الرئيس يشن هجوماً مضاداً على الديمقراطيين الساعين لعزله
واشنطن
شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً عنيفاً على التحقيق الذي أطلقه الديمقراطيون في مجلس النواب بهدف عزله، معتبراً إياه «انقلاباً» على إرادة الشعب الأميركي، كما طالب بإقالة رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف متهماً إياه بالتزوير والخيانة.
وقال ترامب في تغريدته إن «النائب شيف اختلق كلاما خطيراً ونسبه لي زوراً في مكالمتي مع الرئيس الأوكراني، وقرأه في الكونغرس على مسامع النواب والشعب الأميركي». وأضاف: «لا علاقة لي بذلك الكلام مطلقاً. أوقفوه بتهمة الخيانة العظمى»، مؤكداً أن مكالمته الحقيقية مع الرئيس الأوكراني لم تشبها شائبة.
وأضاف ترامب في تغريدة أخرى: «لقد توصّلت إلى استنتاج مفاده أنّ ما يحدث ليس عزلاً بل هو انقلاب هدفه الاستيلاء على سلطة الناس وتصويتهم وحرياتهم».
واعتبر أن ما يحدث هو انقلاب آخر للديمقراطيين، كما في انقلابهم «على التعديل الثاني (حق حمل السلاح) وعلى والجيش والجدار الحدودي وعلى حقوق الأميركيين التي وهبها إياهم الله كمواطنين للولايات المتحدة».
وفيما تعهّد الديمقراطيّون بالتحرّك بسرعة في قضيّة عزل ترامب، معتبرين أنّ الأدلّة واضحة على إساءته استخدام السُلطة، قال الرئيس الأميركي عبر فيديو صوره في البيت الأبيض: «الديمقراطيّون يريدون أخذ أسلحتكم، ويريدون أخذ تغطيتكم الصحّية، ويريدون أخذ أصواتكم، ويريدون أخذ حرّيتكم».
وأضاف «لن ندع ذلك يحدث أبداً، لأنّ (مصير) بلدنا على المحكّ بشكل لم يسبق له مثيل. الأمر بمنتهى البساطة، هم يحاولون إيقافي لأنّني أكافح من أجلكم. ولن أدع ذلك يحدث أبداً».
وفي تغريدات أخرى، كرّر ترامب القول إنّ التّحقيق الهادف إلى عزله هو عبارة عن «حملة مطاردة» سياسيّة. معتبراً أنّ النائب شيف تعمد تشويه سمعته، قائلاً إنّ عليه أن يستقيل من الكونغرس.
وأثار ترامب انتقادات الكثيرين عندما شارك عبر «تويتر»، تصريحات القس روبرت جيفرس لقناة «فوكس نيوز» يحذر فيها من مخاطر اندلاع «حرب أهلية» إذا تم عزل الرئيس ترامب.
وقال جيفرس، حسبما نقل ترامب: «إذا نجح الديمقراطيون في عزل الرئيس ترامب (وهو ما لن يفلحوا فيه) فإن ذلك سيؤدي إلى انقسام هذه الأمة مثلما كان في الحرب الأهلية».
وصرح ترامب بأن الديمقراطيين بالكونغرس يهدرون وقتهم ووقت الجميع في أمور لا طائل منها، ووصف مسرب المكالمة الهاتفية بـ«المزيف»، مطالباً بمقابلته وجهاً لوجه. وأضاف محذراً «هل كان هذا الشخص يتجسّس على رئيس الولايات المتحدة الأميركية؟ عواقب وخيمة!».
وكان عميل في الاستخبارات قد تقدم بشكوى بشأن مكالمة هاتفية جرت في 25 تموز (يوليو) الماضي، طلب فيها ترامب من نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، إعادة فتح تحقيق بشأن هانتر بايدن، نجل نائب الرئيس السابق جو بايدن، المنافس المحتمل لترامب خلال الانتخابات الرئاسية 2020.
ويرى مراقبون أن محاولات خصوم ترامب لن تنجح في هذه القضية لإزاحته عن المشهد السياسي، شأنها شأن محاولات سابقة، كالتحقيق في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016. فقرار عزل رئيس الولايات المتحدة يتوقف عند عتبة مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب.
استدعاء جولياني
من جانبهم، تحرك الديمقراطيون من مركز نفوذهم في السلطة التشريعية (مجلس النواب). حيث أرسلت ثلاث لجان نيابية نافذة، أمر استدعاء لرودي جولياني، محامي ترامب الشخصي، سعياً للحصول على وثائق ومستندات تتعلق بعمله في أوكرانيا نيابة عن ترامب.
وحسب تلك اللجان النيابية، فإن جولياني ضغط على الحكومة الأوكرانية لاستهداف نجل نائب الرئيس السابق جو بايدن للتأثير على حظوظه في سباق الرئاسة المقبل، إلا أن جولياني أكد عبر عدة إطلالات إعلامية أن القضية ستنقلب على الديمقراطيين وعلى الإدارة السابقة متهماً نجل بايدن بالانخراط بالفساد في أوكرانيا. وأوضح أنه تم تعيين هانتر بايدن في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، عضواً بمجلس إدارة شركة غاز أوكرانية على الرغم من افتقاده لأية مؤهلات في هذا المجال. ثم اتضح أن جو بايدن ضغط على الحكومة الأوكرانية لطرد المدعي العام الذي كان يحقق في شبهات فساد حول الشركة نفسها، وفقاً لجولياني، الذي أكد أن ترامب يسعى لإعادة النظر في القضية وسبب إغلاقها.
وأشارت اللجان النيابية التي يسيطر عليها الديمقراطيون إلى أن جولياني ملزم بتقديم الوثائق ذات الصلة بحلول 15 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري.
وفي إطار معارضة إدارة ترامب لإجراءات العزل، شكك وزير الخارجية مايك بومبيو في أن تكون صلاحيات اللجان النيابية الثلاث التي تجري التحقيق، وهي لجنة الشؤون الخارجية ولجنة شؤون المخابرات ولجنة المراقبة والإصلاحات، تخوّلها استدعاء دبلوماسيين للإدلاء بإفاداتهم.
وقال بومبيو إن المسؤولين الخمسة لن يستجيبوا لطلب المثول أما اللجان الأسبوع المقبل، مهدداً باللجوء إلى القضاء.
وأشار إلى أن استدعاء هؤلاء الدبلوماسيين «لا يمكن أن يفهم إلا على أنه محاولة ترهيب وإساءة إلى مهنيين متميزين في وزارة الخارجية».
وتابع قائلاً «لن أكون متسامحاً مع تكتيكات كهذه، وسأستخدم كل ما لدي من وسائل لمنع وفضح كل محاولة لترهيب المهنيين المتفانين الذين أفتخر بقيادتهم».
وكان بومبيو من بين الحاضرين لدى إجراء ترامب الاتصال الهاتفي مع نظيره الأوكراني. وقال خلال مؤتمر صحفي عقده في إطار زيارته للعاصمة الإيطالية، روما: «كنت حاضراً للمكالمة الهاتفية»، واصفاً سياسة الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا بأنها «متسقة بشكل ملحوظ» مع تركيزها على التعامل «التهديد الذي تمثله روسيا» وجهود «مساعدة الأوكرانيين على تخليص حكومتهم من الابتزاز والفساد».
فساد بايدن
من جانبه، قال ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفنلندي سولي نينيستو في البيت الأبيض الأربعاء الماضي، إن نجل بايدن متورط بالفساد لأقصى الحدود، مؤكداً عزمه على مواصلة التعاون مع أوكرانيا للوصول إلى حقيقة ما جرى.
وظهر خلال الأسبوع الماضي فيديو لبايدن، إبان توليه منصب نائب الرئيس، وهو يتحدث عن الضغوط التي مارسها على الأوكرانيين لطرد المدعي العام قائلاً إنه أمهلهم ست ساعات فقط لإقالته وإلا فإنهم لن يحصلوا على قرض ميسر بقيمة مليار دولار.
وأصبح دور هانتر بايدن في شركة «بورسيما» القابضة المحدودة، محور اهتمام بعد أن أصدر البيت الأبيض مذكرة تُظهر أن ترامب طلب من نظيره الأوكراني أن يعيد التحقيق في أمر أنشطة بايدن وهو ما وافق عليه زيلينسكي.
وكان بايدن الأب موكلاً بالملف الأوكراني في السنوات الأخيرة من عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
وفي حين نفى بايدن للصحفيين أية علاقة تربطه بأعمال ابنه في أوكرانيا، نشرت شبكة «فوكس» الإخبارية صورة له مع ابنه هانتر وهما يلعبان الغولف في نيويورك مع ديفون آرتشر، عضو مجلس إدارة شركة الغاز الطبيعي الأوكرانية «بورسيما».
من جانبه، تعهد بايدن بإلحاق هزيمة قاسية بالرئيس الجمهوري في انتخابات العام القادم. وقال «دعوني أوضح أمرا لترامب ورجاله المأجورين وأصحاب المصالح الخاصة الذين يمولون هجماته ضدي.. لن انسحب.. لن تدمروني، ولن تدمروا أسرتي».
واتهم بايدن، الرئيس بإساءة استخدام السلطة، وقال عن اتهامات ترامب له ولابنه هانتر «إنه أطلقها لأنه خائف، شأنه شأن أي متسلط ومتنمر في التاريخ… إنه خائف من الهزيمة القاسية التي سألحقها به».
شيف
في المقابل، حذر شيف، وزير الخارجية من محاولة التدخل لمنع الشهود من المثول أمام اللجنة، وأكد أن تلك المحاولات ستعتبر إعاقة لعمل الكونغرس ودليلاً على أن الادعاءات التي وردت في شكوى المخبر صحيحة.
كما قال رئيس لجنة الاستخبارات، إن الكونغرس مصمم على الاستماع إلى مكالمات ترامب السابقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وعدد من زعماء العالم الآخرين، مشيراً إلى مخاوف من احتمال أن يكون ترامب قد عرّض الأمن القومي للخطر.
وصرح لشبكة «أن بي سي» قائلاً: «أعتقد أن هناك حاجة قصوى لحماية الأمن القومي للولايات المتحدة ومعرفة ما إذا كان الرئيس قد قوض أمننا أيضاً خلال محادثاته مع زعماء آخرين، وخصوصاً بوتين، بطريقة اعتقد هو أنها قد تفيد بصورة شخصية حملته».
إلا أن شيف نفسه، أصبح محل شبهة بحسب عدد من المشرعين الجمهوريين، حيث قال النائب ديفين نونيز، إن رئيس لجنة الاستخبارات كان على دراية مسبقة بشكوى العميل المسرب وقد حجب تلك المعلومات عن الشعب الأميركي والمجتمع الاستخباري».
وأضاف نونيز أنه على ضوء هذه المعلومات «من الصعب أن تنظر إلى العزل أكثر من كونه مهزلة مدبرة».
وعلق ترامب على ذلك بالقول إنها «فضيحة» دون أن يستبعد أن يكون شيف قد ساهم في كتابة المذكرة التي رفعها المسرب المزعوم إلى مرؤوسيه.
من جانبها، رددت بيلوسي في عدة مناسبات خلال الأسبوع الماضي، أنها مضطرة لمساءلة الرئيس وعزله احتراماً للدستور، وقالت: «إن هذا الوقت حزين للشعب الأميركي ولدولتنا، فإن عزل رئيس أو مناقشة عزله ليس بالأمر الجيد أو المبهج، لكننا نرى ما يقوم به الرئيس واعتداءه على الدستور».
وكانت بيلوسي قد أعلنت عن فتح تحقيق رسمي تمهيداً لعزل ترامب، قائلة إن الرئيس نكث بقسم اليمين بسعيه للحصول على مساعدة دولة أجنبية لتقويض ترشح بايدن.
Leave a Reply