القدس المحتلة – منذ انطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يخرج حديث الطرفين عن التلويح بتوقفها وذلك أمام العثرة الأولى وهي الاستيطان، وبات أكثر المتفائلين بسير المفاوضات يوقنون أن دفعها الى الأمام يحتاج الى معجزة خاصة مع التعنت الإسرائيلي وضعف السلطة الفلسطينية، ويخشى هؤلاء انفجار عملية التفاوض مع انتهاء الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم حيث يفقد الرئيس الأميركي باراك أوباما دافعاً أساسياً للضغط في مسارها.
الفلسطينيون أصبحوا يعرفون ضعفهم على طاولة المفاوضات حيث يفتقدون الى أوراق ضغط خاصة مع تخلي السلطة عن ورقة المقاومة ومحاربتها، فلم يعد بجعبة هذه السلطة ما تلوح به، ما دفع برئيس السلطة محمود عباس إلى التلميح بإمكانية الاستقالة من منصبه في حال فشلت مفاوضات السلام مع إسرائيل، وذلك خلال لقاء في عمان الخميس الماضي مع أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، كما نقل عنه المشاركون.
وقال خالد مسمار المستشار الاعلامي في المجلس الوطني والذي شارك في الاجتماع إن عباس “سيضع النقاط على الحروف وقد ألمح في اجتماعه مع اعضاء المجلس الوطني الى امور جديدة وهامة سيطرحها”.
واكد انه “من ضمن ما المح اليه الرئيس هو تقديم استقالته”، فقد قال امام اعضاء المجلس ان “هذا الكرسي ربما اجلس عليه لاسبوع واحد فقط”. وكانت قيادتا منظمة التحرير الفلسطينية وحركة “فتح” جددتا بداية الاسبوع الماضي التأكيد على الموقف الفلسطيني القاضي بـ”عدم استمرار المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان”.
ويريد الرئيس الفلسطيني ان يكون قرار المضي في المفاوضات مع اسرائيل او وقفها مدعوما من الدول العربية ايضا وليس صادرا عن القيادة الفلسطينية وحدها. وقد استؤنفت اعمال البناء في الضفة الغربية بعد 26 ايلول (سبتمبر) عند انتهاء قرار تجميد الاستيطان جزئيا الذي كانت اعلنته الحكومة الاسرائيلية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لمدة عشرة اشهر.
وتلقي مسالة الاستيطان بثقلها على المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين التي استؤنفت في مطلع ايلول (سبتمبر) في واشنطن. لكن الضغوط الاميركية من اجل مواصلة المفاوضات لا تزال مستمرة كما افادت مصادر في منظمة التحرير الفلسطينية.
وتتمسك القيادة الفلسطينية بموقفها القاضي بعدم العودة الى المفاوضات بدون وقف شامل للاستيطان وليس جزئيا. وكان الرئيس الفلسطيني قد أبلغ المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل بانه “في حال تم بناء منزل واحد سنوقف المفاوضات فورا”.
ودعت واشنطن الاربعاء الماضي الجامعة العربية الى ان تستمر في دعم المفاوضات المباشرة. وقال فيليب كرولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية “نريد ان تستمر الجامعة العربية في دعم المفاوضات المباشرة … وسيكون من السابق لاوانه في هذه المرحلة عدم دعم المفاوضات”.
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في تصريحات له امام مجلس الوزراء ان الحكومة الاسرائيلية في خضم اتصالات مع الادارة الاميركية لتجنب الانهيار التام للمفاوضات المباشرة.
اقتراح أوباما
في هذه الأثناء، يستمر الجدل داخل إسرائيل حول الاقتراح الأميركي بتقديم ضمانات أمنية وسياسية واسعة لإسرائيل في مقابل تجميد الاستيطان لمدة شهرين. وفي هذا الإطار، قال نتنياهو للصحافيين، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، “إننا نخوض عملية مفاوضات دقيقة مع الإدارة الأميركية لإتاحة استمرار المفاوضات”. وأضاف “سنفكر بهدوء في الوضع وحقيقته المعقدة بعيداً عن الأضواء. وأقترح أن يتحلى الجميع بالصبر، ويتصرف بمسؤولية وبهدوء، وقبل كل شيء برصانة”.
وفيما لم يوضح نتنياهو مضمون هذه المفاوضات باعتبار أنّ الوقت الراهن “ليس مناسباً لإصدار بيانات”، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية أشارت إلى “عروض أميركية مغرية” في مقابل تمديد التجميد الجزئي للاستيطان لمدة شهرين، بينها ضمانات أمنية وسياسية واسعة النطاق. وقال وزير البيئة جلعاد أردان القريب من نتنياهو إن “رئيس الوزراء أعلن بوضوح عدم وجود أي قرار حتى الآن، وإذا ما تعين اتخاذ هذا القرار فإنه سيتم إطلاع الوزراء عليه”.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر سياسية في القدس المحتلة قولها إن رئيس نتنياهو يطالب اوباما بان يعلن مجددا التزامه بالضمانات التي اعطاها سلفه جورج بوش لرئيس الوزراء الاسبق ارئيل شارون. وقد وردت هذه الضمانات في الرسالة التي نقلها بوش إلى شارون في الرابع عشر من شهر نيسان (أبريل) عام 2004 حيث تعهد بان تدعم واشنطن فكرة ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى اسرائيل في اطار أي تسوية لترسيم حدود الدولة الفلسطينية. كما اكد بوش في رسالته أن الولايات المتحدة ترفض عودة لاجئين فلسطينيين إلى داخل حدود دولة اسرائيل. واضافت المصادر السياسية أن موقف نتنياهو يلاقي آذانا صاغية لدى كبار المسؤولين في الادارة الاميركية غير ان واشنطن تقول انها مضطرة ايضا الى منح الجانب الفلسطيني رسالة ضمانات.
وكشف استطلاع نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنّ نصف وزراء الحكومة الإسرائيلية يعارضون تجميداً جديداً للاستيطان. ووفقاً للاستطلاع فإنّ 15 من الوزراء الثلاثين في الحكومة الائتلافية يعارضون أي تجميد جديد للبناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، في مقابل سبعة يؤيدون هذا التجميد، فيما أبدى سبعة وزراء تردداً. وعلاوة على ذلك يعارض ثمانية من أعضاء الحكومة الأمنية الـ 15 أي تجميد جديد.
بالرغم من ذلك، اعتبر المحرر الشهير في “يديعوت” ناحوم بارنيع أن نتنياهو سينتهي به الأمر إلى الاستجابة للمطالب الأميركية، كما سبق أن فعل في الماضي، معتبراً أنّ “هذا الخضوع سيكون حماقة، إلا أن عدم الخضوع سيكون حماقة أكبر”.
وبحسب استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة “هآرتس”، فإن غالبية 54 بالمئة من الإسرائيليين تعارض تمديد تجميد الاستيطان، في مقابل أقلية 39 بالمئة تؤيد.
أما على الجانب الفلسطيني، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه “المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية” أن 66 بالمئة من الفلسطينيين يعتقدون أن على السلطة الفلسطينية الانسحاب من المفاوضات المباشرة الآن بعد عودة البناء الاستيطاني، فيما اعتبرت نسبة 30 بالمئة أنه ينبغي عدم الانسحاب من المفاوضات.
“كتائب القسام” تهدد بملاحقة رموز السلطة الفلسطينية
غزة – هددت أذرع عسكرية مسلحة في غزة بأن “صمتها لن يطول” على ممارسات الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، متوعدة بملاحقة رموز حركة “فتح” في كل أماكن تواجدها إذا فشلت جهود المصالحة في إنهاء قضية ملاحقة المقاومين واعتقالهم ومحاكمتهم .
وقال المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة “حماس” أبو عبيدة في مؤتمر صحافي بمشاركة 12 ذراعاً عسكرية في غزة، “آثرنا طوال الفترة الماضية أن نعطي جهود المصالحة كل الوقت اللازم”. وأضاف “إنّ تمادي هذه الأجهزة في عدوانها سيضطرنا لنضع حداً لهذا الصمت، وإذا لم تكن جهود المصالحة كفيلة بإنهاء قضية ملاحقة المجاهدين ومحاكمتهم واعتقالهم، فلا ينبغي لأحد أن يلومنا إذا ما لاحقنا رموز سلطة “فتح” في كل أماكن تواجدها معاملةً بالمثل” . واعتبر أن “ما يجري في الضفة المحتلة من هجمة شرسة متواصلة ضد المقاومة وأنصارها وكل ما يتعلق بها قد دخل منحنى خطيراً”.
وشارك في المؤتمر إلى جانب كتائب القسام، ألوية الناصر صلاح الدين، كتائب الناصر صلاح الدين، كتائب المجاهدين، كتائب الأنصار، كتائب شهداء الأقصى (وحدات نبيل مسعود)، كتائب سيف الإسلام، كتائب حماة الأقصى، كتائب جهاد جبريل، كتائب قوات الصاعقة، كتائب نسور فلسطين، وكتائب وحدة الصاعقة الوطنية.
Leave a Reply