واشنطن – أيدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الثلاثاء الماضي قرار حظر السفر الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب العام الماضي ومنع رعايا دول أغلبها شرق أوسطية وإفريقية من دخول الولايات المتحدة لدواع أمنية.
وصوت خمسة من قضاة المحكمة لصالح القرار مقابل اعتراض القضاة الليبراليين الأربعة، ما منح الرئيس نصراً في ملف شهد الكثير من الجدل والأحكام القضائية التي علقت القرار بنسخه الثلاث عدة مرات وأمرت باستئنافه مرات أخرى.
وتظاهر المئات أمام مبنى المحكمة العليا في واشنطن ضد حكمها بتأييد قرار ترامب بحظر دخول رعايا خمس دول ذات أغلبية مسلمة.
وندد المشاركون في الوقفة بالحكم الذي اعتبروا أنه «يعزز العنصرية في الولايات المتحدة، ويدعم السياسات التمييزية لترامب ضد الأجانب».
ورفع المحتجون شعار «لا للحظر لا للجدار» –تخطط الإدارة الأميركية لبنائه على الحدود مع المكسيك–.
كما شارك في المظاهرة عدد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الذين أبدوا معارضتهم لهذا الحظر، ودعوا مجلسي الشيوخ والنواب إلى التحرك من أجل التصدي لـ«السياسات التمييزية للإدارة الحالية تجاه المهاجرين».
قرار المحكمة
قال كبير القضاة جون روبرتس إن القرار الذي أصدره ترامب «يقع تماماً في نطاق الصلاحيات الرئاسية، وإنه صدر على أساس قانوني يهدف إلى منع الرعايا الأجانب الذين لا يمكن التحقق من هوياتهم بشكل جيد، ويحث الدول على تحسين إجراءاتها».
ويحظر القرار بنسخته الأخيرة بعض رعايا دول سوريا وليبيا وإيران واليمن والصومال وكوريا الشمالية وفنزويلا من الدخول إلى الولايات المتحدة.
وكانت تشاد في القائمة التي أعلنها ترامب في أيلول (سبتمبر) لكن جرى رفعها في العاشر من نيسان (أبريل). وكذلك كان العراق والسودان في نسخ سابقة لأمر الحظر. وتستهدف السياسة الحالية فنزويلا وكوريا الشمالية أيضاً. لكن هذه القيود لم يجر الطعن بها في المحكمة.
وقالت المحكمة إن مقدمي الطعون لم يقدموا ما يثبت أن الحظر ينتهك قانون الهجرة الأميركي أو التعديل الأول بالدستور الذي يحظر على الحكومة تفضيل دين على آخر.
وأضاف روبرتس أن إدارة ترامب «قدمت تبريراً كافياً فيما يتعلق بالأمن القومي» كي يصدر حكم لصالحها. وأضاف «لا نعبر عن رأي بشأن صحة السياسة».
وقال إن الإجراءات التي اتخذها ترامب لحظر دخول مجموعات معينة من البشر «تقع تماماً في نطاق السلطة التنفيذية وكان من الممكن أن يتخذها أي رئيس آخر».
انتصار لترامب
وسارع ترامب إلى وصف الحكم بأنه «إثبات قوي لصحة موقفه» بعدما عرقلت محاكم أقل درجة حظر السفر الذي أعلنه في سبتمبر فضلاً عن نسختين معدلتين سابقتين بعد طعون قضائية رفعتها ولاية هاواي وجهات أخرى.
وأشاد ترامب بقرار المحكمة في تغريدة على «تويتر» ووصفه بأنه «رائع». وكان وصف الحظر بأنه ضروري لحماية البلاد من هجمات يخطط لها إسلاميون راديكاليون.
وفي بيان نشره البيت الأبيض وصف ترامب القرار بأنه «انتصار هائل للشعب والدستور الأميركي» وقال إنه أيد السلطة الرئاسية بشأن قضايا الأمن القومي.
وقال ترامب «في هذا العصر الذي يسعى فيه الإرهاب والحركات المتطرفة في أنحاء العالم إلى إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء ينبغي لنا أن ندقق جيداً في من يدخل بلادنا».
وأيد الحكم صلاحيات الرئاسة الواسعة بشأن الأفراد المسموح لهم بدخول الولايات المتحدة. ويعني القرار أن الحظر الحالي قد يستمر وأن من الممكن أن يضيف ترامب المزيد من الدول.
المعارضة مستمرة
قرار المحكمة العليا أثار ردود فعل شاجبة دعت إلى ضرورة مواصلة «النضال» والاحتجاجات الشعبية ضد سياسات البيت الأبيض للهجرة.
ويقول معارضو القرار إن السياسة يحركها عداء ترامب للمسلمين وحثوا المحاكم على الأخذ في الحسبان تعليقاته النارية خلال حملته الرئاسية.
وكان ترامب قد دعا في خريف ٢٠١٥ إلى «حظر تام وكامل للمسلمين من دخول الولايات المتحدة». وبعد أسبوع واحد فقط من توليه الرئاسة أصدر أول أوامره التنفيذية بشأن الحظر، لكنه سرعان ما اصطدم بالمحاكم التي يسيطر عليها القضاة الليبراليون.
ونددت جماعات لحقوق الإنسان وأعضاء بالحزب الديمقراطي بقرار المحكمة.
وقال عمر جادوات من «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» الذي علّق على الحظر «سيُسجل الحكم في التاريخ على أنه أحد أكبر السقطات الكبرى للمحكمة الدستورية.
وشهدت مدينة نيويورك تنظيم تظاهرة انضم إليها المئات احتجاجاً على تأييد المحكمة العليا لقرار «حظر السفر».
ونُظمت المظاهرة في ميدان «فولي» بمدينة نيويورك، وشهدت مشاركة أعضاء في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، وممثلين عن ثمانين منظمة مدنية أخرى تضم مجموعات دينية وعرقية.
ورفع المحتجون لافتات كُتبت عليها عبارات من قبيل «لا للحظر، لا للنازيين في البيت الأبيض» بينما رددوا هتافات «كلنا مسلمون، هذه الشوارع لنا» منددين بسياسات إدارة ترامب تجاه المهاجرين.
وقالت الناشطة العربية الأميركية من منظمة «مسيرة النساء» ليندا صرصور: «لا يهمني قرار المحكمة فهي أصدرت في الماضي قرارات خاطئة من قبيل اعتبار معسكرات اعتقال اليابانيين والعبودية بأميركا أموراً قانونية. هذه الإدارة تطبق تمييزاً عنصرياً. هذه فاشية».
ومن المقرر أن تنظم تظاهرات واسعة في أنحاء الولايات المتحدة يوم السبت (مع صدور هذا العدد) احتجاجاً على سياسات ترامب للهجرة.
يوم حزين
تعليقاً على قرار المحكمة العليا، أصدرت عضو الكونغرس الأميركي ديبي دينغل (ديمقراطية عن ميشيغن) بياناً وصفت فيه يوم صدور القرار بـ«اليوم الحزين والمخيب للآمال»، مؤكدة أن أميركا كانت منذ البداية «أرض الفرص للأفراد الباحثين عن الحرية الدينية».
وأضافت النائبة الديمقراطية عن ديربورن: «دستورنا والتعديل الأول فيه واضحان، بلدنا يجب أن يحترم جميع الأديان. المحكمة الدستورية اتخذت قراراً خاطئاً بتفسير وتطبيق الدستور».
وأكدت على أن حظر دخول المسلمين إلى أميركا هو حظر تمييزي ويحول بين الناس وأحبائهم، وأنه يغلق الأبواب بوجه اللاجئين الفارين من الحروب والعنف، لافتة إلى أن خبراء في الأمن القومي الأميركي قد أكدوا أن قرار «حظر المسلمين» يجعل أميركا «أقل أمناً».
وختمت دينغل بيانها بالقول: «الحرية الدينية هي الركن الأكثر أساسية في دستورنا، وهذه السياسة غريبة عما نحن عليه كأمة»، في إشارة إلى سياسات الرئيس ترامب، وشددت «سوف نستمر في النضال ضدها».
Leave a Reply