واشنطن – «صدى الوطن»
بعد خطفها للأضواء في مناظرة المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأميركية، التي أقيمت بديترويت أواخر تموز (يوليو) المنصرم، استقطبت النائبة عن ولاية هاواي، تولسي غابارد، اهتمام المراقبين ومتصفحي الإنترنت حيث تصدرت قائمة أسماء المرشحين الأكثر بحثاً على محرك «غوغل»، مما حدا ببعض وسائل الإعلام الرئيسية إلى الاعتراف بها كمرشحة جدية في السباق الديمقراطي للرئاسة 2020، والذي يضم ٢٤ مرشحاً.
لمع نجم غابارد بعد انتقادها اللاذع لسجل منافستها، السناتورة كامالا هاريس، أثناء توليها منصب الادعاء العام في الولاية قبل انتخابها لعضوية مجلس الشيوخ.
وقد حاولت حملة هاريس ومرشحون آخرون شن هجوم مضاد على غابارد، بوصفها صديقة للرئيس السوري بشار الأسد الذي التقته في دمشق قبل نحو عامين ونيف.
«صدى الوطن» تواصلت مع أول هندوسية تطمح للوصول إلى البيت الأبيض، بغية الوقوف على آرائها وبرنامجها الانتخابي، لاسيما مواقفها الرافضة لشن الحروب وقلب الأنظمة في الشرق الأوسط، والانصراف بدلاً من ذلك إلى تحويل الأموال التي تنفق في الصراعات الخارجية، إلى تحسين المجتمعات في الداخل الأميركي.
وفي مقابلة عبر الهاتف، اشترك فيها الزميلان حسن عباس ومارك هيدين، وصفت غارباد نشأتها بولاية هاواي بأنها «مختلفة بعض الشيء عن معظم الآخرين» في الولايات المتحدة، لكونها قد ترعرعت في ولاية تشكل الأقليات أغلبية سكانها، معربة عن امتنانها لذلك.
ورغم أن أصول غابارد الإثنية تعود إلى جزر الساموا في المحيط الهادي، إلا أن نسبها الجيني يمتد حتى أوروبا وجنوب شرقي آسيا، وهي حقيقة كشفت عنها فحوصات الحمض النووي، خلال مشاركتها في برنامج وثائقي على قناة «بي بي أس» الأميركية.
غابارد، التي اُنتخبت لعضوية الكونغرس لأول مرة في 2012، أكدت أن عبارة «ألوها» تشكل جوهر حملتها الانتخابية. وقالت: «ألوها.. هي كلمة يعرفها معظم الناس حول الطريقة التي نقول بها مرحباً أو وداعاً في هاواي، لكنها تعني أكثر من ذلك بكثير، إنها تعني: الحب، بالمعنى الحقيقي للكلمة، فعندما تحيي شخصاً بعبارة ألوها، فأنت تخبره بأنك تستقبله بقلب مفتوح».
وعزت أصغر مرشحة ديمقراطية للرئاسة الأميركية (38 عاماً) أسباب تفضيلها للنهج الدبلوماسي في السياسة الخارجية الأميركية إلى تجربتها العسكرية في الجيش الأميركي، حيث كانت تضطر يومياً إلى إحصاء الجرحى والقتلى في ساحات المعارك أثناء خدمتها في العراق عامي ٢٠٠٤ و٢٠٠٥. وخدمت غارباد مع القوات الأميركية لمرتين منفصلتين، في العراق والكويت، وقد أعلنت –الاثنين الماضي– تعليق حملتها الانتخابية لمدة أسبوعين، بسبب استدعائها للمشاركة في تدريبات عسكرية مع القوات الأميركية بأندونيسيا.
انتقاد غابارد للسناتورة هاريس، أجج حملة مضادة ضدها، بسبب لقائها الأسد والرئيس الجمهوري دونالد ترامب غداة انتخابه عام ٢٠١٦، فكانت العضو الديمقراطي الوحيد في الكونغرس، التي التقت بترامب وهنأته بعد فوزه بالانتخابات.
ورغم مطالبة مذيعين وإعلاميين لغابارد بوصف الأسد بأنه «ديكتاتور يقتل ويعذب شعبه»، رفضت النائبة الشابة الاستجابة للضغوط، مؤكدة على ضرورة التواصل والتفاوض مع الجميع، لحماية أمن وسلامة الأميركيين.
وجددت غابارد لـ«صدى الوطن» تأكيدها على أنه يتعين على الولايات المتحدة التخلي عن سياسة قلب الأنظمة حول العالم، وانتهاج الدبلوماسية بدلاً من إرسال جنود أميركيين في حملات عسكرية.
وأوضحت أن النهج الدبلوماسي يجب أن يكون الخيار الأول عند التعاطي مع القضايا الخارجية مثل النزاعات الدولية والتسلح النووي والهجرة والحدود.
وفي السياق، شددت قائلة: «نحن بحاجة للعودة إلى طاولة المفاوضات»، بعد انسحاب الولايات المتحدة من «معاهدة الحد من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى» (آي أن أف) مع روسيا، التي وقعها الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان ونظيره السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، منذ أكثر من 30 عاماً.
كما أشارت إلى الحاجة الماسة لتجديد «معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية» (ستارت)، مؤكدة رفضها لفكرة أن «الحرب النووية يمكن الفوز بها»
وأضافت «ما هو على المحك.. انتشار الأسلحة النووية بسبب سياسات ترامب.. والبديل الوحيد للدبلوماسية هو الحرب».
ورداً على سؤال حول قضايا النزوح بسبب الحروب الأهلية وفساد الأنظمة السياسية والصراعات العسكرية في الشرق الأوسط، وعواقبها على سياسات الهجرة والحدود، فقد أكدت غابارد أنه ينبغي على الرئيس الأميركي أن يمتلك الشجاعة للالتقاء بقادة الدول الأخرى، بمن فيهم الخصوم، أو الخصوم المحتملون، من أجل إجراء محادثات تضمن تحقيق الأمن والسلام، مثنية على مفاوضات السلام التي يجريها ترامب مع كوريا الشمالية.
كذلك ترفض غابارد أن تلعب الولايات المتحدة دور شرطي العالم». وأضافت: «مرة بعد أخرى، نحن مستمرون برؤية حجم الدمار والأكلاف الباهظة بمختلف أشكالها، عدا عن معاناة الشعوب في البلدان التي نشنّ فيها الحروب» مؤكدة أن أزمة اللاجئين تتفاقم بسبب تلك النزاعات.
وحول موقف ترامب من إيران، قالت: «إن الإدارة الحالية تقول إنها لا تريد الحرب مع إيران، لكن كل شيء يشير إلى أننا نسلك طريق الحرب، منذ تمزيق الاتفاق النووي مع طهران، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها».
وحذرت من أن «إغلاق قنوات الاتصال وفرض عقوبات مشلّة، وخنق الاقتصاد الإيراني» قد «يقودنا إلى حرب أكثر تدميراً من أي شيء رأيناه في العراق». ووصفت «تصنيف ترامب للحرس الثوري الإيراني كمجموعة إرهابية» بأنه قرار غير مسبوق قد يهدد السلام والأمن على الصعيد العالمي.
وقالت: «لن أدعي بأنني أملك إجابة من سطر واحد، حول كيفية إحلال السلام في الشرق الأوسط، ولكن هنالك خطوات أولى، مهمة للغاية، يجب أن تكون في طليعة سياستنا الخارجية»، مشيرة إلى أن ترامب أخطأ أيضاً في الانسحاب –العام الماضي– من «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، و«مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة»، و«وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة»، بدعوى أنها مؤسسات معادية لإسرائيل.
وفيما يتعلق بقرار ترامب الانسحاب من «اتفاقية باريس» للمناخ، أعربت غابارد عن أسفها بسبب الدور القيادي الذي يمكن للولايات المتحدة أن تلعبه في مكافحة تغير المناخ.
Leave a Reply