في إحدى مقالاته بجريدة «صدى الوطن»، أطلق الكاتب خليل رمّال على السيدة بهية الحريري إسم إنديرا غاندي.. ولا ندري إن كان يقصد من ذلك السخرية أو التوقير!!.
ففي عتمة الجو السياسي الذي يكثر فيه حملة القناديل المنطفئة من جماعة البولوتيكا والبلاوي التي كلما أشعلوا ناراً للفتنة أطفأها من لايزال يملك إضاءات سلامة الوجدان، والأخلاق الكريمة، والوفاء والإخلاص، والإتزان. إضاءات تبشر بأن لبنان لا يزال يحتفظ هنا أو هناك، بمصادر للنور والكرامة ستجعله يسلك طريق الخلاص يوماً ما، فلا يكون، في نهاية الحساب، بلد المصالح الشخصية الرخيصة التي تُصاغ وتشكّل من نفايات القيم الأخلاقية والفكرية والوطنية والإنسانية.
من المعروف والمؤكد، إن إنديرا غاندي، هي إبنة جواهر لال نهرو، وأول رئيسة لبلد العمالقة بقامة غاندي. وكانت كبيرة بشعبها ولشعبها، وظلت وفية لمبدأ القضاء على الإمتيازات الخاصة وإعلاء قيمة الإنتماء للمواطنة فوق الإنتماء الطائفي إلى أن سقطت صريعة رصاصات غادرة من بعض حراسها الشخصيين.
أما السيدة بهية الحريري، وحسب العم «غوغل»، وحسب ما نعرفه ونعاصره، أنها إبنة إحدى العائلات الصيداوية البسيطة، التي سطع نجمها ولمع عندما بزغ نجم أخيها المرحوم الشهيد رفيق الحريري. ومن المعروف أن المرأة في العالم العربي تخلط بين موقعها العائلي وموقعها الوطني، وكونها أخت الرئيس فيعني أنه بات لها -حسب الظن- موقع رسمي أو وطني. لكن اللبنانيين عندما انتخبوا الرئيس الحريري، رئيساً لوزراء لبنان، لم ينتخبوا معه أهله وبنيه وأخته وأخاه وعشيرته.. وفوق البيعة «البونص» فؤاد السنيورة.
بهية الحريري، توصلت بقدرة قادر لتصبح وزيرة التربية والتعليم، وهي لا تحمل سوى شهادة معلمة -ربما غير رسمية- فقط لأنها أخت رفيق الحريري. والحمد لله في فترة استيزارها زادت نسبة الأمية بين طلاب المدارس اللبنانية خدمة للوطن وزيادة في العواطلية المتكلين على منح المعلمة لهم وتنفيذ أوامرها وحراسة قلعتها في مجدليون، حيث تعساء الخلق، كما يصورهم تلفزيون «المستقبل المجهول»، يتوافدون إليها لقضاء مصالحهم في حياتهم البائسة، إحياء للعهد الإقطاعي العثماني.
وقبالة مجدليون، للذين لا يعرفون المنطقة في صيدا. تقع بلدة عبرا، حيث نما وتكاثر، ببركة «المعلمة» بهية، النموذج السيء للبطانة السيئة، الشيخ أحمد الأسير، سيء الذكر، الذي همدر وزمجر ونبح طوال الليل والنهار ليُعلم الناس أنه موجود.. وبهلوانيات الأسير لا تخفى على أحد فهو مثل «دلوع أمو» الذي «يشفّط» بسيارته الجديدة في الأحياء السكنية كعلامة على بطره وسوء خلقه ووضاعة أصله وزيفه، فلا يجد أمامه أفضل من الكلام والقرقعة والفرقعة ليملأ الدنيا ضجيجاً.
إنحسر أحمد الأسير وعصابته التكفيرية، وإنزاح هم ثقيل عن أهالي مدينة صيدا الشرفاء، لكن جبل النفايات لا يزال قابعاً على شاطئ صيدا، ويبدو أنه بعيد عن بصر المعلمة بهية الحريري، التي حصدت الريح برهانها على الحصان الحرون، أحمد الأسير. فلو إستثمرت الأموال الطائلة لخلق وظائف لأهالي مدينتها، وتنظيف وتجميل شوارعها وإرجاع صيدا الى بهائها القديم الذي شوهه السنيورة ومن وراءه آل الحريري، ربما كانت كسبت محبة الصيداويين كلهم ودعموها لتكون أول معلمة تصل لرئاسة وزراء دولة لبنان الكبير، حيث يكرّم الزعران فيه الشرفاء.
مشكلة المعلمة بهية الحريري أنها كانت زعيمة وعمة أكثر مما يجب أو أقل مما ينبغي وكلاهما واحد، ويا حبذا لو أدركت بحدس «المْعَلِّمة» -على الطريقة المصرية- أن المغامرة بشد الحبال سيئة العواقب، وأن حبها لإبن أخيها يكون بردعه عن الخطأ لا برفع الحواجز من أمامه وورائه والسماح للوحوش بكسر المباح والهياج ضد الوطن.
أخيراً.. السيدة بهية الحريري قادها الحظ وشقيقها المرحوم الشهيد الحريري للزعامة والفخامة. أما السيدة إنديرا غاندي، فكانت كبيرة بشعبها ولشعبها. لم تتكبر عليهم ولم تسع لتحريض طائفة على أخرى. نسأل الله تعالى أن يقيّض للبنان رجالاً مثل إنديرا.
Leave a Reply