ديربورن هايتس – سامر حجازي
إحتشد العشرات من العرب الاميركيين أمام اجتماع مجلس ديربورن هايتس البلدي الثلاثاء الماضي معربين عن مخاوفهم في ضوء حرمانهم من الحق في الاستفسار عن الاقتراع الغيابي ومطالبين بتنحية كاتب بلدية المدينة (سيتي كليرك) من منصبه على الفور. وقد ساد قاعة الاجتماع جو من التوتر في ظل تغيب كاتب بلدية المدينة وولتر بروسيويتش عن الحضور، وفي أعقاب توضيح مديرة «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز «اي دي سي» فرع ميشيغن فاتن عبد ربه بمزيد من التفاصيل حول الطريقة التي تعاملت بها البلدية مع انتخابات هذا العام.
وكانت أمراً صادما الادعاءات الموجهة ضد عضوة المجلس البلدي ماري هورفاث واعترافها بالمشاركة في عملية ارسال بطاقات الاقتراع الغيابي بالبريد للمواطنين، مع انها أعلنت على الملأ تاييدها لأحد المرشحين في الانتخابات التمهيدية. وكان الجدل إندلع الاسبوع الماضي عقب تقديم بروسيويتش استقالته على وقع مزاعم حرمانه لناخبين محليين من الحصول على بطاقات الإقتراع الغيابي، حيث حدد بروسيويتش تاريخ 25 آب (اغسطس) آخر يوم له في منصبه، مضيفا أنه سيظل يرصد عملية الانتخابات التمهيدية. وكانت «اي دي سي» فرع ميشيغن عقدت مؤتمرا صحفيا الاسبوع قبل الماضي أدعت فيه ان عشرة مواطنين رفعوا لها شكاوى ضد بروسيويتش وطاقم موظفيه.
وبالرغم من إدراجه عدة اسباب لرحيله إلا أن بروسيويتش عاد وسحب استقالته مبديا رغبته في إستكمال مدة ولايته. وقد غصت القاعة بالمواطنين الذين رفعوا يافطات صغيرة كتب على بعض منها عبارات مثل «اين صوتي؟» «صوتي له اهمية» «انه صوتي .. لا بد ان يسمع». كان لافتا تصدر رئيس البلدية دان باليتكو للمشهد حيث وقف وراء المنصة وطمأن الحشود بانه ضد الممارسات التي قام بها مكتب كاتب بلدية المدينة (سيتي كلارك) في التعامل مع بطاقات الاقتراع الغيابي، وأكد انه سيفعل كل ما يلزم لضمان سلامة عملية الإدلاء بالأصوات، مضيفا انه كان على تواصل مع المسؤولين في المقاطعة والولاية للإشراف على الإنتخابات في المدينة. وقال «لا أتصور شيئا يهمني اكثر من الحق في التصويت» مؤكدا ان فلسفة سكرتيرة الولاية ان لا يضار ناخب بسبب خطأ إرتكبه عامل في الانتخابات.
ويتساءل الناس الآن عقب إدراج بروسيويتش لاسباب إستقالته كيف له الرجوع عنها بعد كل تلك الإتهامات التي وجهت له وإعترافاته هو شخصيا، حيث جاء في خطاب استقالته بأن مكتبه تلقى المئات من بطاقات الاقتراع الغيابي في وقت لم يكن فيه موجوداً في المكتب، وبأن الموظفين أخفقوا في تدوين أسماء الاشخاص الذين قاموا بتسليم تلك البطاقات وفي أخذ تواقيعهم، بحسب ما منصوص عليه في قانون الولاية. وقال بروسيويتش أنه أبلغ الولاية بما جرى وأمرته بتمرير تلك البطاقات وحذرته بعدم قبول بطاقات جديدة دون تواقيع، كما اخبرته بضرورة الإطلاع على بطاقة الهوية لكل من يسلم بطاقات اقتراع غيابي. وبدا ان تلك الاستقالة شكلت ناقوس خطر للمواطنين لناحية ما يجري وراء الكواليس في أوساط موظفي مكتب كاتب البلدية (سيتي كلارك) والمسؤولين في البلدية وموظفي البلدية، حيث جاء في كتاب الاستقالة على لسان بروسيويتش «انا لم اعد مقبولا في هذا المنصب، وهي وظيفة لن تتحسن ابدا». قال إن المكتب عانى مدة طويلة من نقص في العمالة وبعد تعيين نائب لكاتب البلدية (سيتي كلارك)، استقالت بسبب الجو العدائي السائد في البلدية. وقال بروسيويتش في رسالته بان هناك احتكاك مستمر بينه وبين العاملين في البلدية، مضيفا انه اثناء المقابلة مع المرشحة لمنصب نائبة كاتب البلدية (سيتي كلارك) نصحها بعدم تجاذب اطراف الحديث مع معظم الموظفين في البلدية كونهم تحدثوا عنه بسوء، وقال ان تلك المرشحة رفضت الوظيفة بسبب الأجواء العدائية السائدة في اوساط الموظفين. وتحدث بروسيويتش ايضا حول صراعه مع عضوة المجلس البلدي هيكس كلايتون. وتحدث بروسيويتش في رسالته عن استجواب «اف بي اي» له في منزله حول موضوعات جنائية في البلدية لكنه لم يفصح عن تفاصيل.
وقد أبدى عدد من المواطنين استياءهم من فكرة السماح لـبروسيويتش بالعودة لوظيفته في ضوء هذه التصريحات، حيث قالت المواطنة رينيه هادي لـ«صدى الوطن» الأن أصبح واضحا السبب وراء عدم تلقي العائلة اية بطاقات اقتراع غيابي في كل مرة كنا نطلبها واضافت «كيف يمكن لك توقع الإنتاجية من حفنة موظفين يتعاملون وكأنهم أطفال في الصف الخامس، اصبح مقلقا لي استمرار بروسيويتش في منصبه مع انه إعترف بعدم قدرته على التعامل مع موظفيه.
من جانبها دافعت عضوة المجلس ماري هورفاث والتي تربطها به علاقة صداقة طويلة عن بروسيويتش، حيث قالت لجموع المحتشدين في القاعة الثلاثاء الماضي بأنها قامت بمساعدته في المكتب بتوضيب بطاقات الإقتراع الغيابي من خلال مطابقة التواقيع مع بيانات الهوية، وأضافت ان حوالي 20 بالمئة من تلك التواقيع لم يكن ممكنا مطابقتها وهذا ما اعطى المكتب الحق في عدم ارسال بطاقات لهذه الفئة من المواطنين، بل انهم ابلغوا بأن طلباتهم للبطاقات مرفوضة.
وتحدث عدد من المواطنين من على المنصة متسائلين كيف سمح لهورفاث التعاطي مع بطاقات الاقتراع مع انها أعلنت تاييدها لمرشحة على عضوية مجلس النواب في الولاية جولي بلويكي، وهذه في حد ذاتها مخالفة للقانون. ردت نورفاث بالقول ان الولاية كانت على علم بتدخلها لمساعدة بروسيويتش ولكن دون علمهم بانني مؤيدة لاحد المرشحين فهم لم يسالوني عن ذلك.
ثم صعد الى المنبر مواطن آخر وهو في الوقت ذاته عامل في وزارة الأمن الداخلي الفيدرالي ليكيل مزيداً من الاتهامات لـبروسيويتش، حيث قال بانه ذهب مرة الى مكتب سيتي كلارك ليسال عن عملية الانتخاب وقابل بروسيويتش وسأله عما إذا كان هو كاتب بلدية المدينة (سيتي كلارك) ورد عليه بالنفي، واضاف بأنه زار المكتب مرة ثانية وفي تلك المرة اعترف بروسيويتش بانه كاتب البلدية (سيتي كلارك) وقدم اعتذاره عن الكذبة في المرة الاولى، ووصف الرجل ذلك التصرف من جانب بروسيويتش بانه محض هراء.
وتحدثت عبد ربه من على المنصة لتكشف المزيد من التفاصيل حول طريقة إدارة كاتب البلدية (سيتي كلارك) للعملية الانتخابية بما في ذلك انتهاك بروسيويتش للقانون باخذه بطاقات الاقتراع الغيابي معه الى المنزل وخارج نطاق ساعات الدوام الرسمية. اضافت عبد ربه بان تحقيقات اجرتها «اي دي سي» فرع ميشغن كشفت بأن كاتب البلدية (سيتي كلارك) تعمد تاخير عملية التصويت لمواطنين يحملون اسماء تدل على انهم من أصول شرق أوسطية، وضربت على ذلك مثالا اثنين من الجيران تقدما في نفس اليوم بطلبين للحصول على بطاقات اقتراع غيابي، احدهما يحمل اسم انجلو سكسوني حصل على البطاقة فورا، والاخر يحمل اسماً عربيا لم يتسلم بطاقة الا بعد قيام «اي دي سي» بتوجيه الاتهامات لمكتب سيتي كلارك الاسبوع قبل الماضي. وأعربت عبد ربه عن القلق من مغبة عودة بروسيويتش لمزاولة مهام منصبه رغم الاتهامات التي وجهت اليه.
وكان المجلس البلدي صوت الاسبوع قبل الماضي 6 – 1 لصالح قبول استقالة بروسيويتش قبل اعلان هذا الأخير عن العدول عنها. وقالت عبد ربه موجهة كلامها للمسؤولين في البلدية «الحقيقة ان مئات من بطاقات الاقتراع الغيابي تم تمريرها الان بعد تدخل «اي دي سي» والاستياء العارم من الناس، وقالت عبد ربه انه بناء على رغبة الناس وتمشيا مع النهج الديمقراطي لا بد من تنحية بروسيويتش من منصبه على الفور، وفي حال رفضه ينبغي البدء بالاجراءات القضائية لاقصائه.
وفي ختام الاجتماع طلبت عبد ربه من المجلس البلدي إصدار بيان حول استقالة بروسيويتش، وقال عضو المجلس طوم بري للجماهير بأنه يعتقد ان المجلس لن يقبل عدول بروسيويتش عن استقالته واضاف ان هذه المسألة المتعلقة ببطاقات الاقتراع الغيابي هي آخر مشكلة يتسبب بها مكتب كاتب البلدية (سيتي كلارك) وهو يشعر بالحرج من هذه الامور التي تقع على كاهل بروسيويتش نفسه. وقالت عضوة المجلس هيكس كلايتون بأن أفعال بروسيويتش هي التي دمرته، فيما اكد العضو بوب قسطنطين بأن البلدية حريصة على ضمان سلامة الانتخابات هذا الاسبوع، وطالب المجلس باعطائه مزيدا من الوقت لمناقشة الجوانب القانونية للاستقالة والعدول عنها قبل اتخاذ المجلس قراره في هذا الشأن، حيث انه قال في خطاب استقالته بانه باق في وظيفته لغاية اواخر آب (اغسطس).
حضر الاجتماع ممثلون عن الجمعية الوطنية للملونين واعربوا عن مخاوفهم تجاه سلامة العملية الانتخابية في المدينة، واعرب مكتب المدعي العام في الولاية ومكتب الادعاء في مقاطعة «وين» عن اهتمامهم بالموضوع وامكانية اتخاذهم اجراءات اضافية. كما صدر بيان مشترك من النائب ديفيد كانزاك المرشح لمجلس الشيوخ في الولاية ومن المرشحين لعضوية المجلس النيابي راشد بيضون وطوني تروبيانو قالوا فيه بأن مثل هذه التصرفات في المدينة تؤكد مخاوف الناس من الاستهداف الموجه لأقليات بعينها. وجاء في البيان «ينبغي البدء بالتحقيق من قبل البلدية والولاية في هذا الموضوع لمعرفة الحقيقة في مسألة توفير الفرصة لجميع المسجلين انتخابيا للادلاء باصواتهم وحقهم الديمقراطي في المساواة جنبا الى جنب مع مواطنيهم الاميركيين، وينبغي تصحيح هذا الوضع على الفور».
لغاية صدور هذا العدد من «صدى الوطن» لم يتكشف بعد كيف ستتصرف البلدية في العملية الانتخابية وما اذا كان بروسيويتش سيستمر في منصبه حتى 5 آب (اغسطس) وهو الموعد المقرر للانتخابات التمهيدية.
Leave a Reply