ديربورن
واضعاً يده اليسرى على نسخة من القرآن الكريم حملتها زوجته الدكتورة فاطمة بيضون، أدى رئيس بلدية ديربورن الجديد عبدالله حمود قسَم اليمين، أمام القاضي في محكمة مقاطعة وين، هلال فرحات، كأول عربي وأول مسلم يتولى قيادة المدينة.
وفي حفل رسمي أقيم بـ«مركز فورد للفنون»، السبت الماضي، توالى المسؤولون الفائزون بانتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، على أداء قسَم اليمين، بعد نحو أسبوعين على توليهم مناصبهم الجديدة، حيث كانوا قد أدوا اليمين بمراسم فردية مطلع كانون الثاني (يناير) الجاري.
قائمة المنتخبين الجدد، ضمت –بالإضافة إلى حمود– أعضاء المجلس البلدي، وهم: رئيس المجلس مايك سرعيني، والأعضاء إيرين بيرنز، ليزلي هيريك، روبرت أبراهام، كمال الصوافي، كين باريس، ومصطفى حمود.
كما أدى اليمين كل من كليرك المدينة، جورج ديراني، وأعضاء «لجنة ميثاق ديربورن» الذين سيتولون مراجعة دستور المدينة واقتراح تعديلات عليه، وهم: إليزابيث بايلي، حسن عبدالله، شارون دولميج، جيم أكونور، حسين هاشم، شيريل هوكينز، تيموثي هاريسون، أل. غلين أوكراي ولورا دودجين.
خطاب حمود
بعد أداء القسَم، استهل حمود خطابه باقتباس إحدى العبارات الشهيرة لعميد الكونغرس الأميركي السابق، النائب الراحل جون دينغل، والتي تقول: «إن المسوؤلين المنتخبين لا يمتلكون السلطة، وإنما هم مؤتمنون على سلطة الناخبين الذين صوّتوا لهم».
وقال حمود (31 عاماً): «إن كل ما نقوم به، سوف ينطلق من هذه القاعدة الأساسية، وهي أن سكان ديربورن يمتلكون السلطة المطلقة، مؤكداً أن الناخبين يتمتعون بالحكمة وأن ثقتهم يجب أن تكتسب، لا أن تؤخذ كأمر مفروغ منه بعد الفوز بالانتخابات.
وأشار النائب السابق عن ديربورن في مجلس ميشيغن التشريعي، إلى أنه خاض الانتخابات البلدية لا ليكون «الأول»، كأول عربي وأول مسلم يتولى أعلى منصب تنفيذي في ديربورن، وإنما لكي يكون «أفضل» رئيس بلدية في تاريخ المدينة التي يقطنها زهاء 110 آلاف نسمة، نصفهم تقريباً من العرب الأميركيين.
ويقود رئيس البلدية الشاب أكثر من 770 موظفاً بدوام كامل ونحو 1,700 موظف بدوام جزئي، كما أنه يشرف على إدارة الميزانية السنوية للمدينة والتي تفوق 135 مليون دولار.
وحرص حمود على الإشادة بالتنوع العرقي والإثني الذي يميّز ديربورن التي وصفها بـ«مهد شركة فورد لصناعة السيارات»، والتي أصبحت «نموذجاً ديمقراطياً للعالم بأسره».
وأعرب حمود عن فخره بنتائج الانتخابات المحلية التي تمخضت عن فوز أول عربي وأول مسلم بأعلى منصب تنفيذي في حكومة المدينة، التي ترأسها العمدة الراحل أورفيل هابرد بين العامين 1942 و1978، والذي كان معروفاً على المستوى الوطني بسياساته العنصرية التي تستهدف السود.
وقال حمود: «لقد وضعنا للعالم نموذجاً للديمقراطية المتعددة الأعراق بتعاملنا مع اختلافاتنا بفضول لطيف بدلاً من تعاملنا معها بالشك والارتياب»، مستدركاً بالقول: «لكن بتولي منصب رئيس البلدية، فإننا لن نرث الماضي فقط، وإنما نرث –أيضاً– المسؤولية عن صنع المستقبل».
وفي السياق، شدد حمود حول حرص إدارته على التواصل مع جميع السكان أثناء العمل على حل المشاكل العاجلة، وفي مقدمتها صيانة وتحديث البنية التحتية، مؤكداً أن إدارته ستعمل على معالجة التحديات المزمنة والمستجدة على حد سواء.
وقال حمود: «نحن معاً في مهمة لإثبات قدرتنا على حل المشاكل التي نواجهها، والتي سنعمل على حلها ملتزمين بالشفافية والمساءلة والمشاركة المجتمعية»، مضيفاً: «فريقنا لا يجلب خبرة واسعة فحسب، وإنما يعكس تنوعاً تاريخياً فريداً.. كسر الكثير من الحواجز».
وأكد حمود أن حرصه على تنوع إدارته يتوخى تمثيل جميع السكان بغية «توسيع وجهات النظر، وتحسين عملية اتخاذ القرار في حكومة ديربورن».
وتعهد بأن تسعى إدارته لكسب ثقة السكان ومعاملتهم بعدل وإنصاف، بغض النظر عن خلفياتهم الإثنية أو أحياء سكنهم، أو لغتهم الأم. وأردف حمود قائلاً: «إن ديربورن أكبر منا جميعاً، وبينما نستعد لمواجهة تحديات قد تصادفنا كل مئة عام، مثل الفيضانات الكارثية الأخيرة، فإننا لا نفكر فقط في السكان الحاليين، وإنما نفكر أيضاً بسكان المدينة في المستقبل».
تحسين نوعية الحياة
من جانبه، وعد رئيس مجلس ديربورن البلدي، مايك سرعيني، بأنه سيبذل قصارى جهوده لكي يكون «قائداً نشيطاً»، لافتاً إلى أنه سيتعاون مع رئاسة البلدية بحماس ومسؤولية، لإيجاد حلول طويلة الأمد لمشاكل المدينة.
وأشار سرعيني إلى أن سكان ديربورن أصيبوا بالإحباط خلال السنوات الماضية، بسبب تدني الخدمات البلدية، وقال: «إن نوعية الحياة في ديربورن يجب أن تتحسن في أسرع وقت».
كما حث الكليرك جورج ديراني، السكان على المشاركة المجتمعية لتحسين الحياة السياسية في المدينة، وقال: «إذا أردت أن ترى تغييراً في عالمك، فقد يتعين عليك أن تكون ذلك الشخص الذي يحدث التغيير».
منعطف حاسم
وبين الحضور الذين لم يتعدَّ عددهم 100 شخص بسبب قيود كورونا، كان المحامي العربي الأميركي عبد حمود يتابع الحفل بعينين مغرورقتين بالدموع، إذ لم يكن الحفل بالنسبة لمساعد الادعاء العام الفدرالي السابق مجرد فعالية اعتيادية تلي موسم الانتخابات، وإنما اعتبره «منعطفاً حاسماً» في تاريخ المدينة الملقبة بـ«عاصمة العرب الأميركيين».
وكان عبد حمود أول مرشح عربي يخوض سباق رئاسة بلدية ديربورن قبل عقدين من الزمن، ولكن الحظ لم يكن بجانبه بعد فوزه بالانتخابات التمهيدية حيث وقعت اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، لتقضي على حظوظه كمرشح مسلم أميركي قبل أسابيع قليلة من الانتخابات العامة التي انتهت لصالح رئيس البلدية الأسبق مايكل غايدو.
وفي ختام حفل التنصيب الذي شهد أداء القسم لابنه، عضو المجلس البلدي، مصطفى حمود، قال عبد حمود لصحيفة «ديترويت فري برس»: «هذه هي اللحظة التي كنا نتطلع إليها منذ فترة طويلة.. المدينة تمر بمنعطف حاسم»، منوهاً إلى أن ديربورن هي مدينة متنوعة منذ عقود عديدة، لكن حكوماتها لم تكن تقيم أدنى اعتبار لذلك الغنى الإثني والثقافي.
وأوضح حمود بأن الجهود التي بذلها العرب الأميركيون على مدار السنوات الطويلة «قد أثمرت في نهاية المطاف»، وقال: «ستكون المدينة سعيدة للغاية بمعرفة حجم المواهب التي يملكها هذا المجتمع».
Leave a Reply