بانتظار ما تتمخض عنه الأحداث والمساعي الدبلوماسية لإنعقاد «جنيف 2» المقرر الشهر القادم، يواصل الجيش السوري عملياته في العديد من البقاع السورية، سيما في ريف دمشق، حيث يستعد النظام لمعركة يبرود، أحد أبرز معاقل المسلحين في جبال القلمون شمال العاصمة.
كابوس المجموعات المتطرفة التي فشلت في اتمام مهمتها في سوريا، يؤرق أميركا والغرب، فوجودها في المنطقة أو عودتها من حيث أتت، في حال تابع الجيش السوري ملاحقتهم وتحريره للأراضي التي سيطروا عليها ودفعهم خارج سوريا، أو في حال السعي جديّا لحل سلمي للأزمة السورية، في كلا الحالتين على الغرب أن يُعد العدة للتعامل مع هذه المشكلة.. ويبدو أنه قد بدأ.
وفي مدينة المعضمية التي شهدت اتفاقاً بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة دخل حيز التنفيذ مع رفع علم الدولة السورية فوق المواقع الرسمية للدولة، خرقت اشتباكات عنيفة الهدنة التي تم التوصل إليها، في حين واصل الطيران السوري غاراته على مدينة حلب وريفها لليوم الثاني عشر على التوالي.
دولياً، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تحقيق الإستقرار في سوريا مهمة ذات أولوية، مشددا على أن الحديث عن الشخصيات ونظام الانتخابات في «سوريا جديدة» له أهمية ثانوية. واعتبر أن شركاء روسيا الغربيين باتوا يدركون أن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد لا يمثل سبيلاً لتسوية الأزمة السورية، بل قد يؤدي إلى إستيلاء المتطرفين على السلطة خلال فترة وجيزة.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه مشاركة إيران في المؤتمر الدولي تتفاعل، شدد لافروف على أن مكافحة الإرهاب الدولي يجب أن تمثل موضوعاً رئيسياً خلال مناقشات «جنيف 2»، بإعتباره أكبر خطر يهدد سوريا ودول المنطقة برمتها. وأعرب عن أمله في أن يتمكن شركاء روسيا من إقناع المعارضة بحضور «جنيف 2» دون شروط مسبقة وإرسال وفد ذي تأثير اليه. وقال: فيما يخص سوريا، آمل ألا يجادل أحد (بأن مكافحة الإرهاب يجب أن تكون في صلب الاهتمام) وألا تطرح المعارضة شروطا جديدة لا يمكن قبولها وتتعارض مع المبادرة الروسية-الأميركية.
وبدوره، قال الائتلاف الوطني السوري المعارض في بيان إنه لا يستطيع بضمير حي المشاركة في محادثات السلام في جنيف وقوات الأسد تواصل قصف مدينة حلب والمناطق المحيطة بها. ومن جانبه، رأى مصدر رفيع المستوى في «الائتلاف الوطني السوري» أن النظام وروسيا يحاولان تقويض فرص عقد مؤتمر «جنيف 2». وأوضح المصدر لوكالات أنباء دولية أن النظام يحاول خفض تمثيله السياسي في مؤتمر «جنيف 2» بموظفين لا حول لهم ولا قوة، وغير مخولين باتخاذ أي قرار، مبيناً أن النظام يسعى لتحويل المفاوضات في مؤتمر «جنيف 2» إلى مفاوضات طويلة الأمد. وقال إن موسكو تحاول تفريغ مؤتمر «جنيف ٢» من محتواه، عندما تحوّله من مؤتمر يهدف لإيجاد حل سياسي إلى مؤتمر لمكافحة الإرهاب، حسب توصيفها.
لكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي سيترأس الوفد الحكومي الى جنيف، أكد على ضرورة أن يركّز المؤتمر على مكافحة الإرهاب ووقف دعم وتسليح «الإرهابيين». وشرح المعلم لمعاون وزير الخارجية الهندي سانديب كومار، في دمشق، «ما تواجهه سوريا، دولة وشعباً، من حرب تشنها مجموعات إرهابية ينتمي أفرادها إلى أكثر من 80 بلداً، وأنه لذلك يجب أن يركز مؤتمر جنيف كأولوية على مكافحة الإرهاب وإلزام الدول التي تقدم الدعم للمجموعات الإرهابية بوقف تمويل وتسليح واستضافة هذه المجموعات، لأن إنهاء الإرهاب في سوريا هو أساس نجاح الحل السياسي».
وشدد على أن «الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب، التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ضد الشعب السوري لها النصيب الأكبر في مفاقمة الوضع المعيشي في سوريا».
إدانة أميركية لـ«داعش»
وفي موقف أميركي لافت، دعت واشنطن في بيان لوزارة الخارجية الأميركية دول المنطقة إلى إتخاذ إجراءات عملية لمراقبة التمويل والتجنيد لداعش وجبهة النصرة. ودعا بيان للخارجية الأميركية إلى منع تسرّب المقاتلين الأجانب إلى الداخل السوري، لأنّهم يتسلّلون لاحقاً للعراق ويقومون بتفجيرات إنتحارية ضدّ المدنيين الأبرياء.
ودانت الخارجية هجمات «داعش» في العراق ووصفته بفرع «للقاعدة» وبالعدو المشترك للولايات المتحدة والعراق وبأنّه تهديد لمنطقة الشرق الأوسط.
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست»، عن ضلوع جمعيات خيرية رسمية في قطر بتمويل تنظيم «القاعدة» بملايين الدولارات في سوريا. وأشارت الصحيفة الى أن واشنطن قد قامت بإدراج كل من القطري عبدالرحمن النعيمي (59 عاماً) واليمني عبدالوهاب الحميقاني، على قائمة الإرهاب الخاصة بها، وذلك بعد أن عملا كممولين لتنظيم القاعدة، وسخّرا ملايين الدولارات لصالح جماعات إرهابية في كل من سوريا والعراق، بحسب الصحيفة.
البراميل المتفجرة
أحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل أكثر من ٤٠٠ شخص، بينهم نساء وأطفال، خلال ١٢ يوماً في حلب، نتيجة القصف بـ«البراميل المتفجرة»، في حملة هي الأعنف للطيران الحربي على القسم الشمالي من حلب منذ عام تقريبا.
ودخلت «البراميل المتفجرة» على خط الحرب منذ عامين، حين تبين لقيادة الجيش أن زمن المعركة يمكن أن يطول وكذلك كلفتها. فبدأ الطيران الحربي منذ عام ونصف عام شن غارات بالطوافات على ريف إدلب والرقة بالبراميل ذات القدرة التدميرية العالية والدقة المعدومة والكلفة المنخفضة.
وتشهد حلب، التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد قبل بدء النزاع منتصف آذار العام 2011، معارك يومية اشتدت في الأيام الأخيرة، في مشهد يعتبره مراقبون من مشاهد التحضير الميداني لمؤتمر «جنيف 2» في 22 كانون الثاني (يناير) المقبل.
وفيما يواصل الجيش عملياته في عدرا العمالية ومناطق متفرقة من الريف الدمشقي، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية الثلاثاء أن مجموعات مسلحة هاجمت السبت الماضي موقعين فيهما مواد كيميائية تم التوصل إلى إتفاق لنقلها إلى خارج سوريا. وذكر المصدر أن المجموعات المسلحة هاجمت أحد المواقع في المنطقة الوسطى بأعداد كبيرة وأرتال من العربات مزودة برشاشات ثقيلة بغية احتلاله وتدميره إلا أن الجهات المعنية قامت بالتصدي لهذا الهجوم وإفشاله.
Leave a Reply