الرياض تستنجد بالحلفاء مع اقتراب نفاد مخزونها من الصواريخ الدفاعية
وفيقة إسماعيل – «صدى الوطن»
الأسبوع الماضي كان حافلاً بالتطورات الميدانية سواء على الساحة اليمنية حيث تواصل قوات صنعاء تقدمها على جبهة مأرب، أو على الساحة السعودية التي تعرضت لضربات حوثية موجعة بالتزامن مع جولة خليجية لولي العهد محمد ابن سلمان.
عملية السابع من ديسمبر
تطورات مأرب الميدانية جاءت بعد ساعات قليلة من عملية «السابع من ديسمبر» التي نفذها الجيش واللجان الشعبية ضد العمق السعودي واستخدموا فيها عدداً من الصواريخ البالستية و25 طائرة مسيّرة، مستهدفين مواقع عسكرية حيوية في ست مدن سعودية، هي الرياض وجدة والطائف ونجران وجيزان وعسير.
فقد أعلنت صنعاء، يوم الثلاثاء الماضي، على لسان المتحدّث باسمها، العميد يحيى سريع، عن عملية واسعة في العمق السعودي جاءت تفاصيلها على الشكل الآتي: 6 طائرات مسيّرة وعدد من صواريخ «ذو الفقار» استهدفت وزارة الدفاع ومطار الملك خالد وأهدافاً عسكريةً أخرى في العاصمة الرياض، 6 طائرات مسيّرة استهدفت قاعدة الملك فهد الجوية في الطائف وشركة «أرامكو» في جدّة، 5 طائرات مسيّرة استهدفت مواقعَ عسكرية في مناطق أبها وجيزان وعسير. 8 طائرات مسيّرة وعدد كبير من الصواريخِ البالستية استهدفت مواقع حساسة ومهمة في كل من أبها وجيزان ونجران.
وختم سريع بيانه بدعوة المواطنين والمقيمين كافة في المناطقِ المستهدفة، إلى الابتعاد عن المناطق والمواقع العسكرية، لأنها أصبحت أهدافاً مشروعة للقوات اليمنية، على حد تعبيره، مؤكداً أن عملية «السابع من ديسمبر» تأتي في إطار الرد على التصعيد السعودي الأخير، الذي تُرجم هجمات جوية متعددة على العاصمة صنعاء، وأدى إلى سقوط ضحايا مدنيين ودمار واسع.
جبهة مأرب
يوم الأربعاء الفائت، تحدثت مصادر عسكرية ميدانية عن هجوم واسع شنّه الحوثيون من عدة محاور، حيث تمكنوا من السيطرة على مساحات واسعة من الجهتين الجنوبية والشرقية لمدينة مأرب وسلسلة جبال البلق المطلّة على المدينة، ومناطق نقطة الفلج والنقعتين العليا والسفلى واللجمة وقرون البور، لتنتقل المعارك إلى جنوب وادي عبيدة، آخر مديريات المحافظة التي لا تزال خارج سيطرة قوات صنعاء. وأوضحت المصادر أن قوات صنعاء تمكّنت من السيطرة على مناطق مهمة وعديدة في اتجاه وادي عيد، كما نفذت عملية التفاف عسكري مباغت ضد قوات الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي ومقاتلي «حزب الإصلاح» من جنوب شرق البَلْق الشرقي. كذلك توغّل «أنصار الله» بمساندة من أبناء قبيلتي مراد وعبيدة في مناطق واسعة واستراتيجية داخل مديريّة الوادي، بعد معارك عنيفة جداً.
وعلى الرغم من شن التحالف السعودي أكثر من 50 غارة منها 35 استهدفت خطوط التماس لمساندة قوات هادي، فقد أسفر الهجوم وفقاً لمصادر عسكرية عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف قوات هادي والتحالف الذي يساندها، وفرار عدد كبير منها، وعزَت القوات المتراجعة –أي قوات هادي– تقدم «أنصار الله» وسقوط العدد الكبير من القتلى في صفوفها إلى استخدام الحوثيين وللمرة الأولى منذ بدء الحرب على اليمن طائرة مروحية من طراز «أباتشي».
وزارة الدفاع في حكومة صنعاء أعلنت إثر التقدم الواسع عن منح «المرتزقة» الفرصة الأخيرة لترتيب أوضاعهم، وأن التقدم الأخير الذي حصل على جبهة مأرب هو رسالة إلى السعودية والإمارات بانكسارهما على الأرض، داعيةً إلى وقف الحرب ورفع الحصار.
وفي مديريات عسيلان غربي محافظة شبوة، تدور معارك عنيفة منذ الأسبوع الماضي، كما تقدّم الحوثيون باتجاه منطقة الجرد، في الجبهة نفسها، وبالتالي، فقد استطاعوا تأمين مديريات بيحان الأربع، وفتحوا مساراً جديداً يتيح لهم الوصول لاحقاً إلى الخطّ الدولي الرابط بين محافظات مأرب وشبوة وحضرموت، وهو ما يعني باللغة العسكرية سقوط «صافر».
وفي تطور ميداني لافت وخلال أقل من يومين، تمكن الحوثيون من إسقاط طائرتين تجسسيتين تابعتين للتحالف، الأولى –مساء الثلاثاء الماضي– أميركية الصنع من نوع «سكان إيغل» أثناء تحليقها في أجواء الجوبة بمأرب، والثانية مساء الأربعاء، صينية الصنع، من طراز «سي أتش فور» أثناء قيامها بأعمال عدائية في أجواء منطقة الوادي بمحافظة مأرب.
اقتراب الحسم
احتدام المعارك على جبهة مأرب تناوله عضو المجلس السياسي لحركة «أنصار الله» محمد البخيتي مؤكداً اقتراب ساعة الحسم وأن «انكسار العدو في جبهة مأرب يعني انكساره في كل الجبهات»، في إشارة إلى ما تمثله مأرب من أهمية استراتيجية في مجريات الحرب المستمرة منذ ربيع 2015. كما أشار البخيتي إلى تواصل «أنصار الله» مع الكثير من أبناء القبائل في المحافظات الشمالية ومحافظة شبوة، مشدداً على أن التصعيد في العمق اليمني سيُواجَه بالتصعيد في العمق السعودي.
بدوره، وزير الخارجية في حكومة صنعاء حسين العزي وجّه رسالة عبر «تويتر» إلى أبناء الشعب اليمني، بشّرهم فيها بالانتصارات على جبهة مأرب، متحدثاً عن «انهيارات كبيرة في صفوف التحالف»، كما أشار إلى أن هناك عدداً من القادة الكبار في قوات التحالف ممّن يشاركون في القتال في مأرب قد بدأوا بالتواصل مع صنعاء.
الرياض تستشعر العجز
في إشارة واضحة على حجم الضربات التي تتلقاها الرياض وعجزها عن صدّها، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن السعودية طلبت من واشنطن وحلفائها في الخليج وأوروبا تزويدها بصواريخ دفاعية لصد هجمات الحوثيين المتتالية، بعد أن بات مخزونها من صواريخ «باتريوت» يوشك على النفاد.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من المخاوف التي يتحدث عنها الأميركيون بشأن سجل حقوق الإنسان السعودي الحافل بالانتهاكات، يعتقد المسؤولون في واشنطن أن عليهم التزاماً بمساعدة المملكة الغنية بالنفط في الدفاع عن نفسها. كما أشارت الصحيفة إلى قلق السعودية من الخسائر الكبيرة والأضرار التي ستلحق ببنيتها التحتية النفطية من دون وجود مخزون كافٍ من صواريخ «الباتريوت» الاعتراضية.
وفي السياق، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس وقوف بلاده مع «الشركاء في المملكة التي تعرضت لهجمات من قبل الحوثيين»، وأدان الهجوم مشددا على الدعم الأميركي لأمن المملكة.
ويرى المراقبون أنه لا يمكن أن تستمر السعودية في حربها على اليمن من دون غطاء ودعم أميركيين، لذلك فإن التصعيد السعودي الأخير يشير بوضوح إلى رغبة أميركية بإطالة أمد هذه الحرب على عكس ما حاولت إشاعته إدارة جورج بايدن مع تسلمه السلطة، ويدحض أيضاً مزاعمها في السعي لإيقاف الحرب.
جولة ابن سلمان
يربط المراقبون زيارة ابن سلمان لدول الخليج، الأسبوع الماضي بالتطورات الجارية على جبهة مأرب والتقدم الميداني الكبير الذي يسجله الحوثيون على حساب قوات التحالف. وقد اختار ولي العهد السعودي زيارة مسقط لتوجيه رسائل متنوّعة الاتجاهات، خصوصاً نحو طهران وحركة «أنصار الله»، في محاولة لانتزاع مكاسب تحفظ ماء وجه الرياض لإنهاء حرب اليمن.
لكن ابن سلمان تلقى الرسائل من اليمنيين أثناء استقباله في البلاط السلطاني، بسقوط زخات من الصواريخ الباليستية على أراضي المملكة.
وبينما شملت جولة ولي العهد السعودي، عمان وقطر والإمارات والبحرين والكويت، ظهر ابن سلمان في موقف ضعيف وهو يحاول رص الصفوف الخليجية وراء زعامته، فكان استقباله باهتاً في الإمارات التي فتحت الاتصالات مع خصومه السابقين في تركيا وقطر وصولاً إلى إيران، حيث حل الشيخ طحنون ضيفاً على طهران، في الوقت الذي كانت تتساقط فيه الصواريخ اليمنية على السعودية.
المشهد الإنساني
بينما تستمر الحرب السعودية في اليمن رغم الخسائر السياسية والاقتصادية والعسكرية المنهكة للرياض، يزداد الوضع الإنساني في اليمن خرافة، فقد طالبت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة في اليمن، أخلاق الشامي، المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ الطفولة في اليمن، متحدثة عن استهداف مباشر لـ800 ألف طفل يمني خلال سنوات الحرب السبع، ما بين شهيد وجريح، فضلاً عن آلاف الحالات التي أُصيبت بإعاقات، وقالت إن أكثر من 2.5 مليون طفل يعانون من سوء التغذية، بينهم 400 ألف معرّضون للموت في أية لحظة، إضافة إلى الحجم الهائل للآثار الاجتماعية والنفسية.
كذلك تستمر المطالبات الإنسانية برفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي الذي أُغلق بقرار من التحالف عام 2016، وهو أحد أهم الأسباب التي زادت من تدهور الوضع المعيشي في البلاد ومعاناة المواطنين على المستويات كافة.
Leave a Reply