أقفل العام 2007 بتداعياته الفلسطينية على مشهد مأساوي تجلّى في منع آلاف الحجاج الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم، ليظلوا عالقين على الحدود المصرية، والشرط الإسرائيلي إلى السماح لهم بالعبور هو في مصادرة الأموال التي يحملونها وزج المئات منهم في السجون، ممن تعتبرهم إسرائيل خطرا على أمنها، في حين تقف مصر والسلطة الفلسطينية محرجتين أمام صلف وتعنت صديقهما اللدود، وهما تريانه يهدّد ويتوعد بإطلاق النار على جموع الحجاج إذا ما حاولوا عبور الحدود من المعبر الفلسطيني بالقوة، وأظن أن مصر فاوضت قيادة «حماس» على إطلاق الجندي الإسرائيلي المختطف لديها جلعاد شاليت في مقابل إطلاق سراح الحجاج العالقين.كان وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود أولمرت توجّه قبيل الأزمة إلى القاهرة والتقى الرئيس مبارك، ليعلن بكل صفاقة أن تل أبيب تدخلت لدى الكونغرس الأميركي لتجميد مساعدات عسكرية إلى مصر بقيمة مئة مليون دولار، بسبب إخفاقها في منع الفلسطينيين من تهريب أسلحة إلى غزة عبر الأنفاق، وكأن الجيش المصري مطالب بفتح معركة مع المقاومة للحفاظ على أمن إسرائيل.مشهد آخر أقفل عليه العام، يمثّل خطورة على وحدة الفلسطينيين ما بعدها خطورة، تصريح لرئيس الوزراء سلام فياض، في أعقاب تنفيذ كتائب شهداء الاقصى لعملية فدائية جريئة في مدينة الخليل قتل فيها جنديان إسرائيليان، اعتبر فياض يوم مقتلهما مأساة يأسف لها الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني، مؤكدا أن أجهزة السلطة الأمنية ستلاحق الفاعلين وتقدمهم للمحاكمة أو ربما تسلمهم لإسرائيل، تصريح فياض هذا جاء بعد بضعة أيام من مهاجمة وحدة سرية إسرائيلية لبلدة بيتونيا غرب رام الله وقتلها لضابط في الحرس الرئاسي لعباس، دون أن نسمع مسؤولاً إسرائيليا يعتذر عن الحادثة، في حين أن القوات الإسرائيلية تشن هجمات يوميا على قطاع غزة تقتل فيها مدنيين ورجال مقاومة دون أن نسمع أحد يأسف على هؤلاء.المفجع في المشهد أحداث الإقتتال بين مناصرين لحركة فتح وآخرين لحركة حماس في غزة في اليوم الأول في العام الجديد، والمناسبة الإحتفال بيوم إنطلاقة فتح في العام 65، حيث راح ضحية الإشتباكات بين الطرفين عشرات القتلى والجرحى، في حين كانت شعوب العالم محتفلة بالعام الجديد قضى الناس ليلة أجمل ما فيها تمنياتهم باستقبال سنة مليئة بالفرح والسعادة والسلام والفلسطينيون استقبلوها بجنائز القتلى وأصداء المعارك وأصوات الرصاص.والسؤال الذي يطرح نفسه في هكذا إطلالة على المشهد الدموي في الأرض المحتلة، هو كم من السنين يلزم هذا الشعب كي يستعيد وحدته ويحرر أرضه ويبني دولته الحديثة، التي وعده بها بوش والمجتمع الدولي ومحمود عباس؟ أم أن حلما كهذا سيظل سراباً كألوان طيف في قوس قزح فلسطيني، كلها غائبة إلا الأحمر القاني يخضّب المشهد من أقصاه إلى أقصاه.
Leave a Reply