ديترويت
يتذكر ستيف سبريتزر طفولته في مدينة ليفونيا في الستينيات من القرن الماضي، عندما كان والده يطلق تصريحات عنصرية عن الأميركيين الأفارقة، فكان يصرخ في التلفزيون كلما رأى الملاكم محمد علي كلاي.
أما في المدرسة الابتدائية، فكان سبريتزر يتلقى العلم على يد الراهبات الأفريقيات الأميركيات ويتذكر بأن المعلم الذي يدرسه كان يهودياً، مما منحه خبرة حياتية أوصلته إلى عالم ما وراء الأفكار المسبقة المحدودة في منزله. تلك التجارب ساعدت على تكوين سيرورة سبريتزر الذي يبلغ من العمر اليوم ٥٨ عاماً ليصبح واحداً من أهم قادة التنوع والأديان الرائدة في مترو ديترويت.
ستيف سبريتزر |
«ستكون حياتك أكثر صعوبة إذا لم يتسن لك لقاء مفيد وهادف مع الطرف الآخر المختلف عنك عرقياً ودينياً»، يقول سبريتزر، الذي يقطن في مدينة «بليموث» والذي سُمِّي الشهر الماضي لمنصب الرئيس التنفيذي الجديد في ولاية ميشيغن لـ«الطاولة المستديرة من أجل التنوع والشمول»، وهي مجموعة تأسست في عام ١٩٤١ وتعتبر واحدة من أقدم المنظمات العاملة بشكل مستمر من أجل تعزيز التناغم العرقي بين الأديان في مترو ديترويت.
عمل سبريتزر مع مجموعة واسعة من القادة الدينيين والجاليات المختلفة في عقوده المهنية، أولها مع الكنيسة الكاثوليكية ومن ثم مع «الطاولة المستديرة في ميشيغن» حيث عمل فيها ٧١عاماً.
ويأتي تعيين سبريتزر في هذا الموقع في وقت يتجدد فيه الاهتمام بمسألة التنوع الحضاري في دوائر شرطة الضواحي في كافة الولايات المتحدة الأميركية خاصة في أعقاب الاضطرابات العنصرية في مدينة «فيرغسون» بولاية ميزوري، بعد إطلاق النار في ٩ آب (أغسطس) الماضي على فتى أعزل من أصل إفريقي يبلغ من العمر ٨١عاماً من قبل شرطي أبيض، مما أدى الى مقتله. سكان «فيرغسون»، إحدى ضواحي مدينة سانت لويس، يعيش فيها ٧٦ بالمئة من الأفارقة الأميركيين بينما يشكل ٦ بالمئة فقط من عناصر الشرطة التابعة لها من أصول افريقية، اي ثلاثة عناصر شرطة فقط من أصل ٣٥.
هذه المعضلة واجهها سبريتزر من خلال عمله في «الطاولة المستديرة في ميشيغن» لسنوات كمدير للبرامج، وقال انه ساعد على إطلاق نقاش منذ عدة سنوات حول ضرورة وجود تنوع في إدارات الشرطة في الضواحي، مثل مدينة «كانتون» التي هي مثل الضواحي الأخرى في مترو ديترويت، يتكاثر عدد سكانها من غير البيض ولكن كل قوات الشرطة فيها أو الأغلبية منهم هم من البيض.
وأردف سبريتزر «يجب أن تشكل حادثة «فيرغسون» دعوة للاستيقاظ لمدن ضواحي ميشيغن لإلقاء نظرة حقيقية فاحصة على كيفية التوظيف وكيفية الاحتفاظ والتعامل مع قوة شرطة متنوعة. لقد فجرت هذه الحادثة نقاشاً وطنياً حول تنوع إدارات شرطة الضواحي ومعاملة الناس بعدل».
ويوم الجمعة الماضي، ساهمت «الطاولة المستديرة» في استضافة ندوة في متحف «تشارلز رايت للتاريخ الأميركي الأفريقي» في ديترويت بعنوان: «العرق والشرطة ٧٦٩١ديترويت إلى ٤١٠٢ فيرغسون..» «لنضيء على ماضينا كي نفهم حاضرنا» وشملت الندوة مشاركة من مجموعة «الباكت» (ALPACT) وهي عبارة عن تجمع لنشطاء في الحقوق المدنية والإجتماعية ومسؤولين أمنيين فدراليين ومحليين، يجتمعون شهرياً للحوار ولمد جسور الثقة بين المجتمعات وأجهزة تنفيذ القانون والذي يشارك سبريتزر حالياً في ترؤس إجتماعاتها الدورية.
كما عمل سبريتزر على مساعدة وتعزيز التنوُّع في مدارس «بليموث كانتون» مما أدى الى توظيف وتعاقد ٢٥ مدرساً من الأقليات بعد عقد لقاءات مع المسؤولين في إدارة المدرسة وقادة الجالية.
فكَّر سبريتزر في صغره في أنْ يصبح كاهناً، ولكن حصل بعد ذلك على ماجستير في «العمل الاجتماعي»، ثم عمل مع أبرشيات كاثوليكية في العاصمة «لانسينغ» ومدينة «ديترويت» على مسألة العدالة الجنائية. كذلك عمل مع رجال الدين المكلفين بزيارة السجون وانخرط في حوارات مع زعماء المسلمين واليهود، وكانت هذه بداية رحلته في مجال حوار الأديان.
وعلى مدى العقد الماضي ساهم سبريتزر في دعم المسلمين والسيخ والهندوس وجماعات أخرى عندما كانوا يتعرضون للتمييز. ويوم الإثنين قبل الماضي، وقف مع المسلمين على أدراج مبنى بلدية ديربورن في مسيرة ضد «داعش» معتبرا أن الإسلام دين السلام والمحبة. وفي عام ٥٠٠٢، وقف سبريتزر لدعم الأقليات الدينية غير المسيحية من الذين لم يُسمح لهم بالمشاركة في «اليوم الوطني للصلوات» في قاعة بلدية مدينة «تروي».
وفي هذا الصدد يقول بادما كوبا وهو ناشط الأديان في «تروي» مع «المؤسسة الهندوسية الأميركية» «لقد كان ستيف الصوت المميَّز على الطرف الآخر من الخط عندما اتصلت به للحصول على المساعدة قبل عقد من الزمن بسبب استبعادنا من حدث مخصص فقط للمسيحيين، وهو يوم الصلاة الذي ترعاه مدينة «تروي». مضيفاً «يتابع ستيف القول ويقرنه بالفعل حول إدراج الأقليات بفعاليات دينية كما يحاول مساعدة الناس على الفهم بأن التعدد والتنوع في وجهات النظر سيمكننا من بناء عدالة أفضل».
وفي الشهر الماضي، منحته «المؤسسة الهندوسية الاميركية» جائزة «المهاتما غاندي» لتطوير التعددية الدينية.
وقال توم كوستيلو، المدير التنفيذي السابق لـ«الطاولة المستديرة في ميشيغن» عن سبريتزر «إنه صادق وجاد ولديه شغف كبير في عمله وتكن له الجاليات المختلفة كل إحترام».
وقالت المدعي العام الاميركية للمنطقة الشرقية في ميشيغن باربرا ماكويد أن ستيف «لديه عزيمة هادئة وقوية. ولأنه قادر على الحصول على إحترام الآخرين له، مما يمكنه تسهيل النقاش والحوار بين الشرائح المختلفة بالمجتمع بحيث يسمع أصوات الجميع وآرائهم بشكل متساو». ويقول سبريتزر بأن هدفه هو مواصلة تقاليد «الطاولة المستديرة في ميشيغن للتعددية والشمول» من أجل إنشاء «أماكن مجتمعات ترحب بكل الناس وتعاملهم بعدالة وإنصاف». هذه قيم نحتاج اليها في هذا الوقت في مدننا.
Leave a Reply