لبناء جسور قوية مع مختلف الأديان والإثنيات
إيمان جاسم – «صدى الوطن»
تحت عنوان «صوت العدالة الإنسانية»، استضاف «المنتدى الإسلامي في أميركا» بمدينة ديربورن هايتس –الأحد الماضي– مهرجاناً خطابياً للاحتفاء بتراث الداعية الحقوقي الإفريقي الأميركي مارتن لوثر كينغ.
وكان المتحدث الرئيسي في الحفل –الذي استقطب رجال دين مسلمين ومسيحيين– كبير القساوسة في كنيسة «ماونت مورييا» التبشيرية المعمدانية بديترويت، القس كينيث فلاورز الذي أشاد بتراث الدكتور كينغ وحلمه بالعدل والمساواة بين جميع أبناء البشر، داعياً إلى «بناء جسور قوية بين جميع الناس، من مختلف الأديان والإثنيات» وإلى «توحيد الجهود ضد الظلم والسياسات التمييزية».
ومن جانبه، أكد مرشد «المنتدى الإسلامي»، السيد حسن القزويني على أهمية التضحية بالذات من أجل المبادئ العادلة مشيراً إلى التشابه بين استشهاد كينغ واستشهاد الإمام الحسين بن علي (ع) في مواجهة الظلم.
ولفت القزويني إلى أن فلاورز كان في مقدمة رجال الدين المسيحيين المدافعين عن الجالية المسلمة في ديربورن بوجه القس المتعصب القادم من فلوريدا تيري جونز الذي أقدم على حرق نسخ من القرآن الكريم استفزازاً لمشاعر المسلمين قبل بضع سنوات.
ويُعتبر «يوم مارتن لوثر كينغ» عيداً وطنياً سنوياً، ويصادف يوم الاثنين الثالث من شهر كانون الثاني (يناير) من كل عام، كما يعتبر شهر شباط (فبراير) «شهر تاريخ الأفارقة الأميركيين»، وقد بدىء الاحتفال به للمرة الأولى في 1926 وتم اختياره من بين شهور السنة لكونه يصادف ذكرى ميلاد شخصيتين أميركيين كان لهما أكبر الأثر على حياة الأفارقة الأميركيين وأوضاعهم الاجتماعية، وهما الرئيس أبراهام لينكولن وفريدريك دوغلاس أحد أبرز دعاة التحرير من العبودية والدفاع عن حقوق السود في القرن التاسع عشر.
خطاب فلاورز
وفي خطابه قال القس فلاورز : «لقد كان عنوان كتاب كينغ الأخير «إلى أين نذهب من هنا: الفوضى أم المجتمع؟»، وعندما أفكر في عبارة «أمة واحدة تحت الله» (وهي عبارة في قسم الولاء لأميركا) وعندما أفكر بحياة الدكتور كينغ وتراثه، فإنني أدرك بأننا نكرم اليوم رجلاً لا يخشى النضال من أجل الحقيقة والعدالة».
أضاف «الدكتور كينغ لم يكن زعيماً حقوقياً وحسب، وإنما كان أيضاً –وبشكل لا لُبس فيه– معمدانياً ومبشراً»، مشدداً على أنه «كان محارباً من أجل العدالة ومقاتلاً من أجل الحرية».
فلاوزر، وهو أيضاً داعية حقوقي، أشار إلى أن أيقونة الكفاح من أجل إنهاء التمييز العنصري ضد السود في الولايات المتحدة، كان يناضل من أجل تحصيل حقوق الأفارقة الأميركيين غير عابئ بـ«الأدبيات السياسية» والاعتبارات الدبلوماسية، لافتاً إلى مواقفه المناهضة لحاكم ولاية ألاباما في ستينيات القرن الماضي، جورج والاس، وشريف مقاطعة دالاس بالولاية جيم كلارك. وقال «إنه لم يكن خائفاً من التحدث ضد الرئيسين أيزنهاور وكينيدي، ومواجهة حكومة الولايات المتحدة نفسها».
وقال مستشهداً بأحد أقوال كينغ المأثورة: «الجبان يسأل: هل هذا آمن؟ والوصولي يسأل: هل هذا سياسي؟ والمشهور يسأل هل هذا مقبول جماهيرياً؟ ولكن الضمير يسأل هل هذا صحيح؟ ويأتي وقت يتوجب فيه على المرء أن يتخذ مواقف ليست آمنة ولا سياسية ولا مقبولة، وإنما مواقف صحيحة».
وشدد فلاورز على أن خروج كينغ عن «الأدبيات السياسية» يختلف عن خروج الرئيس دونالد ترامب على الأعراف والتقاليد الدبلوماسية، وشجب مواقف الرئيس الأميركي وتصريحاته السابقة حول فرض حظر على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، كما ندد بتعليقاته المهينة لبعض الشعوب والجماعات قائلاً: «لا ينبغي أبداً تطبيع العنصرية والإسلاموفوبيا في هذا البلد».
وأضاف: «في اللحظة التي يتم فيها تطبيع العنصرية والإسلاموفوبيا، يصبح الناس مخدرين إزاءها، وهذا هو الحال تماماً في أميركا». وشدد: «لا يمكنك أبداً تطبيع الشر والظلم والعنصرية والتفرقة بين الجنسين والطبقية في أميركا» داعياً إلى مكافحة السياسات الحكومية الجائرة ضد المهاجرين والمجتمعات الفقيرة.
كلمة فلاورز ألهبت حماسة عشرات الحاضرين الذين تحدوا البرد القارس للمشاركة في الفعالية. وقال: «ما زلت أؤمن بالمجتمع، ما زلت أؤمن بالأمل، بالرغم من تصاعد العنصرية والإسلاموفوبيا هنا في أميركا، وما زلت أؤمن بأن «مجتمعاً محباً يمكن أن يعيش» و«ألا تدعوا أحداً يسحبكم إلى القاع فيجعلكم تكرهونه».
في ختام الحفل قدم السيد القزويني درعاً تقديرية لفلاورز.
Leave a Reply