خلال الأسابيع الأخيرة، شقت فلسطين طريقها إلى قلب سباق حاكمية ميشيغن، حين أعلنت المرشحة الديمقراطية غريتشن ويتمر عن تأييدها للحق في مقاطعة إسرائيل، ما دفع منافسها الجمهوري بيل شوتي وحلفاءَه إلى مهاجمتها بشراسة، مما جعلها تتراجع عن موقفها السابق وتعرب عن تأييدها المطلق للدولة العبرية ولقانون مكافحة «حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس)، الذي وقعه الحاكم ريك سنايدر في كانون الأول (ديسمبر) 2016.
ويطال ذلك القانون بشكل مباشر، الأشخاص الذين ينخرطون في أنشطة حركة «بي دي أس» التي انطلقت في 2005 كثمرة جهود تهدف إلى تشجيع الأفراد والمنظمات والدول على مقاطعة إسرائيل بسبب احتلالها لفلسطين، وعدوانها المستمر على الفلسطينيين وانتزاع حقوقهم وممتلكاتهم.
«بي دي سي» التي يقودها الفلسطينيون، استوحيت أصلاً من الحركة النضالية في جنوب إفريقيا التي ساهمت بإنهاء الفصل العنصري. وكما كان الحال في جنوب إفريقيا، فإن هدف حركة المقاطعة هو الضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي.
ازدهرت «بي دي أس» وتحولت إلى حركة عالمية نابضة بالحياة، تستقطب نقابات واتحادات ومؤسسات أكاديمية ومنظمات شعبية، بالإضافة إلى كنائس وشخصيات عامة ومؤثرة، حتى أصبحت مصدر أرق لدولة الاحتلال.
قانون ولاية ميشيغن الحالي ينص على أنه «لا يجوز لأية وكالة حكومية إبرام عقود مع أي شخص للحصول على لوازم أو خدمات أو تكنولوجيا المعلومات، مالم يتضمن العقد إقراراً بأن الشخص لا يشارك حالياً، وتعهده بأنه لن يشارك في المستقبل، في مقاطعة أي شخص يقيم أو يقوم بعمل تجاري مع شريك استراتيجي». وإذن، فإن ولاية ميشيغن صنّفت إسرائيل كـ«شريك استراتيجي»!
اللغة مربكة بعض الشيء، ولكن القانون يستمر في تعريف «الشخص» على أنه فرد أو شركة أو كيان حكومي، إضافة إلى تعريف «الشريك الاستراتيجي» على أنه.. إسرائيل.
في الواقع، فإن ميشيغن لا يجوز لها أن تبرم عقوداً مع أي شخص أو شركة تقاطع إسرائيل، بمن فيهم أنصار حركة الـ«بي دي أس». وعلى سبيل المثال، قد تُمنع شركة هندسية يشارك مالكوها أو موظفوها في حركة المقاطعة من الحصول على عقد للمساهمة في بناء جسر في الولاية. وهذا يعني أيضاً، أن متحدثاً عاماً منخرطاً في الـ«بي دي أس» قد يُمنع من الحصول على مال لقاء محاضرة في جامعة أو مدرسة عامة.
إن حق المقاطعة متجذر في التاريخ الأميركي، ودستور الولايات المتحدة يحمي بشكل واضح حق كل أميركي في مقاطعة أي شيء يرغب به. وقد كرست المحكمة الدستورية العليا هذا المبدأ، عام 1982، في القضية التي اختصمت فيها «الجمعية الوطنية لتقدم الملونين» (أن أي أي سي بي) وشركة «كليبورن هاردوير»، حين حكمت بـ8 أصوات مقابل 0 بأن النشاط السياسي السلمي لا يمكن منعه أو معاقبته من قبل الحكومة.
وبنفس السيناريو، نظّم المواطنون السود في ولاية مسيسيبي حركة مقاطعة ضد الشركات المملوكة من قبل البيض احتجاجاً على المظالم العنصرية، وقد صرّحت المحكمة الدستورية العليا حينها بأن المقاطعة السلمية تقع ضمن «أعلى درجات التسلسل الهرمي لقيم التعديل الأول» (حرية التعبير)، وذلك بإجماع قضاتها التسعة.
أن تكون أميركياً، يعني أن لك الحق في المقاطعة، ولهذا يجب على جميع السياسيين ألا يدعموا القوانين التي تعاقب الأميركيين على الاحتجاج السلمي عبر المقاطعة، لأنها حق مكفول بموجب التعديل الأول من الدستور الأميركي.
كذلك، إن حق المقاطعة، هو جزء من العقيدة الأميركية في معركة الدفاع عن حرية التعبير المكفولة للجميع، حتى وإن كانت تك الآراء خسيسة وعنصرية. إن هؤلاء الذين يؤيدون الـ«بي دي أس» يحثون على تحقيق العدالة للفلسطينيين وتطبيق القانون الدولي ضد إسرائيل، وبالتالي فإن هؤلاء ينبغي بالتأكيد حماية حقوقهم كذلك.
صحيح أن غريتشن ويتمر قد التقت مع الجالية العربية الأميركية وتواصلت معها بشكل متكرر، أكثر بكثير من منافسها بيل شوتي الذي يواصل بث رسائل الحب لإسرائيل، في الوقت الذي يتجاهل فيه القضايا الملحة للميشيغندريين وحقوقهم الدستورية.
إنه لمن الواضح أن قانون ميشيغن لمكافحة حركة المقاطعة هو قانون غير دستوري، وغير أميركي بشكل فاضح، وما كان على سنايدر أن يوقعه، كما لا ينبغي على أي مرشح لمنصب الحاكمية أن يعرب عن دعمه له، بأي شكل من الأشكال!
Leave a Reply