ديربورن – بمسيرة حاشدة انطلقت من أمام «مركز كربلاء الإسلامي» في ديترويت وحطت رحالها في منتزه «فورد وودز» بمدينة ديربورن المجاورة أحيى آلاف المسلمين الشيعة في ولاية ميشيغن، يوم الأحد الماضي، الذكرى السنوية لأربعينية الإمام الحسين(ع) بمشاركة لافتة من كندا ومناطق أميركية أخرى.
ومنذ تأسيسها تحرص المراكز الإسلامية في مناطق تركز الجاليات الشيعية في منطقة ديترويت، على إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين في موقعة كربلاء سنة 61 هجرية، وما تحمله من معان دينية وإنسانية.
وتشهد منطقة ديترويت منذ سنوات، تنظيم مسيرات عاشورائية ضخمة، أبرزها مسيرة الأربعين التي يقيمها «مركز كربلاء الإسلامي» بالتعاون مع عشرات المواكب الحسينية، التي يتم خلالها رفع الأعلام والرايات إلى جانب إقامة الصلوات والأدعية ومراسم العزاء والشعائر المرافقة، كاللطميات وضرب الزنجيل على إيقاع الطبول والصنوج، إضافة إلى تقديم المشروبات والأطعمة على «حب الحسين».
وتميزت مسيرة الأربعين لهذا العام بحضور الكثير من المسلمين الشيعة من كندا وباقي الولايات الأميركية للمشاركة في الفعالية التي حضرها كل من رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود وقائد شرطة المدينة عيسى شاهين، وشارك فيها الكثير من المعزّين القادمين من مختلف المناطق الأميركية، بمن فيهم ممثل عن الجالية الكلدانية في منطقة ديترويت.
وتركزت جميع الخطابات التي ألقيت في ختام الفعالية بمنتزه «فورد وودز»، حول رمزية الإمام الحسين ومكانته في العقيدة الإسلامية وعموم الوجدان الإنساني، بما تتضمنه من تضحيات عابرة للزمان والمكان في سبيل تحقيق العدالة ورفع المظلومية عن المستضعفين والمضطهدين حول العالم.
وبينما اكتفى قائد شرطة ديربورن عيسى شاهين بالتأكيد لحشود المعزين على وحدة المدينة عبر ترديد شعار الشرطة «ون ديربورن» (ديربورن واحدة)، أكد رئيس البلدية عبدالله حمود على حضوره للفعالية بدافع من حبه وولائه لأهل البيت، مهيباً بالمشاركين ألا يتقاعسوا عن أعمال التنظيف وجمع النفايات في ختام الاستعراض الحسيني السنوي.
حمود اللبناني الأصل، أوضح بأن استلهام مبادئ وقيم وتضحيات الإمام الحسين وعموم أئمة أهل البيت تحتّم علينا بأن نكون «مصاحف تمشي على قدمين» طيلة حياتنا، لكي نقدّم أفضل صورة حول الدين الحنيف. وقال: «دعونا نلتزم بمبادئ وقيم وتضحيات أهل البيت طوال حياتنا، لكي يعرف العالم أجمع من نحن كمسلمين».
في السياق، أكد مرشد «دار الحكمة الإسلامية» بديربورن هايتس، الشيخ محمد علي إلهي، أن ثورة الحسين ضد الاستكبار والظلم لا تخص الشيعة دون غيرهم، وإنما تصب في صميم عقائد جميع الطوائف الإسلامية وباقي الديانات الأخرى، موضحاً بأن استشهاد الحسين من أجل العدالة والحرية والكرامة الإنسانية هو محل احترام وتقدير في الأوساط الدينية والثقافية حول العالم.
من جانبه، ألقى الشيخ جبر شلال الجبوري كلمة باسم المشاركين القادمين من العاصمة واشنطن، أكد خلالها على أن الحسين وحد الجميع تحت راية الحق والجهاد، مستذكراً قولته الشهيرة: «هيهات منا الذلة». وأضاف الجبوري بالقول: «نحن المسلمون في الولايات المتحدة نتشرف بأن نكون من خدّام الحسين، وسوف نبقى على عهدنا لأهل البيت حتى قيام الساعة».
وأثنى ممثل عن العراقيين الشيعة في ولاية نبراسكا على جهود المواكب الحسينية في ولاية ميشيغن التي نجحت في تعميق الشعائر الحسينية عبر أنشطة وفعاليات سنوية في عموم المناسبات الشيعية، لافتاً إلى أنها تذكّرنا بمراسم العزاء وطقوس «المشاية» من عموم المناطق في جنوب العراق نحو مرقد الإمام الحسين في كربلاء.
مايك فؤاد، ممثل الاتحاد الكلداني الدولي في بغداد والمحافظات العراقية الجنوبية، وفي منطقة ديترويت، أوضح بأن تقاليد الكلدانيين العريقة تتضمن مشاركة أخوتهم المسلمين في إقامة مراسم العزاء خلال عاشوراء وأربعينية الحسين، مؤكداً بأن جميع سكان العراق يؤمنون بمبادئ وقيم الثورة الحسينية، بغض النظر عن أصولهم الإثنية ومعتقداتهم الدينية.
وأعرب فؤاد عن فخر الشعب العراقي بإقامة مسيرات الأربعين الحاشدة وخدمة زوّار الحسين كل عام عبر تقديم الأطعمة والمشروبات وجميع الخدمات التي تسهل تدفق المعزين إلى كربلاء، منوهاً بأن الحسين «يوحّد جميع الطوائف الدينية، وعموم المجتمعات البشرية».
واعتبر مرشد «مركز كربلاء الإسلامي»، الشيخ هشام الحسيني، أن حضور ممثل عن الجالية الكلدانية في منطقة ديترويت دليل على وحدة وتعاضد الشعب العراقي، بسنته وشيعته وكرده وتركمانه وكلدانييه وآشورييه وباقي الطوائف الأخرى. وقال: «هذا هو الحسين الذي نقتدي به، إنه يوحدنا جميعاً ويحثنا على نبذ الطائفية والتقسيم.. لبيك يا حسين»، لتردد الجموع خلفه «لبيك يا حسين»، وبقية الشعارات الكربلائية.
وشدّد أحد القسيسين الأميركيين على أن اللحظة لتوحيد «عائلة ابراهيم» –في إشارة إلى نبي الله– قد حانت لندرك جميعاً بأننا «أخوة»، وقال: «لدينا هنا في ميشيغن سنة وشيعة ويهود ومسيحيون بكافة طوائفهم، لكننا متفرقون من عدة أوجه، لأنه ليس لدينا حقوق أسرة وزواج (مختلط)»، مضيفاً: «يتوجب علينا أن نحوز مثل هذه الحقوق من أجل وحدة المجتمعات في الولاية».
وأهاب القس الأميركي بمواطنيه المسلمين في منطقة ديترويت لتشكيل فريق لإرساء دعائم السلام في نيجيريا، وقال: «إن السنة والشيعة والمسيحيين يقتلون بعضهم البعض هناك، كما تحاول الصين ابتلاع ذلك البلد الذي يضم 232 مليون نسمة»، مضيفاً: «بالتأكيد يمكننا هنا في ميشيغن أن نفعل شيئاً وأن نذهب إلى إفريقيا لمنع الصين وروسيا وأميركا من ابتلاع بعض بلدانها».
وفي نهاية الفعالية، شكر المنظمون المواكب الحسينية التي شاركت في تنظيم مسيرة الأربعين لهذا العام، ومن بينها مواكب أبو الفضل العباس، الجمهور الحسيني،، عشاق الحسين، الصادق، قمر بني هاشم، عبدالله الرضيع، هيئة رقية، أهل البيت، المنتظرون، الخدَمة، صوت الحسين، جامع الرسول، ضلع الزهراء، أنصار الحسين، سيد الشهداء، القاسم، دمعة رقية، الزينبيات، الإمام الكاظم، فاطمة الزهراء، زينب الحوراء، إضافة إلى المواكب الحسينية من كندا وبعض الولايات الأميركية الأخرى.
Leave a Reply