واشنطن – عدد غير مسبوق من المرشحين العرب والمسلمين الأميركيين خاضوا الانتخابات النصفية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وفاز أكثر من نصفهم في سباقات على مستوى المقاطعات والولايات وحتى على المستوى الفدرالي، محققين رقماً قياسياً غير مسبوق لحجم المشاركة الإسلامية في الانتخابات الأميركية.
وذكر بيان لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، بأن 146 مرشحاً مسلماً أميركياً من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري شاركوا في الانتخابات النصفية في نوفمبر المنصرم، من ضمنهم 48 مرشحاً في سباقات المجالس التشريعية في 23 ولاية أميركية، وقد فاز منهم 38 مرشحاً، بمن فيهم النائبان أبراهام عياش والعباس فرحات في مجلس ميشيغن التشريعي.
ومن بين الفائزين أيضاً، المرشح الديمقراطي، الفلسطيني الأصل، عبد الناصر رشيد، الذي ربح سباق «الدائرة 21» في مجلس نواب ولاية إلينوي، ممثلاً منطقة بريدجيفيو ذات الكثافة العربية، وكذلك المرشحة المسلمة نبيلة سيّد (23 عاماً) التي نجحت بالإطاحة بمنافسها الجمهوري في «الدائرة 51» التي تضم الضواحي الشمالية الغربية بمدينة شيكاغو، والتي يسيطر عليها الجمهوريون تاريخياً، لتدخل التاريخ كأول مسلمة وأصغر عضو في مجلس إيلينوي التشريعي
وفي ولاية آيوا، نجح الديمقراطي ذو الأصول السورية سامي شيتز كأول عربي أميركي يتولى عضوية مجلس نواب الولاية، ممثلاً «الدائرة 78».
إلى جانب ذلك، تمكنت المرشحة ذات الأصول الصومالية مانا عبدي (26 عاماً) من الفوز بسباق مجلس نواب ولاية ماين، لتسجل سبقاً تاريخياً كأول مشرعة مسلمة في الولاية ذات الطابع الريفي.
وهزمت الأميركية ذات الأصول الصومالية زينب محمد بمقعد «الدائرة 63» منافسها الجمهوري شون هولستر في مجلس شيوخ ولاية مينيسوتا، محققة نحو 86 بالمئة من الأصوات الناخبة، لتصبح أول مسلمة منتخبة في مجلس شيوخ الولاية الذي يضم عضواً مسلماً آخر، هو الديمقراطي عمر فاتح الذي فاز بإعادة انتخابه في نوفمبر الماضي.
وفي ميشيغن، سُمي النائب عياش زعيماً للأغلبية الديمقراطية في مجلس نواب الولاية بعد احتفاظه بمنصبه لولاية ثانية، ليكون أول عربي وأول مسلم يتزعم كتلة حزبية في مجلس تشريعي في عموم الولايات المتحدة.
أما في سباق مجلس النواب الأميركي، فقد تمكن كل من النائب اللبناني الأصل داريل عيسى (جمهوري–كاليفورنيا) والنائبة الفلسطينية الأصل رشيدة طليب (ديمقراطية–ميشيغن) والنائبة الصومالية الأصل إلهان عمر (ديمقراطية–مينيسوتا) والنائب أندرو كارسون (ديمقراطي–إنديانا) من إعادة انتخابهم لولاية إضافية، إلى جانب فوز كل من النائب اللبناني الأصل دارين لحود (جمهوري–إيلينوي)، والنائبة اللبنانية الأصل غريت غريفز (جمهورية–لويزيانا).
وكان طبيب أمراض القلب والصدر والأستاذ السابق في «جامعة كولومبيا»، الجمهوري محمد جنكيز أوز، ذو الأصول التركية، والمعروف باسم «الدكتور أوز»، قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح أول سناتور مسلم في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي بعد نيله دعم الرئيس السابق دونالد ترامب، غير أنه خسر السباق بحصوله على 47 بالمئة من الأصوات مقابل 51 بالمئة لخصمه الديمقراطي جون فترمان.
وفي أبرز السباقات التنفيذية على مستوى الولايات، كان المرشح الجمهوري أبراهام حمادة قريباً جداً من الفوز بانتخابات منصب المدعي العام بولاية أريزونا، إلا أن ضابط الاستخبارات العسكرية والمحامي السابق ذا الأصول السورية، خسر أمام الديمقراطية كريس مايز، على الرغم من نيله دعم ترامب.
وحول الحوافز التي شجعت ترشح المزيد من العرب والمسلمين لمناصب حكومية، أشارت سيّد إلى أنها قررت خوض غمار السياسة وهي ماتزال في مقتبل العمر بعدما شهدت صعود التطرف في السياسة الأميركية في أعقاب تسلم ترامب لسدة الرئاسة في البيت الأبيض، وقالت: «كان من الصعب بالنسبة لي أن أفكر بالترشح في مثل هذه السن المبكرة، والفوز في منطقة ذات ميول جمهورية قوية»، مضيفة: «ولكنني قررت في نهاية المطاف الترشح لأننا بحاجة إلى سياسيين أكثر عقلانية في جميع المناصب العامة».
أما عبدي فقد اكتشفت ولعها بالسياسة خلال دراستها العلوم السياسية إبان المرحلة الجامعية، وقررت بعد التخرج خوض غمار السياسة في مدينة لويستاون بولاية ماين، لأن «السياسة تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين» بحسب تعبيرها، مضيفة: «لقد كان بالي منشغلاً دائماً بالسؤال عمن يتحكم بالخيوط، ومن الذين يضعون السياسات التي لا تسفر في النهاية عن أية نتائج إيجابية في مدينتي».
وخاضت عبدي سباق مجلس نواب ماين بعد انسحاب منافسها الجمهوري الذي أثارت تصريحاته ضد المسلمين جدلاً عميقاً في عموم الولاية، حيث كتب على صفحته بموقع «فيسبوك» بأنه لا ينبغي السماح للمسلمين بتولي المناصب العامة.
من جانبه، قال المدير التنفيذي الوطني لمنظمة «كير» نهاد عوض إن «السلسلة التاريخية من الانتصارات الانتخابية للمسلمين الأميركيين التي حطمت الأرقام القياسية السابقة هي شهادة على الصعود المستمر لمجتمعنا في السياسة الأميركية والثقة التي وضعها جيراننا فينا لتمثيلهم والقتال من أجل مصالحهم».
ودعا عوض «جميع القادة المسلمين الأميركيين المنتخبين إلى الاستلهام من عقيدتهم الإسلامية، والعمل من أجل أفضل مستقبل ممكن لجميع الأميركيين».
ولا يعرف على وجه اليقين أعداد المسلمين أو العرب في الولايات المتحدة، كما لا يعرف من منهم له حق الانتخاب، حيث تمنع القوانين الأميركية جمع معلومات الانتماء الديني في الإحصاءات الوطنية.
لكن تقديرات الخبراء تشير إلى أن نسبة المسلمين تتراوح بين 1 بالمئة إلى 2 بالمئة، من إجمالي سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 333 مليون نسمة، أي ما يقدر بما بين 3.3 ملايين و6.6 ملايين شخص، وينتشر المسلمون في جميع الولايات الأميركية. ومن ناحية أخرى يقدر المعهد العربي الأميركي، وهو أحد أقدم المؤسسات العربية الأميركية التي تعنى بالشؤون العامة، أعداد العرب الأميركيين بـ3.7 ملايين أميركي ينتشرون في الولايات الخمسين.
وقدّرت منظمة «أمغيدج»، الناشطة في مجال الحقوق السياسية للمسلمين، عدد المسلمين الذين شاركوا في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بأكثر من مليون و86 ألف ناخب.
Leave a Reply