مريم شهاب
في قاعة المتحف العربي الأميركي، وفي أول أربعاء من كل شهر، يقيم «المنتدى الثقافي في ديربورن» أمسية ثقافية للكلمة واللوحة والنغم، في مساهمة جريئة لبث الروح الثقافية في جاليتنا العربية وتقديم وجوه أدبية وفنيّة تقف للمرة الأولى على المنبر الثقافي، في ملتقى شهري يجمع محبّي اللغة العربية والمؤمنين بأهميتها وتأثيرها السحري في الارتقاء بالحضور الاغترابي.
القائمون على المنتدى يستحقون كل تقدير واحترام. إذ ليس سهلاً في مجتمعٍ مادي وأجواء يعمّها ضباب التشاؤم، ترتيب وتنسيق نشاطات وندوات أدبية ليلتقي الناس تحت أجوائها، من كل الاتجاهات. شعر، قصص، كتب وفن، وندوات يتم فيها تبادل الأفكار والآراء التي قد تتآلف أو تتباعد، لكنها على الأقل لا ترفع جدران الانعزال كما هي حال السياسة.
فالسياسة تثير الصخب والقلق والبلبلة، أما الثقافة والفنون فتنشر الرقي الفكري وتحث على الإبداع. وهذا ما يحتاجه عالمنا الذي سقط معظم الناس فيه بصغائر الأمور وأتفهها، حتى بات الناس يعبدون المال جهاراً ويطوفون حول السخافات والمظاهر الكاذبة.
ربما لا يرقى هذا المنتدى إلى الرابطة القلمية التي كنا نسمع عنها في أوائل القرن الماضي. إذ لا يوجد اليوم بيننا قامات أدبية وفنية وثقافية مبدعة من ذلك الطراز الرفيع، لكن للحقيقة يوجد مثقفون يسعون لبعث دفء الكلمة العربية في صقيع الحضارة العصرية، وهذا مجهود يستحقون عليه التقدير والدعم، على الأقل بالحضور والتواجد في تلك الأمسيات الشهرية، وإن كان المحتوى قليلاً والمستوى متواضعاً. فالمشاركة الكثيفة –لا شك– ستعطي دفعاً إيجابياً للمنتدى فيتشجع القائمون عليه لتعزيزه على مختلف المستويات.
لكن للأسف الشديد في مجتمعنا الديربورني، وحتى بين المثقفين –وهذا كلام لمسته ومسؤولة عنه– يعاني الكثيرون من حب الظهور بأي ثمن، والمبالغة حتى الغرق في النقد والتنظير. وإذا لم يكونوا ضمن برنامج الأمسية فلا يبالون ولا يحضرون. بل تراهم يسألون قبل موعد اللقاء، من المحاضر؟ ومن الشاعر؟ وما هو مضمون الأمسية؟ وغيرها من الأسئلة الباردة والخالية من المسؤولية، التي أسمعها ممن أتصل بهم تذكيراً وتشجيعاً على حضور المنتدى.
اعتراضي الوحيد على ما في المنتدى، هو على الفيض من الشعر الحديث الخالي من العفوية. فيا حبذا لو يتم اختصار هذا الشعر العصي على الفهم لمن هم مثلي، وهم كثيرون، بحسب اعتقادي. فالقصيدة الصادقة تكون أفعل من خطاب طويل عريض، كما أن لحناً يدندنه قروي بسيط في أحضان الطبيعة أصدق وأدفأ وأجمل من «ماتيماتيك» شعراء الحداثة. أيضاً، حبذا لو نتذكر أن القراءة والكتابة هي نعمة يكاد يفقدها الكثيرون منّا بسبب الإعلام الإلكتروني الذي جردنا من الكتب والأقلام ومعها حواس القراءة والذاكرة الآخذة بالاضمحلال.
Leave a Reply