المجموعات المسلحة تصعد ووزراء الخارجية العرب يلوحون بمجلس الأمن
عواصم – تتواصل جهود الأطراف العربية والغربية الساعية لإسقاط النظام السوري لمحاولة الالتفاف على “خطة أنان” لإعادة الهدوء الى سوريا، في الوقت الذي صعدت فيه المجموعات المسلحة من عمليات الخطف والقتل في أنحاء متفرقة من سوريا مع وجود طلائع بعثة المراقبين الدوليين، في حين ترفض دمشق ان يأتي المراقبون من بلدان اعضاء في مؤتمر “اصدقاء سوريا”. ويضم هذا المؤتمر الذي يدعم المعارضة السورية بلدانا غربية وعربية منها الولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا والسعودية وقطر.
في المقابل، تشكك البلدان الغربية في امكان استمرار عمل قوة الامم المتحدة وتهدد بفرض عقوبات على دمشق اذا ما فشلت مهمتها.
ففي القاهرة، ورغم مطالبة وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ الذي عقد الخميس الماضي، الأمم المتحدة بالإسراع بنشر المراقبين الدوليين في سوريا، وإعلانهم مواصلة دعمهم خطة مبعوث الأمم المتحدة كوفي انان، هددوا الوزراء دمشق بالذهاب إلى مجلس الأمن الدولي في الخامس من أيار (مايو) المقبل “لإصدار قرار” بوقف العنف، لكنهم تراجعوا عن مطالبتهم المجلس بإصدار قرار تحت البند السابع الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية. وأشاروا إلى انه سيتم عقد اجتماع لكل أطياف المعارضة في 16 أيار في القاهرة.
وكلف الوزراء الأمين العام للجامعة أمين العربي بدعوة جميع أطياف المعارضة إلى اجتماع في مقر الجامعة العربية وذلك “بناء على ما تحقق في اجتماعي أصدقاء الشعب السوري اللذين عقدا في تونس واسطنبول، وذلك بالتعاون والتنسيق مع انان وبالتشاور مع الأطراف المعنية بمعالجة الأزمة السورية، تمهيدا لإطلاق حوار سياسي شامل بين الحكومة وأطياف المعارضة السورية”.
وبدورها، انتقدت دمشق كل من تركيا وقطر والسعودية، التي تتحالف مع “الإرهابيين” عبر دعمهم بالمال والسلاح، مكررة مطالبتها “انان ببذل جهود حقيقية، نلمس نتائجها على الأرض، تجاه المجموعات المسلحة والدول والجهات الداعمة لها بالتمويل والسلاح والحصول على التزامات من هذه الدول بوقف التسليح والتدريب والتمويل”. واتهمت موسكو القوات السورية والمعارضة بخرق وقف إطلاق النار، لكنها أشارت إلى أن المعارضة تستخدم “تكتيكا إرهابيا” يذكر بالوسائل التي استخدمها تنظيم “القاعدة” في العراق واليمن ومناطق أخرى ينشط فيها.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة لوكالة “اسوشييتد برس” إن المنظمة الدولية تفاوضت مع عدد من الدول من اجل تقديم 100 مراقب غير مسلح، بالإضافة إلى المدنيين الذين سيعملون معهم، من اجل نشرهم في سوريا خلال 30 يوما، لكنه أشار إلى أن الخلافات بين السياسيين والمسؤولين الأمنيين في هذه الدول أدت إلى تعثر التفاوض معها لنشر المزيد من العناصر. وعينت الأمم المتحدة الجنرال النروجي روبرت مود رئيسا لبعثة المراقبين التي ستتشكل من ٣٠٠ مراقب حسب قرار أممي دعمته موسكو وبكين.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، في تصريح لوكالة “شينخوا” الصينية، إن “الموقف السوري هو أن تكون جنسيات المراقبين متفقا عليها بين الطرفين، وهذا ليس أساسا تمييزيا بل له علاقة بسيادة الدولة”، مضيفا “ما أكثر الدول المرحب بها بالمشاركة بهذه المهمة”.
وقال وزير الإعلام السوري عدنان محمود، لوكالة “فرانس برس” في دمشق، “في الفترة الأخيرة صعدت المجموعات الإرهابية المسلحة المجازر والتفجيرات وعمليات الخطف والاغتيال ضد المواطنين وقوات حفظ النظام، وبلغ عدد الخروق والاعتداءات التي جرى توثيقها 1300 خرق من قبل المجموعات المسلحة منذ بدء سريان الالتزام بوقف العنف، مع أن الحكومة السورية قامت بتنفيذ التزاماتها وفق خطة انان حيال وقف العنف من أي مصدر كان”. وأضاف إن “الموفد الاممي كوفي انان ابلغ بهذه الخروق برسائل من وزير الخارجية السوري” وليد المعلم.
وبدوره، حذر نائب وزير الخارجية فيصل المقداد “من الدور الخطير الذي تقوم به الحكومة التركية باستضافتها المجموعات الإرهابية المسلحة كقاعدة لدعم الإرهاب وتمويله ضد سوريا”.
وفي موسكو، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش إن “الوضع في سوريا يتجه نحو التحسن تدريجا، إلا أن هذه النزعة هشة حتى الآن”.
وأشار إلى أن “المراقبين الدوليين العاملين في سوريا قد زاروا البؤر الرئيسية للنزاع، بما في ذلك حماه وحمص وغيرهما من المناطق الرئيسية التي شهدت أعنف العمليات القتالية”. وأضاف “سجلت في هذه المناطق حالات انتهاك الاتفاق حول وقف إطلاق النار من الطرفين، أي القوات الحكومية والمجموعات المسلحة. وفي غالبية الأحوال يحدث ذلك بسبب الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها المعارضة المسلحة، ما يجبر قوات الأمن السورية على إطلاق النيران الجوابية في الكثير من الأحوال”.
وأعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، أمام البرلمان، أن أنقرة تدرس كل الإجراءات التي يمكن اتخاذها إذا استمرت أعمال العنف في سوريا التي تدفع بنزوح عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى أراضيها، معتبرا أن ذلك “ليس تدخلا ولا عملا عدائيا كما يقول البعض”. واعتبر انه “لا يمكن أن يعود السلام والاستقرار إلى سوريا مع نظام البعث بل مع نظام سياسي جديد يستمد شرعيته من الشعب”.
ودانت المندوبة الاميركية لدى الامم المتحدة سوزان رايس، التي تترأس بلادها مجلس الامن لهذا الشهر، “مواصلة القوات السورية استخدام الاسلحة الثقيلة في حماه ومناطق اخرى ما يؤدي الى سقوط عدد كبير من القتلى”. كما انتقدت الحكومة السورية “لرفضها تطبيق خطة انان”. وأشارت الى انه “اذا واصل النظام السوري انتهاكه لتعهداته ولم تقد عملية نشر المراقبين الى نتيجة فإنها ستطلب من مجلس الامن دراسة فرض عقوبات على سوريا”. 
وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى، مطلع الأسبوع، بإجماع أعضائه، قراراً يتيح إرسال 300 مراقب لوقف إطلاق النار في سوريا لمدة 3 أشهر، لكن أعضاءه لا يزالون منقسمين حول فرص النجاح في ضمان انتشار سريع لهذه البعثة، فيما هددت واشنطن، التي تترأس مجلس الأمن لهذا الشهر، بعدم تمديد الانتشار الميداني للمراقبين غير المسلحين إلى ما بعد “الفترة الأولية التي تستمر 90 يوماً”، كما نص القرار 2043، فيما شددت دمشق على “ضرورة أن تلتزم الأطراف العربية والإقليمية والدولية بوقف تمويل وتسليح وتدريب المجموعات المسلحة”.
وقامت روسيا بإعداد القرار، وتولت فرنسا والصين وباكستان والمغرب وألمانيا رعايته بمعزل عن بريطانيا والولايات المتحدة.