دمشق – كشفت ما تسمى بالمعارضة السورية في الخارج الأسبوع الماضي عن وجهها الحقيقي، بعد أن دخلت في المحظور بطلبها علناً لتدخل دولي.
وهذا التوجه الذي تم التمهيد له خلال الأسابيع القليلة الماضية عبر وسائل الإعلام المعادية للنظام السوري، جاء بعد سلسلة من الشعارات المثيرة للجدل وحتى الشك في هوية المعارضة السورية ونواياها السياسية، حيث أطلقت “الهيئة العامة للثورة السورية” شعار “جمعة الحماية الدولية”، الذي لا يدع مجالا لأي التباس في طلب استدعاء تدخل دولي في الأزمة السورية الداخلية التي كانت المعارضة نفسها تصر أكثر من النظام على اعتبارها صراعا داخليا، لا يحتمل اي انتهاك لقواعده السلمية ولا أي استدعاء للخارج، لا سيما في ضوء التجربة الليبية الدموية.
وتحاول الدول الغربية منذ عدة أسابيع تضييق الخناق على دمشق، في حين في هذا الوقت أعربت موسكو، عن اقتناعها بأن التوصل إلى “تسوية سياسية” في سوريا ما زال ممكنا، وبأن الرئيس بشار الأسد يتمتع بـ”فرصة للتحديث” إذا أصبحت “الطبقة الحاكمة أكثر انفتاحا”، معتبرة أن في صفوف المعارضة من “يمكن وصفهم بالإرهابيين”، وهو ما يبدو انه اقسى إدانة روسية لحركة الاحتجاج السورية التي تأخذ طابعا عنفيا في عدة بؤر من البلاد.
وبالتوازي مع التصعيد الغربي المستمر والمطالبة بالتدخل الدولي عادت تركيا الى اللهجة المتشددة ضد دمشق لتتبع بذلك الموقف القطري الداعم للاحتجاجات عبر الأمير حمد حمد بن خليفه آل ثاني الذي أكد أن “الشعب السوري لن يتراجع”!.
فقد أشار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في مقابلة مع قناة “الجزيرة” المعادية للنظام السوري إلى أن ظلالا تخيم على شرعية الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه، مؤكدا أنه ليس على اتصال بالأسد ولا يعتزم الاتصال به بعد الآن. وقال أردوغان موجها حديثه للأسد: “تصف شعبك بالإرهابيين وتقول إنك تحارب إرهابيين مسلحين”، متسائلا: “كيف تقول إنك تقتل إرهابيين عندما كنت تقصف اللاذقية من البحر وتصيب أهدافا مدنية؟”.
وقال الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف خلال مقابلة مع قناة “يورونيوز”: “أعتقد أنه اذا قررنا توجيه رسالة قاسية الى سوريا، سيتعين علينا ان نقوم بالامر نفسه حيال المعارضة. ان الذين يرددون شعارات مناهضة للحكومة هم أناس متنوعون. ان البعض منهم، هم بوضوح، متطرفون. حتى ان بالإمكان وصف آخرين بأنهم إرهابيون”.
وأكد الرئيس الروسي “صحيح، نعترف بأن مشاكل تحصل في سوريا. اننا نعي الاستخدام غير المتكافئ للقوة، وندرك العدد الكبير من الضحايا، وهذا امر نشجبه”. وأضاف ميدفيديف “اننا على استعداد لدعم مختلف التوجهات، لكن ينبغي الا تكون قائمة على إدانة أحادية لأعمال الحكومة والرئيس بشار الاسد. ان مصلحة روسيا من اجل مثل هذا الحل تكمن ايضا في ان سوريا بلد صديق نقيم معه علاقات اقتصادية وسياسية جمة”.
أما على المستوى العربي، فقد طلبت سوريا من الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي تأجيل زيارته التي كانت مقررة لدمشق الاربعاء الماضي “لاسباب موضوعية” على ان يتم تحديد موعد لاحق لها (السبت).
وجاء في خبر بثته وكالة الانباء السورية “طلبت سوريا من الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي تأجيل زيارته لدمشق لاسباب موضوعية ابلغ بها وسوف يتم تحديد موعد لاحق للزيارة”
وكانت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة اكدت مساء الثلاثاء الماضي لـ”فرانس برس” أنه “تم تأجيل الزيارة الى اجل غير مسمى بناء على طلب سوريا على ان يتم تحديد موعد جديد لاحقا”.
وكان المجلس الوزاري للجامعة العربية كلف العربي نهاية الشهر الماضي بزيارة دمشق لكي يعرض على الرئيس الاسد مبادرة عربية لتسوية الازمة في سوريا، قالت مصادر اعلامية انها بمثابة “اعلان مبادئ” يؤكد التزام السلطات السورية بالانتقال الى نظام حكم تعددي والتعجيل بالاصلاحات. لكن الرفض السوري للزيارة جاء ليؤكد رفض دمشق لأي تدخل أجنبي.
وقبل تاجيل الزيارة التي انتظر اسبوعا للحصول على الموافقة عليها، قال نبيل العربي للصحافيين الثلاثاء الماضي انه كان سينقل “رسالة واضحة للنظام السوري حول الموقف تجاه ما يحدث في سوريا وضرورة وقف العنف واجراء اصلاحات فورية”.
“الحماية الدولية”
وفي سياق الاحتجاجات المستمرة في مناطق متفرقة من البلاد ناشدت ما تسمى بـ”الهيئة العامة للثورة السورية” المجتمع الدولي إرسال مراقبين في مجال حقوق الإنسان للمساعدة في وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين في سوريا. وقالت الهيئة إن زيادة عدد القتلى بين المتظاهرين في الآونة الاخيرة ومنذ بدء الاحتجاجات قبل قرابة ستة أشهر أقنعت العديد من السوريين بالحاجة الى طلب مساعدة من الخارج. وقال المتحدث باسم الهيئة أحمد الخطيب إن الدعوة لتدخل خارجي قضية حساسة قد يستخدمها النظام لاتهام معارضيه بالخيانة. وأضاف أن المعارضين السوريين يطالبون بإرسال مراقبين دوليين كخطوة أولى. وأوضح أنه إذا رفض النظام فإنه سيفتح الباب أمام تحركات أخرى مثل فرض منطقة حظر طيران أو حظر استخدام الدبابات.
يأتي ذلك فيما دعا ناشطون الى التظاهر اليوم تحت تسمية “جمعة الحماية الدولية”. وطالب الناشطون على صفحة “الثورة السورية” على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بحماية دولية ونشروا على صورة الدعوة “اين المجتمع الدولي مما يحصل؟”. وأضافوا “نطالب بدخول مراقبين دوليين، نطالب بدخول وسائل الاعلام، نطالب بحماية المدنيين”.
للمرة الأولى منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في سوريا قبل حوالى ستة أشهر، زار وفد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر محتجزين في سجن دمشق المركزي ، فيما كان رئيس اللجنة جاكوب كلينبرغر يلتقي الرئيس السوري بشار الأسد الذي رحب بعمل اللجنة “ما دامت مستقلة وتعمل بموضوعية بعيدا عن التسييس”.
“المؤامرة لن تضعف سوريا”
وفي وقت تشتد فيه العملة الأمنية في محافظة حمص حيث أكد المعارضون سقوط عشرات القتلى خلال الأسبوع الماضي، قال وزير الدفاع السوري العماد داود راجحة خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية إن “أصحاب المشاريع المشبوهة والمخططات المعادية ماضون في سياساتهم الاستعمارية الرامية إلى تفتيت دول المنطقة وشرذمة شعوبها بهدف نهب ثرواتها والسيطرة على مقدراتها عبر تعميم الفوضى وعدم الاستقرار وباستخدام شعارات براقة تدعو لحرية كاذبة وديموقراطية مزعومة مستخدمين في سبيل ذلك أساليب وأدوات رخيصة تسهل عليهم تنفيذ مآربهم الدنيئة”، لافتاً إلى أن “استهداف سوريا في هذا الإطار يأتي كونها ممثلة للنهج القومي العروبي المقاوم الذي يقف في وجه أطماعهم ومشاريعهم في المنطقة”.
وأضاف راجحة أن “صمود سوريا لا تكسره مؤامرة ولا تضعفه ضغوط وذلك بسبب تماسك الشعب السوري وتلاحمه مع قيادته ووعيه لما يحاك ضد وطنه وأمته من مؤامرات مشيراً إلى أن الحملة المسعورة التي يقودها أعداء الأمة تعكس بشكل واضح فشلهم وتخبطهم جراء عجزهم عن تحقيق ما يرمون إليه وخاصة استخدامهم أساليب التضليل الرخيصة عبر فبركة الوقائع والأحداث الكاذبة التي تقوم بها فضائيات التحريض وتحريك مجموعات إرهابية إجرامية وظيفتها ترويع السكان الآمنين وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وقتل الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن والجيش”.
Leave a Reply