أصدرت المحكمة العليا في ميشيغن يوم 25 أيار (مايو) الماضي رأياً قانونياً من شأنه أن ينهي قدرة المراكز الطبية على مقاضاة شركات التأمين لتحصيل فواتير معالجة مصابي حوادث السير بموجب قانون التأمين ضد الغير المعمول به في ميشيغن. وبحسب معارضيه، فإن القرار القضائي المثير للجدل، قد يحمّل المصابين كلفة الفواتير المفاجئة التي قد تصلهم عبر البريد، غير أن مؤيدي القرار يعتبرونه فرصة لتخفيض أسعار بوالص التأمين في الولاية، والتي تعتبر الأعلى على الصعيد الوطني.
وبناءً عليه، فإن القرار الذي اتخذته المحكمة العليا (٥–١) سيقلب رأساً على عقب الطريقة المعتمدة منذ عقود طويلة في ميشيغن، والتي تسمح للمستشفيات والعيادات الطبية ومراكز الفحوص الإشعاعية وكذلك شركات نقل المصابين، بتحصيل الفواتير من شركات التأمين.
وجاء في رأي المحكمة العليا أن المراكز الطبية ليس لها الحق القانوني بمقاضاة شركات التأمين، ما يعني أن القضايا التي كانت تُرفع عادةً للمحاكم المختصة عندما تتلكأ شركة التأمين في السداد أو تقطع المستحقات عن الشخص المؤمن بحجة تعافيه من الحادث، لم تعد ذات سند قانوني.
وكشف تحقيق نشرته صحيفة «ديترويت فري برس» الشهر الماضي أن عدد هذه القضايا، المعروفة باسم «دعاوى الطرف الأول»، شهدت خلال السنوات الماضية ارتفاعاً مضطرداً على مستوى الولاية، ولا سيما في مقاطعة وين، التي تضم عدداً من الرموز البريدية الأعلى كلفة للتأمين على السيارات، لاسيما في ديترويت وديربورن وهامترامك.
كابوس
«التحالف من أجل حماية قانون التأمين على السيارات ضد الغير» (cpan)، وهو عبارة عن مجموعة ضغط مؤلفة من المراكز الطبية ومحامي المصابين، وصف قرار المحكمة العليا بأنه «كابوس للمستهلكين».
وأضاف بيان التحالف أن المصابين باتوا الآن وحدهم المسؤولين عن تحصيل الفواتير الطبية من شركات التأمين لدفع مستحقات معالجيهم من أطباء وأخصائيين.
لأنه في حال رفضت شركات التأمين التكفل بالفواتير، فستقوم المستشفيات والمراكز الطبية بتحويل تركيزها إلى المريض لكي تحصّل أموالها.
وقال رئيس التحالف، جون كورناك، في بيان «سيؤدي هذا إلى خلق سيناريوهات يضطر من خلالها الأطباء والمستشفيات إلى مقاضاة المرضى الذين كانوا تحت رعايتهم، ولا مناص لهؤلاء المرضى إلا أن يقوموا بدورهم بالادعاء على شركات التأمين».
إيجابيات متوقعة
ومن ناحية ثانية ينظر آخرون إلى حسنات هذا القرار بالنسبة للمستهلكين عموماً في ميشيغن، لأنه يتيح ما يلي:
– المراكز الطبية ستخفض أسعار الخدمات والفواتير لتجنب رفضها من قبل شركات التأمين.
– المراكز الطبية قد تلجأ إلى شطب الفواتير التي تتمنع شركات التأمين عن سدادها.
– الفواتير غير المسددة يمكن أن تحوّل إلى برامج التأمين الصحي الخاصة بالمصابين، والتي غالباً ما تدفع أقل لقاء الخدمات الطبية مقارنة بما تدفعه شركات التأمين على السيارات.
منفذ قانوني
نتيجة أخرى ناجمة عن القرار القضائي الأخير، هي أن المراكز الطبية قد تلجأ إلى الحصول على توكيل من المصاب لمقاضاة شركات التأمين، وذلك عبر توقيع وثيقة خاصة تخول المستشفيات والعيادات بتقديم دعاوى قانونية بحق شركات التأمين نيابة عن الشخص المصاب. وهذا يعني انه يتعين على المصاب أن يوقع هذه الوثيقة لكل مركز عناية صحية يزوره وتجديد الحق الممنوح له في كل مرة يقوم بالمراجعة الطبية.
وهذا الخيار من شأنه أن يمنح المرضى بعض الحماية ضد الفواتير المفاجئة.
والجدير بالذكر أن قرار المحكمة العليا لم يغير الشرط الذي يلزم شركات التأمين ما يتوجب عليها من الفواتير الطبية الموثوقة في غضون 30 يوماً أو تواجه فوائد بنسبة 12 بالمئة.
كما لا يزال ضحايا الحوادث يملكون الحق بتقديم دعاوى قانونية ضد شركات التأمين لتحصيل التعويضات التي ينص عليها قانون ميشيغن للتأمين ضد الغير، وهي الفواتير الطبية، والأجور المفقودة والعناية المنزلية.
ومن جهته، رحّب ديك ڤان كوفيرينغ، المستشار العام لـ«حلف التأمين في ميشيغن»، وهي مجموعة نقابية لشركات التأمين، بالقرار القضائي، مشيراً إلى أنه انتصار للمستهلكين أولاً، لأنه سوف يزيح أعباء التقاضي عن كاهل المراكز الطبية، كما سوف يحد من الممارسات غير الأخلاقية التي تقوم بها بعض المراكز بحق المصابين بحوادث السير، ومن ضمنها رفع كلفة الطبابة عليهم بضعفي أن إلى ثلاثة أضعاف الكلفة العادية.
القضية
أما القضية التي وصلت إلى المحكمة العليا في ميشيغن، وانبثق عنها الرأي القانوني الجديد، فهي دعوى قضائية رفعها «مركز كوفينانت الطبي» في ساغينو ضد شركة «ستايت فارم» للتأمين، لتحصيل فواتير بقيمة ٤٥ ألف دولار مقابل معالجة رجل تعرض لحادث سير عام ٢٠١١.
وكان المصاب قد تقدم بدعوى ضد «ستايت فارم» في حزيران (يونيو) 2012 للحصول على تعويضاته بموجب قانون التأمين ضد الغير المعتمد في ميشيغن.
وتمت تسوية القضية بدفع تعويض بقيمة ٥٩ ألف دولار، تنازل المريض مقابله عن تحميل شركة التأمين أية مستحقات أو تبعات مالية متعلقة بالحادث. إلا أن التسوية لم تشمل الفواتير المستحقة لـ«مركز كوفينانت الطبي»، الذي تقدم بدعوى خاصة به ضد «ستايت فارم» في نيسان (أبريل) 2013، مطالباً بالتحصيل.
غير أن شركة التأمين رفضت الدفع بداعي أنها قامت بتسوية القضية مباشرة مع المصاب.
وأصدرت محكمة مقاطعة ساغينو حكماً لصالح «ستايت فارم» عام 2014، فقام مركز «كوفينانت» باستئنافه أمام محكمة الاستئناف في الولاية التي قامت بنقض قرار محكمة المقاطعة معلّلة ذلك بأن «ستايت فارم» «لم تدخل التسوية بنية حسنة لأنها لاحظت عدم تسديد فاتورة مركز كوفينانت الطبي خلال القيام بالتسوية».
المحكمة العليا بدورها نقضت حكم محكمة الاستئناف. وكتب خمسة قضاة تعليلاً بنقضهم ينص على أن محكمة الاستئناف منذ عقود تفسر نظام التأمين ضد الغير خطأً في ميشيغن، مانحة المراكز الطبية الحق في رفع دعاوى قانونية على شركات التأمين مباشرة ومثيرة لغطاً حول فوائد التأمين ضد الآخرين. لكن في الواقع حتى اللحظة، فإن القانون لم يمنح هذا الحق قطّ لمزودي الخدمات الطبية لذلك فنحن هنا ننقض حكم محكمة الاستئناف وكل السوابق القضائية لتعارضها مع هذا الاستنتاج.
القاضي الليبرالي ريتشارد بيرنستين كان الصوت الوحيد المعارض للقرار. أما القاضي المعين حديثاً في المحكمة العليا كيرتيس وايلدر فلم يشترك في اتخاذ القرار، فيما صوت باقي أعضاء المحكمة العليا لصالحه (٥–١).
وقرار المحكمة هذا، يعني أنه بدلاً من تقديم دعوى من قبل مراكز العلاج ضد شركة التأمين على السيارات لكي تسدد الفواتير الطبية فإن العيادات ستحول جهدها لملاحقة المريض.
ولم تقرر المستشفيات بعد كيف ستعدل من إجراءات التحصيل لديها في ضوء قرار المحكمة، حسب لورا ورتوبا مديرة الشؤون العامة في جمعية «المستشفيات والمراكز الصحية في ميشيغن».
وأضافت ورتوبا أن الجمعية أصيبت بـ«خيبة أمل» مشيرة إلى أن المستشفيات تدرس حالياً خياراتها.
وأكدت أن قرار المحكمة «يطرح أسئلة أكثر من الإجابات التي قدمها».
المحامي ديك هيلاري، الذي مثل المدعي لمركز «كوفينانت الطبي»، أعرب عن اعتقاده بأن قرار المحكمة قد وضع المصابين وأسرهم في خضم المنازعات القانونية بين المراكز الطبية وشركات التأمين. وخلص إلى القول بأنه «بعد يوم من صدور رأي المحكمة بدأت شركات التأمين إخطار المراكز الطبية بنيتها رفض كل الدعاوى الجارية، مما سيحمل المصابين مسؤولية دفع الفواتير».
Leave a Reply