غزة، القدس المحتلة – اتفقت حركتا «فتح» و«حماس» الأسبوع الماضي على تشكيل حكومة كفاءات خلال خمسة أسابيع، وذلك خلال اجتماع عقد في قطاع غزة بين «حماس» ووفد من منظمة التحرير الفلسطينية زار القطاع لبحث سبل تنفيذ المصالحة الفلسطينية.
وقد أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية للشعب الفلسطيني، نبأ «إنهاء الانقسام» بعد توقيع الوفدين على اتفاق بهذا الشأن، وينص الاتفاق على سبعة بنود لتنفيذ ما سبق واتفق الطرفان الفلسطينيان على تنفيذه في القاهرة وفي مكة وفي الدوحة خلال السنوات الأخيرة. وبرغم ترحيب كل القوى الفلسطينية بهذا الاتفاق، إلا أنّ الجميع لا يزال حذرا في التعامل معه خشية تكرار مشاعر الخيبة السابقة. فقط إسرائيل تعاملت مع الأمر بطريقتها الرفضية العنيفة عبر قصفها لمقاومين أثناء تلاوة بيان المصالحة وإصابة 12 مدنيا بجروح. كما سارعت الإدارة الأميركية للإعلان عن أن دعمها لأي حكومة فلسطينية مشروط باعتراف هذه الحكومة بإسرائيل.
![]() |
إسماعيل هنية (الثالث من اليسار) وعزام الأحمد (الثاني من اليسار) يرفعان وبقية المشاركين الأيادي احتفالاً بالاتفاق في مدينة غزة. (رويترز) |
وجاء توقيع الإتفاق الفلسطيني-الفلسطيني عقب لقاء استمر نحو ست ساعات بين قيادات «حماس»، وفي مقدمتها هنية رئيس وزراء حكومتها وموسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، ووفد منظمة التحرير برئاسة عزام الاحمد، مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الخطوة الفلسطينية بتأليف حكومة وحدةٍ وطنية بين السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» هي قفزةٌ عملاقةٌ إلى الوراء. وجاءت تصريحات نتنياهو بعد مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر على وقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وفرض عقوباتٍ اقتصاديةٍ مؤلمةٍ عليها، إضافةً إلى شن حملةٍ إعلامية في الصحافة العالمية من أجل تشويه سمعة رئيس السلطة الفلسطينية.
الرد الفلسطيني على قرار الحكومة الإسرائيلية المصغرة جاء على لسان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، الذي قال إن القيادة ستدرس كل الخيارات للرد على قرار إسرائيل وقف المفاوضات.
وأشار عريقات إلى أن «أولوية الشعب الفلسطيني الآن هي المصالحة ووحدتنا الوطنية».
وكان نتنياهو قد حمل على المصالحة وعلى الرئيس عباس، مشيرا إلى أنه «بدل أن يتقدم في مفاوضات السلام مع إسرائيل تقدم للسلام مع حماس». وشدد على «استحالة أن يحقق الأمرين معا» وأن معنى موقفه هو «أنه غير مهتم بالسلام مع إسرائيل».
من جهته، شدد وزير الخارجية الإسرائيلي افغيدور ليبرمان على أن اتفاقية المصالحة الفلسطينية تشكل «إنهاء لعملية السلام في المنطقة». كما قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف الكين «تكشف إقامة حكومة وحدة بين «أبو مازن» و«حماس» مرة أخرى وحدة الأهداف بين مخرّبي «حماس» وقيادة فتح المتمثلة بتدمير دولة إسرائيل».
وكان الرئيس عباس شدد عقب إعلان الاتفاق على عدم وجود «تناقض بين المفاوضات (التسوية) والمصالحة». وقال، في بيان رسمي، «لا تناقض بتاتاً بين المصالحة والمفاوضات، خاصة اننا ملتزمون بإقامة سلام عادل قائم على أساس حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية».
ورحّبت حركة «حماس» بالاتفاق، معتبرة أنه أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية وأنه يمثل نقطة تحول مهمة وتاريخية في تاريخ الشعب الفلسطيني. كما باركت حركة «فتح» الاتفاق، مثمّنة «جهود الجماهير والمجموعات الشبابية التي نفذت فعاليات ضاغطة على المجتمعين». كذلك، رحّبت الجبهتان الشعبية والديموقراطية بالاتفاق وطالبتا بالسعي الحثيث إلى تنفيذه والاتفاق على إستراتيجية سياسية.
ومن جانبها، أبدت الإدارة الأميركية تذمّرها من اتفاق المصالحة حيث أبدى مسؤول رفيع المستوى تأكيده لصحيفة «هآرتس» العبرية على أن الولايات المتحدة ستعترف بحكومة الوحدة التي ستنشأ في السلطة الفلسطينية فقط إذا اعترفت بإسرائيل وتنكرت للعنف واحترمت الاتفاقيات السابقة الموقعة مع منظمة التحرير.
وقد هددت واشنطن، السلطة الفلسطينية بقطع المساعدات إذا شكلت منظمة «فتح» وحدة وطنية مع حركة «حماس»، وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية لوكالة «رويترز» طالبا عدم نشر اسمه إن أي حكومة فلسطينية يجب أن تلتزم بوضوح ودون مواربة بنبذ العنف والاعتراف بدولة إسرائيل وقبول الاتفاقات السابقة والالتزامات بين الطرفين في المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية. وأضاف «إذ تشكلت حكومة فلسطينية جديدة فسنقيّمها اعتمادا على التزامها بالشروط الموضحة أعلاه وسياساتها وتصرفاتها وسنحدد أي انعكاسات على مساعدتنا حسب القانون الأميركي». وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي قد قالت للصحفيين «إن التوقيت مثير للمشاكل ونشعر بالتأكيد بخيبة أمل إزاء الإعلان». وأضافت «يمكن أن يعقّد ذلك جهودنا بشكل خطير».
في رام الله أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس أن القيادة الفلسطينية على استعداد للموافقة على استمرار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية ما بعد انتهاء المهلة المحددة في 29 نيسان (أبريل) الجاري، شريطة أن تنفذ إسرائيل استحقاق المرحلة الرابعة من الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو، وتلتزم بأن تكون المفاوضات جادة للتوصل إلى ترسيم الحدود ما بين دولتي فلسطين وإسرائيل على أساس حدود عام 1967، وتجميد الاستيطان.
وقال عباس خلال لقائه عددا من الصحفيين في مدينة رام الله إن الورقة التي سلمها الجانب الأميركي ممثلا بوزير الخارجية جون كيري إلى القيادة الفلسطينية والتي على أساسها تم استئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية حددت بصريح العبارة أن المفاوضات ستجري على أساس حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وعليه وافقت القيادة الفلسطينية على استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة، لكنه أصر على أن أي تمديد للمفاوضات يجب أن يصاحبه تجميد إسرائيلي كلي لكل أشكال النشاط الاستيطاني والبناء في الأراضي المحتلة بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية طيلة فترة المفاوضات حول الحدود، إلى جانب التفاوض حول كافة قضايا الحل النهائي.
Leave a Reply