كانتون – جيهان عبدالله
بدأ كل شيء العام الماضي، عندما أخذ كريم بشير، وهو تلميذ في الصف التاسع بولاية ميشيغن، يشكو من عدم حصوله على يوم عطلة من المدرسة خلال عيد الفطر. إذ لطالما أكد بأنه يشعر بالتوتر خلال هذه المناسبة بدل الاحتفال والاستمتاع بقضاء الوقت مع أسرته.
أما والده سامح بشير47) عاماً)، وهو أب لأربعة أبناء، فقد أوضح بأنه قصد اجتماع المجلس التربوي )في مدينة كانتون) وأخبر أعضاءه بمعاناة عائلته خلال الأعياد الإسلامية حيث يتوجب عليها الاختيار –دائماً– بين الواجب المدرسي أو الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى.
ويعمل سامح حالياً مع أولياء أمور آخرين من أجل تشكيل مجلس للآباء المسلمين، كما أنهم يسعون إلى تقديم عريضة رسمية تطالب نظام مدارس بليموث وكانتون العامة باعتماد عيد الفطر كعطلة مدرسية.
وكانت دراسة قد أعدّها مركز «بيو» للأبحاث في عام 2021 قد وجدت بأن عدد المسلمين في الولايات المتحدة يناهز 3.85 مليون نسمة، أي أكثر بقليل من واحد بالمئة من إجمالي السكان، وأن بينهم حوالي 1.35 مليون طفل في سن الدراسة.
من ناحية أخرى، يلتزم معظم المناطق التعليمية في جميع أرجاء أميركا باعتبار الأعياد المسيحية عطلاً مدرسية، لاسيما أعياد الفصح والميلاد، إلى جانب بعض المدارس التي تعطّل خلال الأعياد العبرية في المناطق التي تضم أعداداً كبيرة من اليهود.
وفي عام 2015، أعلنت مدينة نيويورك –حيث يشكل الطلبة المسلمون حوالي 10 بالمئة من إجمالي الطلاب– عن تعطيل المدارس العامة خلال عيدي الفطر والأضحى، احتفاءً بالأعياد الإسلامية. وقد حذا حذوها العديد من المناطق التعليمية الأخرى، بما فيها منطقتا فيلادلفيا (بنسلفانيا) وبالتيمور (ماريلاند)، إلى جانب العديد من المدارس العامة في ولاية مينيسوتا، التي تضم جميعها أعداداً متزايدة من السكان المسلمين.
وحالياً، يدعو الكثير من التلاميذ وأولياء أمورهم في المقاطعات الأصغر بولايات ميشيغن وكاليفورنيا ونيوجرزي وكونيتيكت، وغيرها من المجتمعات الأخرى في عموم الولايات المتحدة، إلى ضم الأعياد الإسلامية إلى قائمة العطل المدرسية.
في السياق، أفاد يشير الذي يقطن في مدينة كانتون لصحيفة «ذا ناشيونال» قائلاً: «ابني يقوم بدوره، وأنا أقوم بدوري»، مضيفاً: «أنا لا أستسلم أبداً، إذا لم تنجح طريقة معينة فسوف أحاول بطريقة أخرى، وسوف أواصل المحاولة حتى أحقق هدفي».
وفي كانتون التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة، أكد سامح الذي يتحدر من أصول مصرية بأن حوالي أربعة آلاف شخص يحضرون للصلاة والاحتفال بعيدي الفطر والأضحى في المساجد الثلاثة بالمدينة التي تستضيف مهرجانات تضم عربات طعام (فود تراك) وألعاباً للأطفال، إضافة إلى العديد من الأنشطة الترفيهية الأخرى.
ملامح مساواة
المحاضِرة في التعليم في «الجامعة الأميركية بواشنطن»، عمارة دوكوير، قالت: «عندما يكون الطلبة في منطقة تعليمية تغلق أبوابها بمناسبة العيد، فهذه إشارة واضحة على أنها تعتبرهم عنصراً حيوياً في مجتمع منطقتهم التعليمية»، مضيفة بأن مثل هذا الإجراء دليل على احترام أولوياتهم الدينية.
ووفقاً لبحث أجرته دوكوير فإن حوالي 19 منطقة مدرسية قد تحولت بهذا الاتجاه، على الرغم من وجود تحديات عديدة، بينها قلق مديري المدارس التي تعترف بأعياد المسلمين من تلقي طلبات مماثلة من أبناء الأقليات الدينية الأخرى، في وقت يحصل فيه التلاميذ بالفعل على عدة عطل خلال العام الدراسي.
وأضافت دوكوير: «هنالك فكرة مفادها أنه إذا أغلقنا بمناسبة عيد ما، فهل يتوجب علينا الإغلاق خلال جميع الأعياد؟ وكيف نتخذ هذا القرار؟».
تغير جذري
تظهر الأبحاث بأن الأداء الأكاديمي للطلبة يكون أفضل عندما يكونون في بيئة شمولية تعزز شعورهم بالانتماء. لكن في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) عام 2001، تعرض المسلمون في أميركا لجرائم الكراهية والتمييز، في جميع الحقول بما فيها المدارس.
وبعد انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2016، عادت ظاهرة الإسلاموفوبيا للظهور بشكل أكبر بعدما أدلى بعدد من التعليقات العنصرية، بما فيها ادعاءاته الكاذبة بأن المسلمين في ولاية نيوجرزي قد احتفلوا بتفجير برجي التجارة العالمية، كما أصدرت إدارته أوامر تنفيذية تحظر سفر المسلمين من عدة دول ذات غالبية مسلمة.
وعلى الرغم من ذلك يكتسب المسلمون في أميركا زخماً أقوى بمرور الأيام، ففي عام 2019 تم انتخاب امرأتين مسلمتين لعضوية الكونغرس الأميركي (رشيدة طليب وإلهان عمر)، كما شهدت الانتخابات النصفية الأخيرة عدداً قياسياً من المرشحين المسلمين الذين تم انتخابهم لمناصب حكومية وعامة.
في الأثناء، أعرب بشير عن أمله في أن تنجح جهوده قريباً، لافتاً إلى أن أكثر من 400 من الآباء وقعوا على عريضة تطالب بجعل عيد الفطر عطلة مدرسية. وقال: «هذا يعني الكثير بالنسبة لنا، أولاً وقبل شيء، سيشعر الأطفال بأنهم ينتمون لمجتمعهم، مثل أي شخص آخر».
* نُشر هذا المقال في موقع TheNationalNews.com وتم تحريره توخياً لمتطلبات النشر.
Leave a Reply