القاهرة – أيام قليلة تفصل المصريين عن الذكرى الثانية لاندلاع «ثورة ٢٥ يناير» التي أدت الى وصول التيار الإسلامي الى الحكم وسط أزمة إقتصادية خانقة مفتوحة على مزيد من التدهور، فيما تستعد المعارضة التي تضم تحالفاً واسعاً من الليبراليين والعلمانيين والمسيحيين لتنظيم احتجاجات ضخمة في الذكرى الثانية للثورة.
مرسي خلال استقبال السناتور ماكين |
ورغم تمكن الرئيس محمد مرسي، من بسط نفوذ «الإخوان المسلمين» على العديد من مفاصل الدولة وإقرار دستور كتبه «الإسلاميون» حصراً، إلا أن المعارضة المتزايدة لحكمه آخذة في التعاظم مع فشل الحكومة الإسلامية في معالجة الكثير من الأزمات الداخلية المتلاحقة.
وتأتي الذكرى الثانية للثورة وقد قضت محكمة النقض المصرية الأحد الماضي بإعادة محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك بعدما قبلت الطعن على الحكم بسجنه مدى الحياة لتفتح جرحاً قديماً في عملية التحول المؤلمة من عقود من الحكم المستبد، والذي يخشى الشارع المدني المصري من تحوله الى حكم ديني استبدادي (حكم المرشد). في وقت يتزايد فيه استهداف المحتجين من جماعة الاخوان المسلمين باعتداءات وهجمات مباغتة من قبل اشخاص «ملثمين مجهولين»، يطلق عليهم المصريون أسماء متعددة مثل «الأشباح»، «الفرقة 95» أو التنظيم الخاص.
ويؤكد مراقبون وسياسيون على أن الفرقة 95 متورطة في الكثير من عمليات القنص والاغتيالات وفتح السجون التي بدأت منذ اندلاع الثورة على حكم مبارك (٨٤ عاماً).
ويمثل هذا «النظام الخاص» جناحا عسكريا ضخما يضطلع بمهام أمنية واستخبارية على الصعيد الداخلي في مصر وفي الخارج ايضاً. ولا يستبعد ان تكون «الفرقة 95» (أنشئت عام 1995 مع بداية الضربات الأمنية تجاه الجماعة) هي التي اقتحمت الخيام في أحداث «الاتحادية» فقد ظهر عناصرها بطريقة منظمة وبهتاف مشابه ومن الواضح ان تلك الفرقة مدربة تدريباً عسكرياً.
ولا تزال مصر في حالة من عدم الاستقرار بينما تستعد لإجراء انتخابات تشريعية خلال الشهور المقبلة مع تزايد القلق بشأن الاقتصاد بعد احتجاجات واسعة اواخر العام الماضي دفعت كثيرا من المصريين للاقبال على شراء العملات الصعبة وسحب مدخراتهم من البنوك وسط انخفاض قياسي في سعر الجنيه.
تناقضات مرسي
وعشية ذكرى الثورة، ازدادت تحديات مرسي والإخوان تحدياً جديداً، ولكن هذه المرة مع الأميركيين، فقد أدانت الولايات المتحدة، تصريحات وصفت بأنها «معادية للسامية»، أطلقها الرئيس المصري في العام 2010 قبل انتخابه رئيساً للبلاد، ودعته الى التراجع عنها.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن اللغة التي استخدمها مرسي «مهينة بشدة»، وإن المسؤولين الأميركيين عبروا للحكومة المصرية عن القلق في هذا الشأن.
وأدلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند بتصريحات مشابهة، إذ قالت إن «اللغة التي سمعناها مسيئة للغاية… ونعتقد أنه يجب ان يتم التراجع عن هذه التصريحات وبشكل حازم».
وكان كارني ونولاند يتحدثان عن خطبة ألقاها مرسي قبل ثلاث سنوات، حث فيها المصريين على تربية أولادهم وأحفادهم على كراهية «اليهود والصهاينة»، وعن مقابلة تلفزيونية في الفترة ذاتها، وصف فيها مرسي الصهاينة بأنهم «مصاصو دماء هاجموا الفلسطينيين» و«مثيرو حروب» و«أحفاد القردة والخنازير»، قبل أن يلتزم إثر توليه الحكم اتفاقية السلام مع الكيان الإسرائيلي.
وجاء رد مرسي خجولاً بإعلانه أن تصريحاته حول «الصهيونية» اخذت مجتزئة من سياق تعليقه على الهجوم الاسرائيلي على غزة في 2010، حسبما نقل بيان لرئاسة الجمهورية عنه. ورغم وضوحها، أكد مرسي ان التصريحات المنسوبة اليه «أذيعت مجتزئة من سياق تعليقه على العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين فى قطاع غزة، وشدد على ضرورة وضع التصريحات في السياق الذى قيلت فيه». كما جاء في بيان الرئاسة الذي صدر عقب لقاء الرئيس المصري مع وفد من الكونغرس الاميركي برئاسة السناتور الجمهوري جون ماكين.
كارثة قطار البدرشين
وفي سياق الأزمات الداخلية سقط 19 قتيلا وما يزيد على 117 مصابا في حادث انحراف قطار عن مساره، واصطدامه بقطار آخر لنقل البضائع في منطقة البدرشين.
القتلى والجرحى هم من قوات الأمن المركزي (دفعة مواليد العامين 1992-1993)، وكانوا في طريقهم من أسيوط الى القاهرة، حيث كان من المقرر نقلهم إلى معسكر مبارك للأمن المركزي عبر حافلات تم تخصيصها وكانت بانتظارهم في محطة الجيزة.
لم تكن الفاجعة في الحادث بقدر ما كانت في تعامل المسؤولين معه، بدءا من رئاسة الجمهورية، مروراً بحكومة هشام قنديل، وانتهاءً بالمجالس المحلية التابعة لمحافظة الجيزة التي وقعت على أرضها المأساة .
أهالي المنطقة ظلوا يستغيثون بالمسؤولين لمدة تزيد على الساعتين، نظرا لعدم وجود رافعات تقوم بإزالة آثار حطام القطارين، بعدما علق عدد كبير من المصابين أسفلهما.
مرسي، من جهته، اكتفى بزيارة خاطفة قام بها وسط حراسة أمنية مشددة إلى مستشفى المعادي للقوات المسلحة في المعادي الذي نقل إليه عدد من المصابين ذوي الحالات الحرجة، في حين منعت قوات الحرس الجمهوري الأهالي من دخول المستشفى لزيارة ذويهم إلى أن أنهى مرسي زيارته التي استغرقت نحو الساعة، وغادر بعدها المستشفى على متن مروحية، وسط هتافات ذوي الضحايا برحيله.
Leave a Reply