ديربورن – أشاد أسطورة كرة السلة الأميركية، كريس جاكسون، بدور المؤسسات الإسلامية في حماية الشباب والنشء وتعزيز القيم الدينية والعائلية في منطقة ديترويت خلال الحفل السنوي السابع لـ«المنتدى الإسلامي في أميركا» في قاعة «نادي بنت جبيل الثقافي» بمدينة ديربورن، الأحد الماضي.
جاكسون، وهو أحد النجوم السابقين للدوري الأميركي لكرة السلة NBA، كان قد فاجأ الجميع باعتناق الدين الإسلامي في موسم 1991، وهو في أوج عطائه مع فريق «دنفر ناغتس»، حيث قام بتغيير اسمه إلى محمود عبد الرؤوف، محققاً أقوى «دانك» بمواجهة الخطاب المعادي للمسلمين في تلك الفترة.
في خطابه، شدّد جاكسون على أهمية «الإيمان» في بناء الشخصية الإنسانية وتقويتها لمواجهة تحديات الحياة العصرية، لافتاً إلى أن الشباب المسلم في منطقة ديترويت أكثر حظاً من أقرانهم في المجتمعات الأخرى، بسبب كثافة المساجد وأنشطتها المتواصلة، عبر البرامج والمبادرات المتنوعة، إلى جانب أداء الشعائر التعبدية كالصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وإقامة الفعاليات التثقيفية والاجتماعية خلال شهر رمضان الكريم وباقي المناسبات الإسلامية الأخرى.
أسطورة كرة السلة كريس جاكسون: لو أنني نشأت في منطقة ديربورن لكنت بالتأكيد أكثر من مجرد نجم رياضي شهير
اللاعب الذي تعرض لعقوبة الإيقاف عن اللعب من قبل اتحاد كرة السلة الأميركي بسبب رفضه الوقوف تحية للنشيد الوطني والعلم الأميركي في عام 1996، أوضح بأن الدين الحنيف يركز على بناء الإنسان الإيجابي، داخل العائلة وفي مكان العمل وفي المجتمع الكبير، ويحثه على الالتزام بمكارم الأخلاق ونبذ الجريمة والمخدرات، بغية تحقيق الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لجميع البشر، بغض النظر عن معتقداتهم وألوانهم وخلفياتهم الإثنية والعرقية.
وقال جاكسون: «لو أنني نشأت في هذه المنطقة لكنت أكثر حظاً، ولوفّرت الكثير من مراحل التفكير والنخبط التي مررت فيها خلال يفاعتي وشبابي، وبالتأكيد فإن حياتي ستكون أهنأ ومستقبلي أفضل»، مضيفاً: «لو نشأت وترعرعت هنا، لكنت اليوم أكثر من مجرد نجم شهير في كرة السلة».
ولفت جاكسون بأن نجاحه في عالم كرة السلة، ونجوميته في دوري الـ«أن بي أي»، كان ينقصهما «شيء جوهري»، في إشارة إلى الدين الإسلامي. وقال: «كنت نجماً شهيراً، كنت متواجداً على وسائل الإعلام، كنت اللاعب الذي يريد كل أميركي أن يكونه، ولكنني لم أشعر بالسعادة حتى تحولت إلى الإسلام».
القزويني يحثّ على التبرع لبناء مسجد جديد في ديربورن هايتس
ونوّه جاكسون بأن المسلمين الأميركيين يتحملون –اليوم– مسؤولية الانخراط الفعّال على «كافة الجبهات» في المجتمع الأميركي، وقال: «لفترات طويلة أسقطنا الكرة من أيدينا ليتلقّفها الآخرون ويأخذوا زمام المبادرة في كافة القضايا التي تؤثر بشكل يومي على حياة الناس»، مستدركاً بأن المسلمين الأميركيين باتوا خلال الآونة الأخيرة أكثر إسهاماً في الحياة الأميركية، على الصعد السياسية والثقافية والاقتصادية.
وبيّن جاكسون بأن الإسلام ينطوي على قيم روحانية وعملية عميقة، وأن القرآن الكريم يحث المؤمنين على عمل الخير ونبذ الشر، مؤكداً بأن هذه القيم تشكل أساساً متيناً للمشاركة المجتمعية والانخراط في الحياة العامة، وقال: «ما يدخل إليك، سيخرج منك، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر».
وخلال الحفل الحاشد، تم الكشف عن خطط مستدامة لتمويل إنشاء المقر الجديد لـ«المنتدى الإسلامي» على شارع بيتش ديلي بمدينة ديربورن هايتس، والذي من المرجح أن يتم افتتاحه في ربيع 2025.
وحثّت رئيسة المجلس التربوي بمنطقة كريستوود التعليمية، دانييل الزيات، العرب والمسلمين الأميركيين في منطقة الديربورنين على مدّ يد العون إلى إدارة «المنتدى» حتى تتمكن من إنجاز مشاريع البناء والتجهيز ونقل المركز إلى المقر الجديد في «أقرب وقت».
الزيات، التي تترأس «نادي النساء» في «المنتدى الإسلامي»، كشفت عن طرق تبرع طويلة الأمد، عبر مشروعي «سجادة صلاة» و«عناصر المسجد». وقالت: «إننا نتطلع لكي يقوم ألف شخص بالتبرع بـ50 دولاراً شهرياً، ولمدة عام كامل، من أجل إنشاء وتجهيز مكان واحد لمصلّى واحد». مضيفة بأنه يمكن للمتبرعين أن يمنحوا نفس المبلغ، وطيلة المدة نفسها، من أجل تمويل بناء أو تجهيز العناصر الأخرى داخل المركز الإسلامي قيد الإنشاء.
ولفتت الزيات إلى أن «نادي النساء» تبرّع بـ50 ألف دولار من أجل المساهمة في بناء المركز الجديد التي تقدّر كلفته الإجمالية بنحو 10 ملايين دولار.
من جانبه، أكد إمام «المنتدى الإسلامي»، السيد حسن القزويني، بأن «الاستثمار مع الله» هو الأبقى والأجدر، مستشهداً بالآية الكريمة: «إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور».
وأشار القزويني الذي كان إمام «المركز الإسلامي في أميركا» بديربورن قبل تأسيسه «المنتدى الإسلامي» في ديربورن هايتس إلى أنه في الوقت الذي تنهار وتفلس فيه بعض البنوك الأميركية، فإن «بنك الله» لن يفلس ولن يصبح خارج الخدمة على الإطلاق، معرباً عن استيائه من بعض الأصوات المعترضة عما أسماه «كثرة المراكز الإسلامية في منطقة ديربورن».
وقال القزويني: «نسمع البعض وهم يشتكون من تشييد مساجد جديدة في منطقتنا، ولكن هؤلاء لا ينزعجون من افتتاح مقاهي أركيلة جديدة، أو مطاعم جديدة أو أية أعمال أخرى»، مضيفاً: «إن من يشتكي من بناء بيوت الله هم الفاشلون.. وهؤلاء الذين فقدوا القيم النبيلة».
وأردف القزويني: «إذا أردتم أن تعرفوا لماذا نبني المزيد من المساجد في هذه المنطقة.. فالسبب هو أن الناس بحاجة ماسة إليها، فعندما يولد المرء يُؤتى به إلى المسجد، وعندما يموت يؤتى به إلى المسجد، وعندما يتزوج وعندما يطلق وعندما يريد أن يستحصل على استخارة لعمل تجاري أو شأن شخصي آخر فإنه يأتي إلى المسجد، وكذلك حين يشعر الإنسان بالضيق والتعب والحزن فلن يجد مكاناً يلجأ إليه سوى بيت الله».
وبحسب القزويني، فإن الجالية بمنطقة ديربورن تنفق أكثر من مليون دولار أسبوعياً على الأعراس والمناسبات الخاصة، مخاطباً الحضور بالقول: «نتمنى عليكم التبرع بما يكافئ خمس حفلات، فهل هذا كثير؟».
وكان الحفل السنوي السابع لـ«المنتدى الإسلامي» قد أعلن عن مبيع جميع تذاكر الطاولات المتاحة في صالة «نادي بنت جبيل الثقافي» في ديربورن، حيث بلغت قيمة الطاولة الواحدة ألف دولار.
وأفاد القزويني لـ«صدى الوطن» بأن إدارة المنتدى تتطلع إلى جمع حوالي 10 ملايين دولار من أجل بناء وتجهيز المقر الجديد الذي تبلغ مساحته الإجمالية 6.5 إيكر، موضحاً أن المقر الجديد الذي سيتم بناؤه في ديربورن هايتس سوف يضم مسجداً يستوعب 1000 مصلّ، وقاعة للحفلات تتسع لما بين 850–1000 شخص، ومدرسة تتألف من 14 فصلاً دراسياً، إضافة إلى موقف للسيارات يتسع لأكثر من 500 موقف.
وأوضح القزويني بأن جزءاً كبيراً من الكلفة الباهظة ناجم عن ارتفاع أسعار مواد البناء وأجور الأيدي العاملة في أعقاب وباء كورونا، مشيراً إلى أن أعمال البناء قد بدأت بالفعل قبل نحو ثلاثة أسابيع، والتي من المرجح أن تنتهي في ربيع 2025.
Leave a Reply