صدرت للشاعر العراقي، المقيم في مدينة ديربورن، محمد الجوادي مجموعة شعرية لدى “دار الغاوون” في بيروت، حملت عنوان “المعجزات نسبية”.
وبأسلوب نثري، عالي النبر، يكتب الجوادي نصوصاً تكشف عن ذات طحنتها رحى الحروب والذكريات التي لا يستطيع الشاعر الانفكاك عنها، أو التحرر منها. نصوصاً هي أقرب إلى كونها محطات لتنفيس القهر والتطهر الذاتي، إذ أن اللهجة الشعرية حادة ونهائية وصارمة، ولا تميل إلى التشكيل والتأمل الشعريين اللذين قد توفرهما قصيدة النثر. والأقوال الشعرية في هذه المجموعة هي عبارة عن رسائل شخصية شديدة الوضوح والسخط، تعكس مواقف صارمة من المفاهيم والأحداث والذكريات. والطريف ها هنا أن “الشعر” يبدو في بعض المواقع وكأنه انفلاتات لاشعورية، أو كأنه انكتب بالرغم عن الجوادي، في شبه تأكيد على سطوة التجربة التي عاشها الشاعر ومرارتها. فالجوادي الذي يقول في إحدى نصوصه “قصائدي الملوثة بالحرب، تستعيد كل يوم عافيتها” يعود إلى تقليد صوته الأصلي بالصراخ والعويل، ربما لكي يستطيع التغلب على أزيز الرصاص وأصوات الطلقات، هو الذي يقول في القصيدة التي حملت المجموعة اسمها “المعجزات نسبية”: “ومازال صوت البنادق وجهة الزقاق الأخيرة”. هذا صوت عراقي مملوء بالندوب والجروح والقروح والكسور، أولويته التعبير عن الألم، إذن وداعا للأحزان العراقية الشفيفة!.
ورغم أن الكلمات هي وسيلة الشاعر الوحيدة في التعبير (في المستوى الإنشائي على الأقل، إذ أن الشاعر، كالآخرين، لا يستغني عن الوسائل الأخرى المتاحة) إلا أن الكلمات نفسها قد تصبح فضيحة الشاعر ومحنته. والجوادي الذي يقول “فضحتني البلاد بحرائقها” يبحث عن معجزة لإعلان نبوءته، وهو بانتظار أية معجزة مهما كان شكلها “لأنه لا معنى لأن أكون نبياً بلا معجزة”. ولا معجزات تلبي الجوادي لأن كل “كوة تلمع أبصرها، إذ هي فوهة تطل على الحروب والموتى”.
الجوادي وحسب اعترافه (الشعري) “نبي يخشى من طرقة باب”. ولعل هذا الأمر طبيعي لشخص قادم من منطقة يحدث فيها أن “تستحم شوارع البلاد بالدم/ هذه هي العلامة الفارقة”.
Leave a Reply