المنامة – لم ينطفئ نبض الشارع البحريني المعارض الذي عاد للتحرك الأسبوع الماضي مع دعوات “انتفاضة 14 شباط” الى تظاهرات جديدة رغم انطلاق الحوار الوطني، الذي يتخذ شكلين، الأول علني هدفه إعلامي والثاني من وراء الكواليس وتحدثت تقارير صحفية الأسبوع الماضي عن تفاوض سرّي غامض في البحرين، وحوار علني مختلف عليه، من اسمه حتى اجراءاته وأعضائه، لكن تأثير التفاوض الغامض يتضح حين يبدأ قادة الموالاة بالحديث عن حكومة تمثل الارادة الشعبية، لكنهم يشترطون أن يكون “الفيتو” عليها في أيديهم.
بالتوازي مع الحراك السياسي السري والعلني، نشطت الحركات المعارضة الرسمية والشعبية لاستعادة شارعها وعافيتها. لقد بدأت المعارضة التقليدية بحشد الجمهور في سار، قدر بنحو 20 ألفاً، لحقه حشد آخر في جزيرة سترة التي شهدت أكبر عمليات قمع “درع الجزيرة”، وكان العدد هذه المرّة أكبر والساحة أيضاً. اقترب العدد من 70 ألفاً. قبل أسبوعين كانوا في الدراز، مقرّ إقامة المرجعية الشيعية الشيخ عيسى قاسم، وكانت الساحات الثلاث الكبيرة قد امتلأت عن بكرة أبيها وناهز العدد مئة ألف، قبل أن تنتهي في الأسبوع الماضي في كرانة بحشود ضخمة جداً.
وواصلت المعارضة تكاثرها في استعادة زخم الاحتجاجات، حتى صار النظام حائراً أمام هذا الكم الذي لم تجد معه القبضة الأمنية. ما اختلف من الأمور قبل دخول قوّات “درع الجزيرة” هو فقط عدم وجود المتظاهرين عند موقع دوار اللؤلؤة. الناس لا يزالون مصرّين. لم تمر ليلة واحدة دون فعاليات احتجاجية في القرى والمناطق. وهي أصلاً لم تهدأ إبّان قانون الطوارئ.
وفي مقابل فعاليات المعارضة الرسمية، بدأ تشكيل ائتلاف شباب “14 فبراير” بالظهور ككيان سياسي له حضوره في الأسابيع الماضية. لم يتوقّع الجالس على مكتبه المكيّف والكبير والمخيف في مبنى وزارة الداخلية (القلعة) أن هذا التشكيل هو تشكيل له حضوره الجماهيري، إلا حينما قرر الانتفاض ببيان العودة في الأول من حزيران الماضي. فاجأ الجميع. وبدا المراقب لحراك شباب “14 فبراير” يلمس نضوجاً سياسياً واضحاً من خلال البيانات التي تلت قانون السلامة الوطنية.
وفي سياق آخر، اعلن عضوان بارزان في جمعية “الوفاق” المعارضة في البحرين، انسحاب وفد الجمعية، من إحدى جلسات الحوار الذي تديره السلطات، مؤكدين أن الأخيرة ليست جدية في الاستجابة لمطالب المعارضة، ما يرجح انسحاب الجمعية الكامل من الحوار. وقال عضو وفد “الوفاق” إلى الحوار، هادي الموسوي، إن الوفد انسحب من الحوار بعدما قام مشارك موال للسلطات، باستخدام عبارات مهينة في حديثه عن الشيعة، فيما قال رئيس وفد “الوفاق” خليل المرزوق إنه اوصى قيادة الجمعية بالانسحاب من “حوار التوافق الوطني”.
وقال المرزوق في خطاب سلمه إلى الامين العام لـ”الوفاق” علي سلمان “لأنه ليس حوارا جديا كما ثبت لدينا من خلال مشاركتنا الصادقة ومن خلال محاولاتنا الجادة في تعديل إجراءاته وآلياته ومنهجيته التي تم تجاهلها ورفضها، نؤكد ضرورة الابتعاد عما يمكن أن يصورنا كشركاء في ما يفضي إليه هذا الحوار من نتائج بعيدة عن الإرادة الشعبية أو يناقضها ، الأمر الذي لا ترضى به أخلاقنا”. واضاف المرزوق ان “استمرارنا (كممثل عن جمعية الوفاق) في مسار حوار التوافق الوطني القائم واجراءاته على ما هو عليه، مع عدم الاكتراث بمرئياتنا ومحاولاتنا المتكررة في تصحيح الوضع والتوافق عليها لايجاد حوار جدي ومثمر وشامل، يشعرنا بعدم الجدية من جهة، وعدم الجدوى من وجودنا فيه من جهة أخرى، لأنه لن يكون قادرا على إخراج البحرين من مأزقها السياسي والأمني والإنساني المستمر”.
Leave a Reply