ديربورن – «صدى الوطن»
بحضور خاص وملهم للداعية الحقوقي القس ويندل أنتوني، احتفل «المنتدى الإسلامي في أميركا» بديربورن هايتس –الجمعة الماضي– بعيد مولد الإمام علي بن أبي طالب (ع)، الذي تصادفت ذكرى ميلاده السنوية لهذا العام مع «الجمعة العظيمة» التي يحتفل بها المسيحيون حول العالم.
وفي بداية الحفل الذي أقيم تحت عنوان «العدالة في فكر الإمام علي»، تحدث ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني عن المبادئ الأخلاقية والدينية السامية في فكر وممارسات صاحب «نهج البلاغة» التي لا غنى للناس –مهما اختلفت مشاربهم وعقائدهم– عنها. وقال «لقد رحل الإمام ولكن حكمته ستبقى حية إلى الأبد».
وأشار إلى أن العدل لطالما شكل حجر الزاوية في تراث الإمام علي الذي اعتبر هذا المبدأ «أساساً للملك»، وقال «عندما يختل العدل يفقد العالم توازنه».
وأضاف السبلاني «على ضوء ما يجري في عالمنا اليوم يحق لنا أن نتساءل: أين هو العدل حين تقصف أغنى دولة في العالم، وبدعم ممن توصف بأنها أعظم أمة في العالم، أفقر دولة في العالم؟ إن لم يكن هذا غياباً للعدالة فما هو تعريف الظلم والعدوان إذن؟».
وتابع «منذ ثلاث سنوات، تقصف العربية السعودية، اليمن بالقنابل والصواريخ وتقتل الأطفال والنساء وتدمر المدارس والمستشفيات والمرافق العامة على مرأى العالم ومسمعه من دون أن يحرك أحد ساكناً لإيقاف هذه المأساة، وفي الأسبوع الماضي أُطلقت أربعة صواريخ على المملكة فجن جنون العالم، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة لإدانة ما أسماه، العدوان اليمني على السعودية».
وفي سياق آخر، انتقد السبلاني ميل الكثيرين من متصفحي السوشال ميديا إلى بث الأخبار المثيرة للقلق والخوف في أوساط العرب والمسلمين الأميركيين الذين أثارت مخاوفهم رسائل بريدية تم تبادلها على نحو مكثف في الآونة الأخيرة، والتي دعت إلى تنظيم يوم تحت عنوان «عاقب مسلماً»، في ٣ نيسان (أبريل) مع الوعود بتقديم جوائز لكل من يقتل مسلماً أو يحرق مسجداً. وخاطب الحاضرين قائلاً «ليس كل ما تقرأونه على وسائل التواصل الاجتماعي صحيحاً»، داعياً إلى عدم تبادل وترويج مثل هذا النوع من الأخبار، مشدداً على أن المسلمين في الولايات المتحدة هم مواطنون أميركيون يتمتعون بحقوق يكفلها لهم الدستور الأميركي.
وقال «نحن أميركيون.. لسنا خائفين.. ولا يجب علينا أن نبث القلق والهواجس بين عائلاتنا وأصدقائنا ومجتمعاتنا.. ومن هذا المنطلق علينا أن نرسخ وجودنا ودورنا السياسي والاجتماعي من خلال المشاركات الانتخابية بكافة مستوياتها والإدلاء بأصواتنا لحماية مصالحنا وحقوقنا».
من جانبه، هنأ إمام «المنتدى الإسلامي» السيد حسن القزويني، المسيحيين بيوم «الجمعة العظيمة»، مشدداً على التشابه الكبير بين الإمام والسيد المسيح من عدة أوجه.
وتساءل «ما الذي يجعلنا نحب عليّاً وما الذي يميزه عن الآخرين؟» مضيفاً «إن تمثيل الإمام لقيم العدالة والإنصاف والإيثار والتضحية والشجاعة.. هو ما يجعلنا نجلّه ونؤمن بمكانته السامية التي يبجلها المسلمون والمسيحيون واليهود.. وحتى بعض الملحدين».
قفوا من أجل العدالة
وفي كلمة للمتحدث الرئيسي في الحفل، رئيس فرع «الجمعية الوطنية لتقدم الملونين» NAACP في ديترويت، سخر القس ويندل أنتوني من حملة «عاقب مسلماً» التي ظهر بداية في بريطانيا ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة مما «أثار مناخاً من الخوف والتوجس في مجتمعات المسلمين الأميركيين»، وقال في إشارة إلى الأفارقة الأميركيين «لقد فعلوا الشيء ضدنا منذ 1619 ولكننا ما زلنا هنا.. لقد بنينا أميركا.. لقد امتزجت دماؤنا بتراب هذه البلاد.. تماماً مثلما امتزجت دماؤكم بها».
كما انتقد بشدة إضافة سؤال حول الجنسية في الإحصاء السكاني الوطني لعام 2020، وقال «التعداد ليس مصمماً ليكون حول المواطنة وإنما حول معرفة العدد الدقيق للمقيمين على الأراضي الأميركية»، معتبراً أن إضافة السؤال تهدف إلى «تخويفنا وفرز الناس الذين يعيشون بيننا».
ودافع أنتوني عن مفهوم العدالة، داعياً الحاضرين للنضال ضد السياسات الحكومية الجائرة بحق مجتمعات الفقراء والمهاجرين، وقال «العدالة هي فعل.. إنها تعني بأنه يجب عليك أن تقوم بعمل ما»، مضيفاً «أحياناً نشعر بالخوف ويتملكنا شعور بأننا عاجزون عن التغيير وصنع الفرق، ولكن يجب ألا نيأس ونستسلم».
وفي نهاية كلمته، سرد أنتوني قصة حدثت في سنوات طفولته المبكرة في ولاية ميزوري، وقال «كنا أطفالاً نلعب ونتلهى بالسباحة في أحد المنتزهات عندما قفز أحد أقاربي في بركة مياه وبدأ بالصراخ مستغيثاً لإنقاذه من الغرق.. لكننا نحن الأطفال بدأنا بالضحك لأننا كنا نعلم بأن المياه ليست عميقة.. وبدأنا نصرخ به: قف أيها الأحمق.. فعمق المياه لا يتجاوز الثلاثة أقدام».
ووسط تصفيق الحاضرين الملتهب، تابع قائلاً: «قفوا من أجل العدالة.. قفوا من أجل الحقيقة.. قفوا من أجلكم أولادكم.. من أجل كرامتكم.. من أجل أقاربكم وأحبائكم.. من أجل قضاياكم.. قفوا لأن أميركا (مثل المياه) ليست عميقة إلى ذلك الحد».
Leave a Reply