تواجه الأمة الأميركية فـي الانتخابات الرئاسية لعام 2016 تحديات ذات أبعاد تاريخية، داخل أميركا وخارجها، منها على سبيل المثال لا الحصر: ظاهرة الاحتباس الحراري، معاناة الطبقة الأميركية الوسطى، مشاكل معيبة فـي نظام الرعاية الصحي، وظهور تنظيم «داعش» وزيادة نفوذه والتطرف داخل المجتمعات.
ومن المؤسف، والحال هذه، أن يتغاضى المرشحون الجمهوريون عن طرح الحلول لهذه المشاكل، مفضلين الجدل والمناكفة والمنابزة حول تعرق خصومهم أمام الكاميرات، أو حول حجم الأصابع فـي أيديهم، بشكل يثبت أن جميع المرشحين الجمهوريين غير لائقين بالمنصب الرئاسي. ترامب، كروز، وروبيو يتحدثون بصخب وحماسة مبتذلة، ولكن بياناتهم فارغة من أي مضمون حقيقي، يأخذ هموم الناس ومصالحهم بعين الاعتبار.
وإننا فـي صحيفة «صدى الوطن» لا يمكننا أن ندعم ترشيح أي من هؤلاء، ولكننا فـي المقابل ندعو الجمهوريين -من العرب الأميركيين- إلى التوجه إلى مراكز الاقتراع والمشاركة بالانتخابات والتصويت لصالح مرشحهم المفضل.
ونحن فـي «صدى الوطن» اعتدنا على اختيار المرشحين، لا على قاعدة الإنتماء والتمثيل الحزبي ولكن بناءً على مواقفهم وبرامجهم، وقد قمنا فـي السابق بدعم مرشحين، جمهوريين وديمقراطيين، لجميع المناصب ، أما الحزب الجمهوري فهو يتحرك هذه الأيام بعيدا عن المثل والمبادئ التي تأسس عليها، وينحرف بشكل خطير نحو التعصب، ويستبدل المبادئ المحافظة والقيم التقليدية باللامبالاة والتنكر للفقراء والمهاجرين، كما أنه يتحمس للمغامرات العسكرية بدل التمسك والدعوة إلى تأمين مرتكزات الدفاع الوطني الذي يحمي الولايات المتحدة ويحافظ على عظمتها. ويلاحظ المتابع للحملات الانتخابية، فـي الجانب الجمهوري، تسابق المرشحين إلى ركوب موجة التعصب والكراهية ضد الأقليات الإثنية والدينية، كما أن هؤلاء «النجوم الجمهوريين» يفضلون بيع الكلمات الاستفزازية الملهمة للغضب والتعصب، وما من تفسير لهذه الظاهرة، سوى افتقار هؤلاء المرشحين إلى الأفكار الصائبة والنظرة السليمة والبرامج المتوازنة.
فعندما يقول دونالد ترامب إنه يريد منع المسلمين من الدخول إلى أميركا، فإن هذا الكلام لا يأتي فـي سياق تعزيز سياسات الأمن القومي بقدر ما يأتي بالتزامن مع زيادة معدلات جرائم الكراهية فـي البلاد. وعندما أجاب ماركو روبيو -خلال إحدى المناظرات- على خمسة أسئلة مختلفة بجواب واحد يتناول (ما ادعاه روبيو) خطط أوباما الشريرة لتدمير أميركا، فهذه كلها علامات إضافـية على غياب الرؤية الاستراتيجية لدى هؤلاء المرشحين الذين لم يختلف عنهم تيد كروز بكثير عندما دعا بكثير من التبجح المجاني إلى قصف العراق وسوريا «حتى تضيء الرمال» من دون أن يتحدث عن استراتيجية واضحة لتدمير تنظيم «داعش»، لكنه كان يحاول أن يقدم عرضا احتياليا ليظهر صلابة الجانب الآخر من العالم، أميركا.
إنه لمن المؤسف، أن يحدث ما يحدث داخل صفوف الحزب الجمهوري بما لا يعكس صورة الولايات المتحدة فـي العالم، فالجمهوريون أصبحوا معادين لكل شي: معادين للهجرة وللمسلمين والأقليات ولإصلاح نظام الرعاية الصحية والمرأة والفقراء ونظام الضرائب الذي يحمي الفقراء.. ألخ.
وفـي الختام، نعيد التأكيد على أننا -فـي «صدى الوطن»- نحث العرب الأميركيين المسجلين للانتخاب فـي ميشيغن، على المشاركة والتصويت يوم الثلاثاء القادم بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
Leave a Reply