورواتب الموظفين وتمويل البرامج المتنوعة التي تخدم أعداداً متزايدة من الشباب واليافعين، من الذكور والإناث، وباللغتين العربية والإنكليزية.
دور متنام
أكد مرشد المجمع الشيخ باقر بري على أهمية المراكز الدينية في تعميق وتنمية دور المسلمين الأميركيين الذين باتوا –في الآونة الأخيرة– يساهمون بفعالية مشهودة «في حماية القيم الإنسانية والمُثل الأخلاقية داخل المجتمع الأميركي».
وقال بري: «في البدايات، كنا نهتم بتوفير الخدمات لمجتمع المؤمنين، ولكن جاليتنا باتت حالياً منخرطة في الدفاع عن المُثل والأخلاق في أميركا»، حين رفضت دعوات الترويج للمثلية الجنسية من خلال الكتب المدرسية، لافتاً إلى أن الجالية لن تقبل ذلك النوع من الانحدار الذي يتعارض مع الحس السليم والفطرة الإنسانية.
وأشار بري إلى أن حراك الجالية العربية في ديربورن ضد المطبوعات الجنسية والمثلية في المكتبات المدرسية، لفت انتباه الكثير من الأفراد والمؤسسات الدينية والمنصات الإعلامية في عموم الولايات المتحدة، منوهاً إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات الإيجابية بهذا الشأن من قبل أفراد ورجال دين مسيحيين من خارج ولاية ميشيغن.
وحذر الشيخ بري من المفاهيم والسلوكيات الشائنة التي تسوقها وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية في مجتمعات الشباب، لافتاً إلى أن هذه التحديات تزيد من تعقيد المهام المناطة بالمراكز الإسلامية وباقي المؤسسات الاجتماعية الأخرى. وقال: «خلال السنوات القليلة الماضية تطورت التكنولوجيا بشكل مذهل وتغير العالم جذرياً.. إننا نشهد تطوراً مادياً جارفاً ولكن يرافقه بكل أسف ضمور أخلاقي مريع».
وشدد بري على أن المؤسسات الدينية تواجه تحديات استثنائية في الوقت الحالي، وأن الحفاظ على دور هذه المؤسسات بات الآن أصعب من أي وقت مضى، بسبب المتغيرات المتلاحقة وضعف الموارد المالية اللازمة لتوظيف الكفاءات المتخصصة.
وقال بري: «في السابق، كنا نجمع بالمتوسط حوالي 70 ألف دولار خلال حفلنا السنوي أو نصف السنوي، ولكن هذا المبلغ لم يعد كافياً لسد نقفاتنا لأكثر من شهرين بسبب ما نشهده من تضخم وغلاء في الأسعار وارتفاع في رواتب العاملين، إضافة إلى فواتير المياه والكهرباء وغيرها من الأمور الأخرى».
وأضاف: «نحن بحاجة ماسة إلى جهود أبنائنا المهنيين لمساعدتنا في المجمع، ولكننا عاجزون عن دفع الرواتب التي يستحقونها، ففي الفترة الأخيرة، كنا بحاجة لتوظيف أحد هذه الكفاءات ولم يكن بإمكاننا دفع المبلغ الذي طلبه، فكانت النتيجة أنه ذهب إلى إحدى المؤسسات العلمانية ليتوظف لديها بعد أن دفعوا له ضعف ما طلبه منا».
وشدد بري على أن الوسائل التقليدية لجمع التبرعات «لم تعد مجدية»، وأنه لا بدّ من التفكير بأساليب جديدة لتأمين الأموال اللازمة لتشغيل هذه المؤسسات الحيوية في مجتمع جاليتنا، والتي تمثل «الخندق الأول في المواجهة»، على حد تعبيره.
وفي نفس السياق، أكد الدكتور علي بري متحدثاً باسم المجمع على ضرورة ابتكار موارد جديدة لتمويل المؤسسات الاجتماعية والمراكز الدينية في منطقة ديربورن، وقال: «نريد أن ننقل المجمع إلى مستوى أعلى وهذا لن يتحقق إذا لم نجد أفكاراً مناسبة للمستقبل، والمفتاح في هذه المسألة، هو أن نمتلك عقلاً منفتحاً وأن نضع استراتيجيات طموحة، وهذا لن يتحقق إلا بمشاركة ودعم كامل مجتمعنا ومؤسساتنا الحكومية».
ولفت بري إلى أن الجالية العربية حققت خلال السنوات الأخيرة، العديد من الإنجازات السياسية على المستوى المحلي وفي عموم ولاية ميشيغن، مهيباً بالمسؤولين والمنتخبين العرب الأميركيين أن يساعدوا المؤسسات الاجتماعية والمراكز الدينية في الوصول إلى المنح الحكومية المصممة لدعم برامج التوعية والوقاية من الآفات المجتمعية.
وفي كلمة له، وصف الناشط الاجتماعي، الحاج بلال شرارة، «المجمع الإسلامي» بأنه «ملتقى» الجالية العربية والإسلامية بكل أطيافها ومكوناتها في منطقة ديترويت، داعياً الجميع لمواصلة دعم المؤسسة التي تعتبر «من أهم الصروح الثقافية» في عاصمة العرب الأميركيين.
Leave a Reply