نيويورك - استأنف المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، نشاطهما الانتخابي صبيحة اليوم التالي من المناظرة التلفزيونية الأولى بينهما والتي عقدت مساء الاثنين الماضي في جامعة «هوفسترا» بولاية نيويورك تحت عناوين الاقتصاد والارهاب والسياسة الخارجية.
وقد سارعت كل حملةٍ الى إعلان فوز مرشحها للرئاسة في المناظرة الأولى من أصل ثلاث مقررة حتى موعد الانتخابات، وقد تباينت نتائج استطلاعات الرأي بشأن الفائز في المواجهة الأولى التي حظيت بمتابعة قياسية من الناخبين الأميركيين.
وبغض النظر عن اسم «المرشح الفائز»، يمكن القول أن أياً من المرشحين لم يخسر قاعدته من المؤيدين بعد المناظرة فيما لا يزال المترددون مترددين.
كلينتون وترامب تبادلا انتقادات نارية حول افتقار كل منهما لخطط مجدية في ما يتعلق بالمشاكل الاقتصادية وتوفير فرص عمل ومحاربة تنظيم «داعش»، خلال أكثر من 90 دقيقة متواصلة أدارها المذيع في شبكة «أن بي سي» ليستر هولت.
ومنذ السؤال الأول الذي تناول الوضع الاقتصادي في البلاد، اشتعلت المواجهة بين الملياردير الداخل حديثاً إلى عالم السياسة ووزيرة الخارجية السابقة، إذ تبادل المرشحان الاتهامات بعدم حيازة أي منهما حلولاً مجدية لخلق وظائف.
وقالت كلينتون في مستهل المناظرة «علينا أن نعيد بناء اقتصاد مفيد للجميع وليس فقط لمن هم في القمة».
من جهته قال ترامب «نحن نخسر الكثير من وظائفنا، إنها تذهب إلى المكسيك وإلى دول أخرى كثيرة» مؤكداً أنه سيعمل على تخفيض الضرائب على الشركات وتخفيف القيود التنظيمية التي تحول دون توسع الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمنع نشوء الشركات الجديدة.
وقال «إن بلادنا تعاني بسبب القرارات الخاطئة التي اتخذها أشخاص مثل كلينتون» منتقداً أداء الطبقة السياسية الأميركية.
هزيمة «داعش»
وفي السياسة الخارجية، حمّل ترامب منافسته الديمقراطية مسؤولية «الفوضى العارمة» التي يشهدها الشرق الأوسط حينما كانت وزيرة للخارجية الأميركية، قائلاً إن تنظيم «داعش» كان لا يزال طفلاً رضيعاً عندما تولت هيلاري منصبها.
وخاطب ترامب كلينتون بالقول: «انظري إلى الشرق الأوسط، إنه في حالة فوضى عارمة، وهذا أمر حصل إلى حد بعيد في ظل إدارتك».
وأضاف ترامب مخاطبا كلينتون: «تتحدثين عن داعش ولكنك كنت هناك، وكنت وزيرة للخارجية في وقت كان فيه التنظيم لا يزال رضيعاً. واليوم هو موجود في أكثر من ٢٠ الى 30 بلداً.. وأنت سوف توقفينه؟! لا أعتقد ذلك».
وتوقعت كلينتون أن يتم القضاء على «داعش» خلال سنة، معتبرة أن هذا يشكل أولوية قصوى بالنسبة إليها.
وقالت كلينتون: «على الأقل لدي خطة لمحاربة تنظيم داعش»، فرد ترامب ساخراً من نشرها الخطة على موقع حملتها الالكتروني وقال: «ستطلعين بذلك العدو على كل ما تعتزمين القيام به».
واتهم ترامب الرئيس باراك أوباما والمرشحة هيلاري كلينتون بخلق فراغ في العراق، حينما أصدروا الأوامر للقوات الأميركية بمغادرة العراق، مما تسبب بنمو تنظيم «داعش».
وشدد ترامب بالقول: «ما كان ينبغي أن يذهبوا إلى هناك (العراق)، ولكن بعد أن ذهبوا كان عليهم إبقاء عدد من القوات الأميركية في العراق».
واعتبر ترامب أن النفط في العراق وليبيا مكّن «داعش» من تحقيق دخل مالي كبير موّل أعماله الإرهابية.
وقاطعت كلينتون ترامب مذكرة بأنه دعم الحرب على العراق، لكنه نفى ذلك مطالباً الإعلاميين بسؤال مقدم البرامج في قناة «فوكس»، شون هانيتي، عن النقاشات المطوّلة بينهما والتي كان فيها ترامب يعارض هانيتي الداعم لغزو العراق حينها.
كما شكك المرشح الجمهوري في قدرة منافسته على تحمل أعباء الرئاسة.
ورداً على سؤال بشأن قوله سابقاً إن كلينتون لا تتمتع بالشخصية اللازمة لتولي مقاليد الرئاسة، قال الملياردير المثير للجدل «لقد قلت أنها لا تتمتع بالقدرة على التحمل. وأنا اعتقد أنها لا تتمتع بالقدرة على التحمل. لكي تكون رئيساً لهذا البلد، يجب أن تتمتع بقدرة هائلة على التحمل».
ولكن رد أول امرأة في تاريخ الولايات المتحدة تنتزع بطاقة الترشيح الحزبية إلى الانتخابات الرئاسية أتى سريعاً، إذ قالت وزيرة الخارجية السابقة «حسناً، عندما يسافر إلى 112 بلداً ويتفاوض على اتفاق سلام أو على وقف لاطلاق النار أو على اطلاق معارضين… أو حتى يمضي 11 ساعة يدلي بافادة أمام لجنة في مجلس الشيوخ، عندها يحق له أن يتحدث عن القدرة على التحمل». فرد ترامب «أعرف أن لديك الخبرة ولكنها خبرة سيئة».
كذلك شدد ترامب على أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون «شرطي العالم»، ولا أن تحمي كل حلفائها إذا لم تتقاض ثمن ذلك.
وقال الملياردير المثير للجدل «أريد فعلاً أن أساعد كل حلفائنا ولكننا نخسر مليارات ومليارات الدولارات. لا يمكننا أن نكون شرطيي العالم، لا يمكننا أن نحمي الدول في سائر أنحاء العالم حين لا تدفع لنا ما ينبغي».
ضرائب ترامب ورسائل كلينتون
في خضم المواجهة الساخنة بين المرشحين، سأل ليستر هولت المذيع الذي أدار المناظرة، ترامب عن إقراراته الضريبية، ليرد الأخير بالقول «سأكشف عن إقراراتي الضريبية في الوقت الذي تكشف لنا كلينتون 33 ألف رسالة مسحت من بريدها الإلكتروني».
وأكد ترامب أنه عازم على الكشف عن ملفه الضريبي بعد أن تنتهي عمليات التدقيق فيه، مبيناً أن محاميه نصحوه بعدم الكشف عنه الى حين انتهاء التدقيق. وقال ترامب «سأنشر تصريحي الضريبي، خلافاً لرغبة محامي، حالما تنشر هي الرسائل الالكترونية الـ33 ألفاً التي محتها».
وردت كلينتون بالقول إن ترامب يتهرب من نشر ملفه الضريبي خلافاً لما دأب عليه كل المرشحين الرئاسيين في التاريخ الحديث لأن «لديه ما يخفيه». وقالت «ليس هناك أي سبب يدعوني للاعتقاد بأنه سينشر تصريحه الضريبي يوما ما، لأن هناك شيئاً يخفيه».
وبشأن موضوع الأمن الداخلي، قال ترامب: «نحن بحاجة لضبط الأمن في بلادنا، في مدننا سود ومتحدرون من أميركا اللاتينية يعيشون جحيماً بسبب المخاطر. إذا سار شخص في الشارع يتعرض لاطلاق النار عليه، هناك عصابات في الشوارع وفي العديد من الحالات هم مهاجرون غير شرعيين. لديهم أسلحة ويستخدمونها ضد الناس. علينا التحلي بالقوة والتيقظ، في الوقت الحالي، الشرطة تخشى في العديد من الحالات القيام بأي شيء. علينا حماية مدننا لأن السود ضحايا الجرائم» مطالباً بانتهاج أسلوب «التوقيف والتفتيش» الذي اتبعته شرطة نيويورك والذي أدى الى تخفيض جرائم القتل من حوالي ألفي شخص الى ٥٠٠ سنوياً.
ودعت وزيرة الخارجية الأميركية الى الحدّ من انتشار الأسلحة وعدم السماح للأميركيين الواردة أسماؤهم على لوائح حظر الطيران ومراقبة الإرهاب من الحصول على السلاح، لكن ترامب أشار الى أن الكثير من الأشخاص المدرجة أسماؤهم على تلك اللوائح وضعوا عليها بالخطأ داعياً الى معالجة هذه المشكلة.
كلينتون بدورها، ألمحت الى أن ترامب عنصري، قائلة إنه «بنى نشاطه السياسي على أساس كذبة سياسية بأن أول رئيس أسود لبلادنا ليس مواطناً أميركياً. ليس لديه أي دليل على الاطلاق لاثبات ذلك، لكنه كرره وكرره عاماً بعد عام».
وفي ختام المناظرة قال ترامب: «أريد أن اعيد أميركا عظيمة مرة أخرى. سأتمكن من القيام بذلك، ولا أعتقد أن هيلاري قادرة عليه، لكن إذا فازت، فسأدعمها بشكل تام».
ماذا بعد المناظرة؟
يبدو أن كلينتون وترامب، اللذين تقلص الفارق بينهما إلى 2 بالمئة فقط لصالح المرشحة الديمقراطية، حسب استطلاعات أجريت الأسبوع الماضي، سيخوضان في الشهر الأخير لحملتيهما الانتخابيتين صراعاً حاداً من أجل كسب أصوات الناخبين المتشككين، وستظهر استطلاعات جديدة للرأي العام، ستنشر نتائجها في غضون الأيام القليلة المقبلة بعد المناظرة، ما إذا كان أحد المرشحين استطاع جعل كفة الميزان تميل لصالحه.
ومن ناحية تحليل انفعالات الجانبين، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن ترامب لم يكن مستعدا جيدا للمناظرة وأنه لم يستطع التحكم في انفعالاته والتي باتت واضحة للجمهور عبر تقسيم الشاشة بين المرشحين ليظهر كل منهما انفعالاته وملامحه خلال استماعه لهجمات الطرف الآخر.
وذكرت الصحيفة أن هيلاري لم تكن مثالية الأداء، لكنها تفوقت على ترامب خاصة فيما يتعلق بالاستعانة بالحقائق، وكانت قوية جدا في هجومها على ترامب في مسألة الضرائب وعدم إظهاره تقاريره الضريبية حتى الآن.
وخلصت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن أيا من الطرفين لم يخسر قاعدته من المؤيدين بسبب أدائه لكنها أوضحت أن المترددين لم يحسموا أمرهم بعد.
وفي اتصال مع شبكة «فوكس نيوز»، انتقد ترامب مدير المناظرة لستر هولت على أسئلته «غير العادلة»، وعبر عن شكوكه في أن شخصاً ما عبث بالميكروفون الخاص به.
وكرر ترامب اتهامه لكلينتون بأنها تفتقر للقوة على أداء مهام الرئيس، وتوعد بتناول فضائح زوجها الجنسية في المناظرة المقبلة، مؤكداً أن وسائل الإعلام الرئيسية في أميركا هي العنصر الأقوى في حملة كلينتون الرئاسية.
في المقابل، تابعت كلينتون تصريحات ترامب، وقالت لصحفيين على متن طائرتها، مازحة أن «الشخص الذي يشتكي من الميكرفون.. مؤكَّد أنه واجه ليلة عصيبة».
وبشأن تهديدات ترامب بتناول ما اعتبره فضائح زوجها، قالت إن لترامب الحرية في اختيار الطريقة التي يدير بها حملته. ويتواجه المرشحان في مناظرتين آخريين، الأولى في 9 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، والثانية في 19 منه.
رقم قياسي
اتجهت أنظار 84 مليون مشاهد إلى محطات التلفزيون الأميركية الاثنين الماضي لمشاهدة أول مناظرة رئاسية بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب فيما سجل رقما قياسيا لجمهور نادرا ما يتطلع إلى التلفزيون في عصر البث الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي.
ويشمل الرقم التقديري الذي أحصته شركة «نيلسن» للمعلومات مشاهدي المواجهة الصاخبة عبر 13 شبكة بث أميركية مدفوعة الأجر ومحطة تلفزيون «بي بي أس» العامة. وبحسب «رويترز» فإن هذا الرقم يحطم نظيره المسجل في المناظرة الرئاسية بين جيمي كارتر ورونالد ريغان في 1980 والبالغ 80.6 مليون مشاهد. غير أنه لم يتجاوز حاجز المئة مليون الذي توقعه محللون في السابق.
ولا يشمل الرقم ملايين الأشخاص الذين شاهدوا المناظرة إلكترونيا من خلال «يوتيوب» و«تويتر» و«فيسبوك» وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي بما في ذلك في مجموعات كبيرة في المطاعم والحانات.
ويجذب نهائي دوري كرة القدم الأميركية أكثر من 100 مليون مشاهد وهو ما يجعله أكبر حدث تلفزيوني في الولايات المتحدة.
تعثر لكلينتون في المراهنات على الإنترنت بعد المناظرة
سجلت حظوظ هيلاري كلينتون في الفوز بالسباق نحو البيت الأبيض تراجعاً قليلاً في المراهنات على الإنترنت بعد مناظرتها مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وارتفع سعر العقد الذي يعطي لكلينتون أفضلية الفوز في سوق «بريدكت إيت» الشهير للمراهنات بقيمة سنْتين اثنين مقارنة بالإغلاق قبل المناظرة مما خفض احتمالات فوزها في الانتخابات الرئاسية الى 68 بالمئة مقارنة بـ70 بالمئة قبل المناظرة.
ويشير العقد المؤيد لترامب إلى أن فرصه في الفوز حالياً 34 بالمئة، كما ذكرت «رويترز».
ويتم تسعير عقود «بريدكت إيت» من 0 إلى 100 سنت ويعادل سعر العقد احتمال فوز أي مرشح في الانتخابات.
من فاز بالمناظرة؟
تشير معظم استطلاعات الرأي التي أجريت عبر الانترنت في الولايات المتحدة عقب المناظرة، إلى أن المرشح الجمهوري تغلب على منافسته الديمقراطية، رغم أن استطلاعات شبكات عملاقة مثل «سي أن أن» و«أن بي سي» قد أشارت الى عكس ذلك. وجاءت نتائج أبرز الاستطلاعات عبر الانترنت وفق التالي:
- «سي أن بي سي» (٦٧ بالمئة لترامب مقابل ٣٣ بالمئة لكلينتون)
- «تايم» (٥٥ بالمئة لترامب مقابل ٤٥ بالمئة لكلينتون)
- «فورتشن» (٥٣ بالمئة لترامب مقابل ٤٧ بالمئة لكلينتون )
- «فاريتي» (54.53 بالمئة لترامب مقابل 45.47 بالمئة لكلينتون)
- «بريتبارت» (75.75 بالمئة لترامب مقابل 24.25 بالمئة لكلينتون)
- «ذي هيل» (59 بالمئة لترامب مقابل 36 بالمئة لكلينتون)
- «درادج ريبورت» (80 بالمئة لترامب مقابل 20 بالمئة لكلينتون)
في المقابل، أشارت نتائج استطلاع، أجرته قناة «سي أن أن» إلى أن كلينتون تمكنت من التغلب على منافسها الجمهوري، 62 بالمئة مقابل 27 بالمئة، ولكنها لفتت إلى أن 41 بالمئة من مشاهدي القناة المشاركين في التصويت ينتمون إلى الحزب الديمقراطي مقابل 26 بالمئة من الجمهوريين.
Leave a Reply