علي حرب
قبل مجلس أمناء المركز الإسلامي فـي أميركا استقالة السيد حسن القزويني يوم السبت ٩ ايار (مايو)، قبل ثمانية أيام من الحفل نصف السنوي لجمع التبرعات.
لكن طي صفحة السيد القزويني لم تنه الخلافات التي أحاقت بالمركز لأشهر طويلة. واستقال عدد من أعضاء المجلس احتجاجا على ما أسموها «مخالفات مالية» مزعومة من قبل أمين الصندوق السابق صلاح هزيمة، الذي نفى بشدة تلك الاتهامات ووصفها بأنها أكاذيب وافتراءات. وفـي الوقت نفسه، نشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يعارضون المركز الاسلامي تقريراً للشرطة يوثق اعتقال موظف فـي المركز بتهمة العنف المنزلي، قائلين إنه كان ينبغي طرده من عمله.
جمعية الشباب المسلم «واي أم أي» (YMA)، وهي الجمعية الشبابية فـي المركز والتابعة له ادارياً المهتمة بتقديم برامج اللغة الإنكليزية بشكل أساس إلى الجيل الثاني من المسلمين الأميركيين، قد تركت مهامها فـي المركز بشكل غير رسمي.
وحفل جمع التبرعات يوم ١٧ ايار (مايو) المقبل هو أول حدث رئيس فـي المركز من دون وجود السيِّد القزويني. أنصار المركز يعولون على حفل العشاء وجمع التبرعات هذا كمؤشر على مرحلة انتقالية ناجحة وسلسة لفترة ما بعد القزويني، فـي حين أن منتقدي المركز يدعون لمقاطعة هذا الحفل.
العاصفة التي هزت اركان المركز الاسلامي ووضعت الجالية الاسلامية أمام مفترق طرق ازاء وسائل الإعلام الرئيسية، بدأت فـي العام الماضي بعد ورود عدة رسائل مجهولة المصدر هاجمت القزويني ورئيس مجلس الأمناء رون أمين وأرسلت إلى منازل ديربورن بالبريد ووزعت فـي موقف سيارات المركز.
وزعمت الرسائل أن القزويني يحول مال الصدقات والخمس من المركز إلى مؤسسة والده فـي العراق، وغيرها من الاتهامات والشتائم الشخصية. وفـي مقابلة مع «صدى الوطن» فـي شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، نفى القزويني جميع الادعاءات وأطلق انتقادات حادة نحو اعضاء فـي مجلس الامناء. ومما قال ان بعض أعضاء مجلس الأمناء «يريدون البقاء بعيداً عن السياسة وفقط يريدون جعل المركز مخصصاً لإقامة الصلاة، وتوزيع «البقعات» وتنظيم جمع التبرعات».
وفـي يوم ٢٣ كانون الثاني (يناير)، أعلن القزويني، بعد عودته من رحلة الى الخارج، استقالته ومن ثم قرر أن يعيد النظر فـي وقت لاحق بعد أسبوع من دعوات طالبته بالبقاء فـي المركز. فـي الوقت نفسه، بقيت اتهامات تحويل الأموال قائمة من قبل المشتكين.
فـي نهاية المطاف، أُعطي القزويني اجازة إدارية مدفوعة لشهرين اثنين لإعادة تقييم الوضع وتقديم عقد عمل له.
القزويني يرفض العقد
وقال عضو مجلس الأمناء نسيب فواز انه وفقاً للنظام الداخلي للمركز الاسلامي، يتم قبول جميع الاستقالات تلقائياً من دون تصويت من مجلس الامناء. وأضاف «لكن لأنه عالم ديني، أردنا أن نرى ما اذا كان هناك مجال للعمل معه. الا انه زاد من الضغوط على الامناء وطالبهم بالاستقالة الجماعية. وفـي رأي البعض، أراد أن يتخلص من مجلس الامناء لكي يتحكم هو بحرية فـي قرار ومستقبل المركز الإسلامي».
وحسب فواز، رفض القزويني عقد عمل من شأنه أن يجعله واحداً من بين ثلاثة أئمة. كما أن العقد قد غير الطريقة التي يتم فـيها توزيع مال الخمس، واقتضى بحفظ كل المال ضمن المركز الإسلامي والجالية. كذلك تضمن العقد تعيين القزويني إماماً رئيساً لتقديم الخطب بالإنكليزية والتعامل مع الشؤون الوطنية والدولية، فـي حين سيعالج الإمامان الآخران باقي الخدمات، بما فـي ذلك العمل مع الشباب. وأضاف فواز «اعتقد (القزويني) ان هذا التوزيع الاداري على انه إهانة له». وتوقع فواز عدم تأثر المركز بالمصلين والمؤيدين الذين يتبعون القزويني. وتابع «لا أحد يستطيع أن يقول أنا المركز الإسلامي». وأردف فواز أنه يتطلع إلى جمع التبرعات يوم الأحد ليشكل رداً على النقاد مشيراً إلى «اننا ماضون للحصول على المزيد من التبرعات لأنه فـي الماضي كان هناك قلق فـي الجالية بأن المال كان يذهب لخارج البلاد».
ووعد بالإصلاحات فـي المركز فـي فترة ما بعد القزويني. وقال ان المركز يتطلع لإضافة مأتم للجنازات، وتنظيم رحلات إلى الحج، وبناء قاعة والعمل بشكل وثيق مع الجالية. وواصل القول «كان لدينا خطط للإصلاح قبل دعوة السيد القزويني للإصلاح».
وسيواصل الشيخ أحمد حمود قيادة صلاة واداء خطب الجمعة. وتم تشكيل لجنة من الامناء لإيجاد اثنين من الأئمة الإضافـيين، الذين سوف يتقاسمون المسؤوليات كقادة المركز الروحيين. ومنذ توقفه عن المداومة فـي المركز، واظب القزويني على الصلاة فـي مركز الزهراء الإسلامي فـي ديترويت، وهو الموقع الأصلي للمركز الإسلامي قبل انتقاله إلى شارع فورد فـي مقره الحالي.
وقال رئيس مجلس الأمناء رون أمين ان مسألة مغادرة جمعية الشباب المسلم للمركز يبدو أنها ستكون «أمراً واقعاً». وأصدر تحذيراً قانونياً للمستشارين الذين يديرون الجمعية بعدم خرق الحقوق الإدارية المحفوظة للمركز الإسلامي.
وأصبحت جمعية الشباب المسلم تقوم بتنظيم وإدارة الأحداث الخاصة بها مستقلة عن المركز، بمشاركة القزويني، فـي نادي «فـيرلين». كما تعتزم إقامة حفل تبرعات مقرر فـي ٢٢ ايار (مايو)، من دون التنسيق مع المركز الاسلامي. لكن المجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال تستخدم شعار المركز الإسلامي فـي أميركا. «لقد طلبنا منهم العودة فـي عدة مناسبات»، قال أمين وأردف «سألتهم إذا كانوا ينوون القيام بخدمة عادية باللغة الإنكليزية خلال شهر رمضان المبارك. ونحن دعوناهم لإحياء نشاطاتهم فـي المركز والوقت بدأ ينفد، عاجلا ام آجلا سنبدأ بتقديم خدمات عادية باللغة الإنكليزية».
وقال أمين ان المركز سيعطي المنظمين فـي جمعية الشباب المسلم إشعاراً وتحذيراً قانونياً يطالبهم بتوقفهم عن العمل أو جمع التبرعات تحت الاسم الحالي المملوك للمركز الاسلامي.
«تصنيفنا الخيري المعفـى من الضرائب ليس للبيع»، قال أمين. ولم يرد كبار المستشارين لدى جمعية الشباب المسلم بمن فـيهم نجاح بزي وسورا حسن ودان مقلد، على الاتصالات المتكرِّرة لطلب التعليق والاستيضاح من قبل «صدى الوطن».
غير ان احدى النساء المؤيدات من جمعية الشباب المسلم والتي اختارت عدم الكشف عن هويتها، انتقدت مجلس الامناء قائلةً انه غير مؤهل لقيادة الجمعية. واستحضرت المزاعم ضد أمين الصندوق السابق، وحادث العنف المنزلي وحقيقة أن بعض أعضاء مجلس الإدارة العاملين فـي المركز والذين يقبضون منه يرتكبون الأخطاء التي تجعل من الامناء الحاليين غير مؤهلين لقيادة المركز.
وأضافت عضوة الجمعية الشبابية ان مجلس الشبيبة أصبح مثل الطفل المصاب بصدمات نفسية بعد الطلاق، وابتعد عن دائرة الوسط لحماية أعضائه الشباب من المناخ السياسي السائد هناك. وقالت انها ترعرعت فـي المركز الإسلامي ولكن الآن تشعر «ان مجلس الامناء يقوم بكم فمها وخاصة بعد إزالة تعليقات مؤيدي القزويني من صفحة المركز الاسلامي على الفـيسبوك».
«منذ نشر بيان العلاقات العامة للمركز إزاء قبول استقالة السيد، تم حذف ستة من التعليقات»، كما قالت. وأضافت «هذا تصرف غير أميركي، وعلينا أن نتحلى بالديمقراطية. عليك (مجلس الأمناء) أن تستمع لنا ونحن رعيتك. أشعر وكأنني قد خدعت من قبل مسجدي، وهم لا يلتفتون إلى حاجاتي. أنا لا أدافع عن السيد ولكن أدعو إِلى الإصلاح من اجل مجلس امناء يمثلني. ما يقومون به الآن هو برأيي مخالف للإسلام».
وقد تأكدت «صدى الوطن» بالفعل أنه تم حذف بعض التعليقات. «لن يندمل الجرح فـي المركز الإسلامي لفترة طويلة جداً»، كانت هذه واحدة من التعليقات التي حذفت من الفـيسبوك.
وقال أمين انه لا يتغاضى عن حذف تعليقات الفـيسبوك إلا إذا كانت مدنسة أو توجه اتهامات باطلة ضد أعضاء مجلس الإدارة. لكنه أضاف «أن هناك هجوماً مدبراً ضد المركز من قبل بعض الناس الذين كانوا جزءاً من المركز وإنني أشعر بحزن عميق لأن الأشخاص الذين أمضوا الكثير من الوقت والمال لبناء المركز الإسلامي الأكثر شهرة فـي أميركا الشمالية يحاولون الآن أن يقللوا من قدره ويسيئوا اليه».
واستطرد أمين أن أنصار القزويني يتصرفون بعقلية الانتقام، على الرغم من أن مجلس الامناء باغلبيته وقف مع السيد وعرض تغطية النفقات القانونية لمقاضاة الأفراد المجهولين الذين أرسلوا رسائل مجهولة بهدف تشويه صورته.
هزيمة ينفـي المزاعم
ونفى صلاح هزيمة جميع الاتهامات المتعلقة بارتكاب مخالفات مالية، قائلاً انه سيكشف كل الحقائق بعد جمع التبرعات يوم الأحد. وتابع «هذه كلها أكاذيب وافتراءات، ولا حتى قريبة من الواقع. أنا بصدد جمع كل الوثائق وكل قصاصة ورق لها علاقة بالموضوع وسوف أنشر كل ما أملك فـي كتيب فـي الأسابيع القليلة المقبلة. وسوف أكشف عن أشياء مثيرة وكثيرة».
من جهته أكد أمين «أن بعض الأعضاء استقالوا بسبب الاتهامات المحيطة بهزيمة». وأضاف «اننا أجرينا تحقيقاً داخلياً ووجدنا سبباً للاعتقاد بأن السيد هزيمة لم يتبع الإجراءات المالية للمركز الاسلامي بشكل صحيح. ونتيجة لذلك، طلبنا منه الاستقالة، لكنه رفض، وكان هناك اقتراح لعزله، وتم التصويت على هذا الاقتراح لكنه رفض من قبل أعضاء مجلس الإدارة بنسبة ١٠ ضد و٩ مع ».
وقال رئيس مجلس الأمناء ان مشكلة نهج مجلس الإدارة مع هزيمة ليست انعدام الشفافـية ولكن «انعدام المسؤولية من قبل ١٠ امناء صوتوا لصالحه». وأعرب هزيمة عن خيبة أمله من أعضاء مجلس الامناء الذين صوتوا ضده لإخراجه من المجلس وخص أمين فـي انتقاده قائلاً عنه انه «رئيس غير عادل».
«عملت لمدة ٢٢ عاماً فـي المركز الإسلامي باعتباري أمين الصندوق والمحاسب ولم أتقاض منه دولاراً واحداً»، أكد هزيمة وهو مأخوذ بالأسى واستطرد «اني وفرت على المركز مليون ونصف مليون دولار على الأقل كرسوم محاسبة، فمن يتهمني بعد ذلك سامحه الله». وقال انه على استعداد لدفع كل دولار ضعفـين هو متهم بتزويره إذا ثبتت ادعاءاتهم.
أما بالنسبة لحادث العنف المنزلي، أقر أمين بالمسؤولية الكاملة لعدم طرد الموظف الذي ضرب زوجته. وقال أمين انه بعد التأكد من التهم، كان على وشك إعفاء الموظف من واجباته.
لكنه اختار ان يعكس قراره الأولي «بعد ان توسلت زوجة الرجل المتهم بإبقائه فـي عمله لأن وظيفته هي مصدر الرزق الوحيد للأسرة».
Leave a Reply