نيويورك – شهدت المناظرة الأخيرة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين نقاشا حادا حول سياساتهما الاقتصادية ودعاياتهما الانتخابية بلغت حد تبادل الاتهامات والتصادم الذي تفاداه المرشحان في لقائيهما الماضيين.
وأدار المناظرة التي استمرت 90 دقيقة وأقيمت في جامعة هافسترا في نيويورك، بوب شيفر من شبكة «سي بي أس» التلفزيونية، والذي أعلن في بداية المناظرة إن الموضوع الرئيسي لها سيكون السياسة الداخلية.
وفي إحدى اللحظات الحاسمة في المناظرة، والتي بينت عن عمق الخلاف، توجه ماكين إلى أوباما قائلاً بحدة «أنا لست الرئيس بوش». وأضاف قائلاً: «إذا أردت منافسة جورج بوش، كان عليك أن تفعل ذلك قبل أربع سنوات.. من جهتي سوف أوجه البلاد والاقتصاد نحو وجهة أخرى».
ومن الهجمات التي شنها ماكين على أوباما، سؤاله عما إذا كان قد «وقف» مع كبار زعماء الحزب الديمقراطي في أي مناسبة مهمة. وحاول ماكين أن يضغط على أوباما عندما قال إن على جمهور الناخبين في ولاية إلينوي «أن يعرف إلى أي مدى ذهب» في علاقته مع «بيل آيرز»، أحد زعماء المنظمة الراديكالية «ويذر أندرغراوند» التي نشطت في أعوام الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
ورد أوباما أن آيرز ليس مشاركاً في هذه الحملة الانتخابية الرئاسية، وأن لم يشارك فيها أبداً، وأنه لن يقدم له المشورة والنصح في البيت الأبيض.
وقال إنه كان في الثامنة من عمره عندما بدأ آيرز نشاطه الراديكالي.
الأزمة المالية
عزا ماكين الأزمة الى انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة وأن الحل هو شراء الحكومة الأميركية للديون العقارية وتخفيف العبء من على كاهل الأسر الأميركية.
ثم أجاب أوباما بأن الحل يكمن في إيجاد وظائف ومنع الشركات من نقل الوظائف الى خارج الولايات المتحدة وخفض الضرائب على شرائح من المجتمع الأميركي.
أما ماكين فرد على أوباما بضرب مثال لسباك أميركي يدعى جو سيتضرر من السياسة الضريبية التي يقترحها أوباما. ثم توجه ماكين الى هذا السباك بالقول إنه سيخفض ضرائبه ولن يزيدها مثل أوباما.
أوباما رد بدوره إنه يريد خفض الضرائب لـ95 في المئة من القوى العاملة في أميركا وتحديدا على كل من يقل دخله عن 250 ألف دولار في العام، وخصوصا الممرضات ورجال الاطفاء وكل من يقومون بأعمال خدمية للمجتمع. ماكين بدوره قال إنه لا يريد أن توزع الحكومة الثروة على الشعب وإنما يريد من الشعب توزيع الثروة، وإنه يريد التركيز على المشروعات الصغيرة.
الانفاق الحكومي
بوب شيفر تدخل وأوقف النقاش وطرح سؤالا حول خفض الانفاق الحكومي من أجل سد العجز في الميزانية الحكومية وما هي الاقتراحات التي سيضطر المرشحان الى التخلي عنها بسبب هذا العجز.
أوباما بدأ بذكر أنه تحدث خلال الحملة عن خفض كلي للإنفاق الحكومي وقال إن على الحكومة المقبلة أن تلغي كل البرامج الحكومية التي لم تحرز النجاح.
ماكين قال إنه يجب أن تعتمد أميركا على مصادرها في الطاقة وزيادة الاعتماد على الطاقة النووية والتوقف عن إرسال الأموال الى الدول التي لا تحب أميركا.
الدعايات الانتخابية
بوب شيفر أوقف النقاش عند هذا الحد وتوجه بالسؤال حول طبيعة الدعايات الانتخابية التي قام بها الاثنان وهاجما فيها بعضهما بعضا بضراوة.
ماكين رد بالقول إن المنافسة كانت حامية للغاية وإنه يأسف لما حدث خلالها، وإنه قد تألم لادعاءات عضو مجلس النواب جون لويس والتي ربط فيها بين ماكين ونائبته سارة بالين بفصل مؤلم من التاريخ الاميركي وهي حقبة الفصل العنصري وأنه يعتب على أوباما بأنه لم يدافع عنه.
من جانبه قال أوباما إن دعايات ماكين الانتخابية كانت سلبية للغاية تجاهه وتضمنت ادعاءات عارية من الصحة في حقه.
ماكين بدوره قال إن على أوباما أن يوضح علاقاته مع بيل أيرز، والذي كان عضوا في جماعة متطرفة شنت حملة ترويع في الستينات والسبعينات من أجل وقف الحرب في فيتنام. وقال ماكين إن بعض هذه الاتهامات التي وجهت لأوباما جاءت من قبل السناتور هيلاري كلينتون أثناء منافستها له على ترشيح الحزب الديمقراطي.
أوباما رد بدوره على ماكين بتوضيح علاقته المثيرة للجدل مع بيل أيرز وقال إنه لا يعمل في حملته الانتخابية، ثم سرد أسماء من يخالطهم من سياسيين أميركيين معروفين ورجال أعمال مرموقين.
استهلاك أميركا من النفط
ماكين قال إن على أميركا أن تقلل من اعتمادها على نفط الشرق الأوسط والنفط الفنزويلي والاعتماد على النفط الكندي وبناء 54 منشأة طاقة نووية وفق معايير الأمان.
أما أوباما فقال إنه خلال عشر سنوات يمكن للولايات المتحدة لو اتبعت سياساته أن تتوقف عن استيراد النفط من الشرق الأوسط وأن على أميركا أن تتوقف عن الاقتراض من الصين وإرسال الاموال الى السعودية من أجل النفط والمقامرة بالتالي بمستقبل أبنائها.
السياسات الصحية
بوب شيفر سأل المرشحين عن سياساتهم الصحية.
أوباما قال إنه سيعمل على خفض قيمة التأمين الصحي لمن يملكون تأمينا وسيعمل على إيجاد خدمة صحية لمن لا يملك تأمينا صحيا وفي ذات الوقت سيزيد من الانفاق على الصحة الوقائية.
ماكين بدوره قال إنه سيعمل على إيجاد برامج رشاقة في المدارس الاميركية من أجل القضاء على السمنة وإنه سيعيد خمسة آلاف دولار لكل أسرة من أموال الضرائب التي يدفعونها سنويا من أجل دعم إنفاقهم الصحي.
البيان الختامي للمناظرة
وفي النهاية بدأ ماكين في إلقاء بيانه الختامي في هذه المناظرة، حيث قال إن هذه أوقات صعبة لأميركا وأن البلاد تحتاج الى توجه جديد وأنه يملك سجلا طويلا من العمل النيابي.
وأضاف أنه سيعمل على إصلاح النظام الصحي والتوقف عن هدر المزيد من الأموال الحكومية والحفاظ على أموال دافعي الضرائب ولذلك فإن يريد من الشعب الأميركي دعمه. وأنه خدم أميركا ووضعها أولا طيلة مسيرته السياسية والعسكرية.
من جانبه قال أوباما إنه يشكر السناتور ماكين وأن أميركا تواجه أكبر خطر اقتصادي منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي ولذا فعلى أميركا أن تغير من اتجاهها وأنه يؤمن بأن الأيام القادمة ستكون أكثر إشراقا لو تم تطبيق سياساته ولذا فإنه يسأل الشعب الأميركي لدعمه من أجل أن يعمل بلا كلل أو ملل من أجل المواطن الأميركي.
وفي النهاية ختم بوب شيفر المناظرة بمقولة لأمه تقول فيها: اذهب وصوت، فهذا سيجعلك أكبر وأقوى.
اوباما الفائز
في أعقاب المناظرة الأخيرة بينهما كشفت استطلاعات الرأي عن تقدم باراك أوباما على منافسه قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية، وذلك رغم الهجوم الشرس الذي شنه ماكين على أوباما. وقد كشف استطلاع للرأي شارك فيه أفراد تابعوا المناظرة، عن تقدم أوباما على منافسه.
فقد قال 58 في المائة من أفراد العينة إن أوباما تفوق على جون ماكين خلال المناظرة كان أداؤه أفضل، في حين قال 31 في المئة إن المرشح الجمهوري كان الأفضل أداء.
وتشكلت عينة الاستطلاع من 40 في المئة من الديمقراطيين و30 في المئة من الجمهوريين.
استطلاعات
وكان أحدث استطلاع أجرته «سي أن أن» ومجلة «تايم»، بالإضافة إلى شركة خاصة لبحوث الرأي، تم الكشف عن نتائجه الأربعاء الماضي، أن المرشح الديمقراطي يتفوق بعشر نقاط على منافسه الجمهوري، في الاستطلاع الذي تم إجراؤه بولاية فيرجينيا، حيث حصل أوباما على 35 نقطة مقابل 34 نقطة فقط لماكين.
وكان الاستطلاع الذي شهدته الولاية ذاتها بين بوش وكيري في انتخابات عام 2004، قد أظهر تفوق الرئيس الجمهوري على منافسه الديمقراطي بتسع نقاط، حيث أن هذه الولاية تحديداً لم تمنح أصواتها عادة للمرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، منذ انتخابات عام 1964.
كما حقق أوباما تقدماً تأرجح بين تسع نقاط الى 14 نقطة على منافسه الجمهوري جون ماكين طبقاً لنتائج أحدث استطلاعين للرأي نشرت نتائجهما قبل ساعات من انطلاق المناظرة التلفزيونية الأخيرة بينهما.
وكشف استطلاع للرأي نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» نتائجه أن المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما عزز تقدمه على خصمه الجمهوري جون ماكين، بفارق 14 نقطة.
وقال الاستطلاع الذي أجري بالتعاون مع شبكة «سي بي اس» التلفزيونية إن اوباما سيحصل على تأييد 53 بالمئة من الناخبين مقابل 39 بالمئة لماكين، وذلك قبل 21 يوماً من الانتخابات الرئاسية.
وكان استطلاع آخر للرأي أجرته صحيفة «لوس انجلوس تايمز» تحدث عن تقدم أوباما بفارق تسع نقاط على ماكين (50 بالمئة في مقابل 41 بالمئة).
Leave a Reply