ديترويت – «صدى الوطن»
أجّل قاض فدرالي في محكمة ديترويت، الأربعاء الماضي، البت بمصير ١١٤ مهاجراً عراقياً تم اعتقالهم مؤخراً في ميشيغن تمهيداً لترحيلهم إلى العراق، قائلاً إنه سيصدر رأياً مكتوباً بشأن القضية قريباً.
وغصت قاعة المحكمة والشوارع المحيطة بها بمئات العراقيين من المسيحيين والمسلمين الذين طالبوا بوقف إجراءات الترحيل، فيما كان القاضي مارك غولدسميث، يستمع إلى دعوى رفعها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية ACLU نيابة عن المعتقلين، تطالب بوقف ترحيلهم نظراً لأن كثيراً منهم ينتمون إلى أقليات مسيحية، وقد يواجهون التعذيب أو الاضطهاد الديني في وطنهم، بحسب الدعوى.
وطلب الاتحاد من المحكمة إصدار أمر عاجل بوقف عمليات الترحيل المزمعة، بدعوى أن كثيراً من المستهدفين في ميشيغن من المسيحيين الكلدان الذين يعتبرون على نطاق واسع «أهدافاً لاضطهاد وحشي في العراق».
وأضافت الدعوى أن ترحيل العراقيين يمكن أن يشكل انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وهو معاهدة دولية وقعت عليها الولايات المتحدة.
ورد الادعاء الفدرالي بالقول إن المحكمة غير مختصة بالنظر في هذه القضية وإنه بوسع المهاجرين الطعن أمام محكمة الهجرة. كما أكدت ممثلة الادعاء أنه لن يتم ترحيل أي من المعتقلين قبل ٢٨ حزيران الجاري.
وداخل قاعة المحكمة التي غصت بحشد كبير من أهالي وأقارب واصدقاء المعتقلين، وأمام القاضي غولدسميث، أعلنت مساعدة الادعاء الفدرالي جنيفر نوبي أن المعتقلين سيبقون هنا (في أميركا) لمدة أسبوع واحد على الأقل، قبل أن يبدأ ترحيلهم.
وسأل القاضي غولدسميث كم يحتاج المعتقلون من الوقت لتوكيل محامين وتحضير الوثائق المطلوبة للدفاع عنهم، فقال له محامو الاتحاد: شهران.
وإذا وجد القاضي أن القضية تقع ضمن صلاحياته، فمن المتوقع أن يصدر أمراً مؤقتاً بوقف إجراءات الترحيل لمنح المعتقلين فرصة جديدة للدفاع عن أنفسهم.
وقالت وكالة الهجرة والجمارك (آيس) إن المعتقلين جيمعهم من أصحاب السوابق وقد أدين بعضهم باتهامات كالقتل والاغتصاب والاعتداء والخطف والسطو والاتجار في المخدرات وجرائم تتعلق بحيازة السلاح. وسبق وأن صدرت بحقهم أحكام نهائية بالترحيل، بعضها يعود لأكثر من أربع سنوات.
وكانت «آيس» قد ألقت القبض مؤخراً على ١٩٩ مهاجراً عراقياً في أنحاء متفرقة من البلاد معظمهم من الكلدان في منطقة ديترويت، في إطار حملة تستهدف ترحيل ١٤٤٤ مهاجراً عراقياً، بعدما وافقت حكومة بغداد على قبول المرحلين في إطار اتفاق لرفع العراق من قائمة البلدان التي يسعى الرئيس دونالد ترامب لمنع سفر رعاياها إلى الولايات المتحدة.
والجدير بالذكر أن عدداً من المقبوض عليهم جاؤوا إلى الولايات المتحدة وهم أطفال وارتكبوا جرائمهم قبل عقود لكن سُمح لهم بالبقاء لأن العراق رفض في السابق إصدار وثائق سفر لهم. غير أن هذا تغير بعدما توصلت الحكومتان إلى اتفاق في 12 من آذار (مارس) الماضي.
غضب وحزن
وقد احتشد خارج القاعة المئات من الاشخاص وهم يلوحون بالصلبان الحُمر والأعلام الأميركية ورفعوا اليافطات التي تحمل شعارات مثل «أنقذوا أبي» و«أوقفوا الترحيل»، و«نحن بحاجة إلى أبينا».
وكانت قاعة المحكمة قد امتلأت بأسر بعض العراقيين المعتقلين وقادة من الجالية الكلدانية.
وقال كلارنس داس، وهو محامي ساوثفيلد يمثل 23 عراقياً محتجزاً، «بالنسبة لموكلي فإنه وقت مخيف جدَّاً لهم».
وحضرت جيل بطرس من نيو بالتيمور التظاهرة مع ابنتها مع لافتة تقول «انقذوا أبي»، في إشارة إلى بسام بطرس، 44 عاماً وهو واحد من 114 مهاجراً اعتقلوا في جنوب شرقي ميشيغن يوم ١١ حزيران (يونيو) الماضي. وكان بطرس انتقل إلى الولايات المتحدة من العراق عندما كان في الثالثة من عمره. وقالت بطرس ان زوجها قضى اربعة اعوام بالسجن لإدانته بجريمة قتل من الدرجة الثانية «لم يرتكبها وتم الافراج عنه بعد ظهور ادلة جديدة».
كما أشارت ليلى بطرس، 12 عاماً، وهي ابنة حيدر بطرس، أحد المحتجزين الـ114، للحشد «أفتقد والدي، وأريده ان يعود» وقد ردَّد الحضور الهتافات التي دعت الى اطلاق سراح المعتقلين.
واستمع المتظاهرون إلى رسالة من النائب المسلم في الكونغرس الأميركي كيث أليسون (ديمقراطي–مينيسوتا) الذي قال إنه عمل في أيام شبابه بمتجر يملكه كلدان في مدينة ديترويت حيث ولد.
ودعا أليسون إلى عدم ترحيل الكلدان والآشوريين «الذين فروا من الاضطهاد والعنف وجعلوا أميركا وطناً لهم»، مطالباً بإصلاح نظام الهجرة وفق مبدأ يقوم على «عدم تشتيت الأسر والعفو عن أصحاب السوابق غير العنفية التي ارتكبت قبل سنوات طويلة».
وتحدث خلال التظاهرة عدد من الأطفال مطالبين بالإفراج عن ذويهم، فيما تحدث آخرون عن تفاصيل مداهمات ١١ يونيو ومحاولاتهم دون جدوى لقاء المعتقلين الذين نقل معظمهم إلى مركز احتجاز فدرالي بمدينة يونغستاون (شمال شرقي أوهايو).
Leave a Reply