احتفلَ العالَم في الثامن من آذار بيوم المرأة العالمي، تقديراً لمكانتها ودورها في الحياة، ومواصلة المطالبة بمساواتها مع الرجل، وإعطائها كامل حقوقها في التعليم والعمل والحرّيّة في اختيار الزوج وما إلى ذلك.
لو نظرنا إلى المرأة في واقعِنا العربي، من منظار واقعِها المأزوم، لرأيناها مركونةً في زاوية مظلمة، منكسِرة ومحطّمة مِن قِبَلِ مَن ينادون بحرّيّتِها وهم أنفسهم لا يعترفون بحقوقها، وإذا أتاحوا للمرأةِ حرّيّةَ الإنطلاق، إنّما ليس حبّاً بها بل للعمل والمساعدة على تدبير شؤون المعيشة.
في أحايين كثيرة تعمل المرأة طيلة حياتها مضحِّيةً بصحّتها وراحتها في سبيل أن تسعد أسرتها، وتوفّر لأفرادها كلَّ احتياجاتهم دون شكوى أو ملل، تعطي أكثر من طاقتها وهي سعيدة وراضية، لكنّها في المقابل لا تحصد إلّا النكران والجحود.
المرأة هي الأم والزوجة والحبيبة والأخت والصديقة، مثلما هي أم الرئيس والوزير ورجل الدين والطبيب والمحامي، وهي قبل كلّ شيء راعية هذا النسل البشريّ الكبير كما الرجل، وفوق ذلك هي التي تهزّ المهدَ بيمينِها مايعني أنّها تهزُّ العالَمَ بيسارها، من هنا فإنّ مبدأ مساواة حقوق المرأة بالرجل يصبح مشروعاً عالميّاً إصلاحيّاً ينعكس إيجابيّاً على مجمل علاقات الناس في جميع أنحاء العالم.
لقد طالعتْنا وسائل الإعلام منذ قريب، حول مشاهد تهتزّ لمأساويّتها المشاعر وينتفض لهولها الضمير، وتعتصر لقسوتها القلوب، شابّة في مقتبل العمر قُتِلت على يد زوجها، وعلاماتُ الضرب والتعذيب بادية على وجهها وأجزاء من جسدِها، تحوطها أمّها نائحةً تندبُ فلذة كبدها، ممّا يدعو إلى الإحتجاج والتساؤل المشروع: هل وصلت الوحشيّة والهمجيّة وانعدام الضمير إلى هذا الحدّ المخيف في مجتمعاتنا؟ إنّه مهما كانت أسباب الخلاف، لكنّها لا تبرّر إيصالها إلى حدّ القتل، أليس القتلُ محرَّماً في جميع الديانات السماويّة؟ المشهد يحيلني إلى القاتل فألطم وجهه بالسؤال: من أعطاك حقَّ التصرُّف بمصير إنسانة عاشت معك، وأنجبت منك، وأبحتَ لنفسك كلَّ شيء منها، لكن حتّى القتل؟ إنها حتّى لو كانت بهيمة فهي لا تستحق مثل هذا التعامل ومن ثمّ هذا المصير، لو كانت أختك هل كنتَ تقبل لها ما آلت إليه زوجتكَ على يدك؟ أحبّوا للناس ماتحبّون لأنفسكم.
إنّه لمن المستغرب في بلادنا العربيّة أنّ القاتل يخرج من السجن بعد أسبوع على أرتكاب جريمته، بريئاً ويداه ملطّخة بالدم، أين العدالة الفوريّة قبل العدالة السماويّة، أين الردع؟ لمَ لا يلقى القاتل جزاءَه وفق شريعة النفس بالنفس؟ ليكون عبرةً لغيره من المستهترين بمصير الضحايا الأبرياء؟
المرأةُ اليوم طبيبة، مهندسة، محامية، ممرّضة، مدرِّسة، وسيّدة أعمال، أكّدت نجاحها وأثبتت جدارتها في جميع الوظائف والمناصب التي شغلتها، جنباً إلى جنب كونها أمّاً وزوجة ومربّية أجيال، ورغم ذلك فهي مهانة ومضطَهدة ومضطرَّة للسكوت خوفاً على أولادها وتفكُّك أسرتها التي كرّست حياتها من أجلها، لا لضعفها وعدم قدرتها على المجابهة وأخذ حقّها بيدها، ولكن يجب أن يساعدها الجميع لتأخذ هذه المواقف بعين الإعتبار والتقدير، ولتكرَّم المرأة بالرجوع إلى قول الرسول محمد (ص) حيث يقول: (ماأكرمهنّ إلَا كريم، وما أهانهنّ إلَا لئيم).
عندما تنادون بحقوق المرأة، نادوا لها بالأمان قبل كلّ شيء، عاملوها باحترام، كما أمرت الأديان السماويّة، واحموها من الوحوش البشريّة، أمّا حقوقها فتأخذها بسلطة عدالة القانون، لا يضيع حقٌّ وراءه مُطالِب.
وكل عيد وأنتم بخير.
Leave a Reply