شهر حزيران من سنة ألفين وتسعة انقضى وانصرم، فما الذي تغيّر أو استجد في المشهد السياسي اللبناني؟ طالما الزعيم نفسه والجمهور العريض نفسه والمناخ الثقيل المشبع بكل الغازات الفاسدة نفسه، فما هو الداعي والباعث لهذا الابتهاج المعلب والفرح المصطنع والضحك المستعار الذي أدى بذلك الجمهور العريض ليجري كالقطيع المطيع حاملاً على أكتافه نفس البيك وذات الزعيم قبل الانتخابات وبعدها، هاتفاً باسمه ومطلقاً عبارات الإعجاب به ومعلناً ولاءه له هاتفا “بالروح وبالدم نفديك أيها الأستاذ العظيم“!!
في كل زمان ومكان، يعرّف الجمهور العريض على أن مجموعة من الشعب. من الناس، في معرض الكلام على فاعلية ذلك الجمهور وقدرته في التصدي والاعتراض وفي قيادة نفسه إلى حيث يجدر به أن يصل. ترى هل يصح هذا الوصف على الشعب اللبناني الذي في معظم مواقفه وتحركاته لا يعي ما يفعل وكثيراً ما كان ناصراً لأعدائه ومعادياً لأصدقائه وماشياً في ركاب من يقهره وفاتحاً الأبواب السبعة أمام آكلي حقوقه ومغتصبي أرزاقه. هذا الجمهور أو الكثير من الشعب اللبناني الذي يحفظ ويردد الخطب والعبارات التي تصدر من أشداق زعمائه السياسيين والروحيين وأبواقهم الإعلامية فيحفظها ويرددها دون أي تفحص أو تفهم عن معناه.
هذا الجمهور أو البعض منه، الذي يسهل خداعه، ربما لغبائه الكثيف وانعدام شعوره بما ينفعه وما يضره وربما لكسله في كشف الحقائق أو العجز عن التمييز بين من يريد له الازدهار والخير وبين من يجعل منه مطية إلى الرسوخ في قيادته وفي يده السوط فينقاد له الشعب راضياً مختاراً هاتفاً حامداً ومعدداً للزعيم مآثره.
إن أحداث تاريخ لبنان، منذ “عهد الطوفان إلى لبنان أولا” تدل على أن معظم الشعب اللبناني يتحرك بلا وعي ولا إدراك ويترك مصيره للصدفة ولأنه يسير بإرادة من يمتطي أكتافه، من حكامه وبكواته، كما تفصح تصاوير زعماء الأحزاب والطوائف في الانتخابات النيابية الأخيرة، وقلما يمتطي الجمهور اللبناني زعيماً من أصحاب العقول النيرة والقلوب الخيرة والأخلاق العظيمة واحترام الحياة.
وعموماً فنحن اللبنانيين أسلس انقياداً للبعض من الولاة والبكوات الممتلئين نفاقاً وسطحية والأبرياء من فعل المحبة والإخلاص لنا وللوطن الجميل لبنان.
صدق الشاعر خليل مطران عندما قال “كل شعب خالق نيرونُه”.
Leave a Reply