ديربورن – علي منصور
من مدرسة سياسية تكاد تكون الوحيدة فـي لبنان تتعاطى صناعة المواقف وصياغة الحلول بأدوات محلية، وإذا تعذر الامر فالاستعانة بصديق كما يقول علي بزي النائب اللبناني الذي غادر لبنان فـي ثمانينيات القرن الماضي الى الولايات المتحدة ليعود إليه عام ٢٠٠٠على صهوة النيابة ممثلا عن قضاء بنت جبيل فـي الجنوب اللبناني . يتقن ما يقوله وما لا يقوله، والهدف يكمن فـي ما لا يقوله وعليك ان تفهمه ببصيرتك وحسك السياسي. الدرس الاول: صفر مشاكل حتى مع ألد الخصوم، أما الدرس الثاني : فلا تمديد الا بشروطنا.
من الحوار الذي أجراه الزميل علي منصور مع النائب بزي |
-حركة أمل أيدت التمديد للمجلس النيابي العام الماضي، أما اليوم فتعارضه بشدة. ما الذي تغير واستجد خلال عام ؟
فـي السنة الماضية كان الوضع الأمني خطير جداً وينذر بكوارث، إن على مستوى السيارات المفخخة او التفجيرات الأمنية مما يمنع المرشحين من التواصل مع ناخبيهم فـي مختلف المناطق. فـي العام الماضي كانت الأسباب الموجبة للتمديد أمنية أكثر منها سياسية وبموافقة الأطراف كلها ما عدا فريق معين «التيار الوطني الحر». حتى أن بعض الأفرقاء الذين كانو مع التمديد تنصلوا منه وعطلوا العمل فـي مجلس النواب. ما نقوله بأن المانع الأمني قد سقط، فقد حصلت انتخابات فـي سوريا والعراق فـي ظروف أمنية مشابهة. فإن كان المقصود بالتمديد تعطيل مجلس النواب كما هو حاصل اليوم فهذا امر غير مقبول، فلن نمدد للتعطيل مرة أخرى.
-ما أفهمه من حديثكم بأنكم تربطون التمديد بالسماح بالتشريع ؟
لا، ما عنيته أن التمديد مسألة غير شعبية فالناس تحب تداول السلطة بطبعها، فـي المقابل علينا كنواب أن نقدم للشعب تعويضا أقله تفعيل عمل مجلس النواب من خلال التشريع. الموضوع ليس مقايضة بين التمديد والتشريع إنما لا نرى أسباب اًموجبة للتمديد، فلنذهب الى الانتخابات وليربح من يربح ولتأخذ العملية الديمقراطية مجراها.
– وزير الداخلية يقول بأن الوزارة غير جاهزة للانتخابات والقوى الأمنية أعلنت صعوبة إجراء الانتخابات فـي الوقت الحالي.
هناك جهات أمنية محددة أعلنت جهوزيتها وهذا الكلام للوزير نهاد المشنوق ليس جديدا.
– هل تعمل «كتلة التنمية والتحرير» على تشكيل جبهة نيابية من الحلفاء وغير الحلفاء المعارضين للتمديد من أجل الدفع لإجراء الانتخابات فـي موعدها ؟
هناك عمل حثيث فـي هذا الاتجاه، على الأقل هذه أجواء فريقنا السياسي فـي «٨ آذار» وطبعا من ضمنه« تكتل التغيير والإصلاح».
– هل هناك ربط بين الانتخابات الرئاسية والنيابية وأيهما أولا ؟
الانتخابات الرئاسية كان من المفترض ان تحصل ضمن مهماتها الدستورية المنقضية ويجب ان تحصل اليوم قبل الغد. الأولوية اليوم هي للانتخابات الرئاسية لملء الشغور فـي المقام الاول فـي الدولة. وقد حاول الرئيس بري ان يلبنن هذا الاستحقاق عبر الإتيان برئيس صناعة محلية من خلال خريطة طريق للأسف إصطدمت بعقبات كثيرة وضعها الفريق الآخر وأصبح من الضرورة بمكان الاستعانة بصديق له تأثير وعلاقة بما يجري فـي المنطقة.
– يعني حركة أمل مع إجراء الانتخابات النيابية فـي موعدها حتى إن لم يتم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية؟
طبعاً .
– فـي حال إجراء الانتخابات النيابية ستصبح الحكومة بحكم المستقيلة وسنصبح أمام مأزق دستوري من نوع أخر .
الإشكالات الدستورية التي تطرحها نحن واعون لها، البعض من غير أن نسميه(الفريق الاخر) يريد أخذ البلد الى حافة الهاوية دستورياً وإذا كانوا يلعبون هذه اللعبة فنحن جاهزون لهم . من غير المقبول تعطيل مجلس النواب لان مقام الرئاسة شاغر، مجلس النواب هو ملك الشعب اللبناني.
– أليس الأحرى تأجيل الإنتخابات النيابية الى ما بعد إنتخاب الرئيس تجنبا للمأزق الدستوري؟
كما سبق وقلت الأولوية هي للانتخابات الرئاسية كعنوان أول، ونحن فـي «حركة أمل» عملنا على إيصال رئيس صناعة محلية وللأسف الشديد لم نتوصل الى نتيجة، وهذا يتطلب مساعدة إقليمية ودولية. ربما البعض ينتظر تسوية إقليمية تشمل لبنان.
– يعني عمليا، الانتخابات النيابية ارتبطت بالانتخابات الرئاسية المرتبطة بدورها بالتسوية الإقليمية
البعض يحاول ربطها، وكنا نحاول النأي عن كل هذه الأمور ولكن بصريح العبارة فشلنا ولم نستطع كلبنانيين ان نأتي برئيس بإرادة لبنانية ونراهن على تقارب سعودي – إيراني. هذا التقارب شئنا أم أبينا يشكل عامل اطمئنان الى كل القلقين على مصير وطنهم. أما فـيما يتعلق بتداخل المهل بين الإستحقاقين يبقى هناك حلٌّ لها.
– هل ما زال الجنرال عون مرشح «حركة أمل» ؟
أكيد العماد عون هو مرشح الفريق السياسي الذي ننتمي إليه.
– ألم يتم التداول بأي اسم آخر فـي ظل عدم الإجماع على العماد عون؟
لا، لم تطرح أسماء أخرى فـي هذا الإطار، لم يزل العماد عون مرشحنا الوحيد .
– وعن علاقة العماد عون بالرئيس بري ؟
العلاقة بين الرجلين أكثر من ممتازة
– سمعنا انتقادات حادة وحملات إعلامية من قبل قوى «١٤ آذار» لامست حد تبرير التفجيرات الانتحارية فـي الداخل اللبناني، بالمقابل لم نسمع مواقف مؤيدة وداعمة لقتال «حزب الله» فـي سوريا من قبل «حركة أمل» .
قوى «١٤ آذار» سبقت «حزب الله» بتدخلها بالشأن السوري بأكثر من سنة ونيّف، فلا يستطيعون بالمنطق السياسي ان ينتقدوه وهم ذهبوا قبله الى سوريا. أما لناحية تأييد قتال «حزب الله» فـي سوريا فلكل فريق خصوصية فـي مقاربة الملفات والموضوعات وتظهيرها.
– هل «حركة أمل» مشاركة بالقتال فـي سوريا؟
لا، غير مشاركة
– ما هو سر العلاقة بين «أمل» و«حزب الله»؟ فمنذ عام ٢٠٠٥ وحتى اليوم لم يحصل اي تباين أو خلاف أو حتى إختلاف فـي المواقف السياسية وكأننا أمام كيان سياسي واحد
العلاقة بين «حركة أمل» و«حزب الله» مرت فـي الماضي بظروف صعبة الى ان توصلت القيادتين الى رؤية مشتركة للعناوين المفصلية والحساسة والإستراتيجيات الكبرى كي لا نغرق فـي التفاصيل الصغيرة والمملة. فـي القراءة للتحديات هناك مواقف مشتركة ومتشابهة هذا لا يعني ان «حزب الله» «دايب» بالحركة أو العكس، فلكل فريق خصوصيته وأداءه.
– ألا ترى اليوم بأن «حزب الله» و أميركا يقاتلان نفس العدو؟
هذا التوصيف غير دقيق، «حزب الله» لديه مواقفه وبياناته المتعلقة بالإئتلاف الدولي الذي تشكل لقتال «داعش» وهم لديهم وجهة نظر من أن ما يحصل لا يطمئن وربما مقدمة لضربهم .
– هل حركة «أمل» ضد الإئتلاف الغربي لقتال «داعش» و«النصرة» ؟
نحن فـي «حركة أمل» كنا دائماً نقول بأنه يجب ان تكون هناك منظومة لمكافحة الإرهاب، ومعروف من يرعى هذا الإرهاب، فإذا أتخذ قرار بإلغاء الإرهاب فليس هناك من مانع أو مشكلة..
– حتى ولو بقصف سوريا ؟
هناك مجلس للوزراء يضم كل الألوان السياسية ويتم اتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن
– فـي مجلس الوزراء حياد ولا يستطيع ان يتخذ موقفا واضحا
لأن هناك بعض الأسئلة المطروحة وعلى ضوء الأجوبة يتخذ القرار المناسب . بعبارة اخرى الموقف اللبناني ينتظر أجوبة على آليات عمل هذا الإئتلاف، على سبيل المثال هل ستقصف الدفاعات الجوية السورية؟ الائتلاف حصل بالأصل من أجل العراق وتوسع ليشمل سوريا . الطائرات التي ستعبر الأجواء السورية ألا تريد إذنا من الدولة السورية ؟
– كان من المفترض ان ينعقد المؤتمر العام الـ١٣ لـ«حركة أمل» العام الماضي وتم تأجيله والى الان لم يحدد موعدا جديدا لانعقاده، ما السبب ؟
السبب هو أمني، الوضع كان حساساً الى درجة ألغيت كل الاحتفالات والاجتماعات وحتى الافطارات فـي شهر رمضان . أن تجمع القيادات الحزبية لحركة سياسية مستهدفة وفـي ظل أوضاع أمنية خطيرة ليس من الصواب بشيء . من اجل ذلك إرتأى المجلس المركزي فـي الحركة إبقاء الوضع كما هو وتأجيل المؤتمر العام . اما العمل التنظيمي على كل المستويات لم يزل مستمر وبفاعلية..
– لكن التأجيل اقترن بمنح الرئيس صلاحيات بتعيين من يراه مناسبا فـي اي مركز قيادي من غير الالتفات الى التراتبية فـي الوصول للمناصب، ألا يلغي ذلك عامل التحفـيز والكفاءة لدى الشباب المنخرط بالعمل الحزبي ؟
هناك هيئة رئاسة وهي أعلى سلطة حزبية فـي «حركة أمل» ويرأسها الرئيس بري وفـيها رئيس الهيئة التنفـيذية ورئيس المكتب السياسي وفـيها مقرر وأعضاء اخرون، والتفويض الذي منح هو لفترة قصيرة ومرتبط بالتأجيل ولم يصبح قانوناً حزبياً ثابتاً . إضافة الى ان هذا القرار أتى من القطاعات ولم ينزل من فوقها . مبدأ الكفاءة لم يزل معتمداً بشكل أساسي، فليس هناك مصادرة للكفاءة ولا الجو الديمقراطي السائد داخل الحركة.
– اين أصبحت ورشة الإصلاح التي أطلقت فـي المؤتمر العام السابق؟
العمل التنظيمي الداخلي لم يتوقف ويسير على قدم وساق وهو يلتزم المعايير والأسس التي تم التوافق عليها وإقرارها فـي المؤتمر السابق. الورشة ما زالت مستمرة على صعيد المكاتب والهيئات وعلى صعيد القطاعات أيضاً.
– من خلال زياراتك المتكررة الى ميشيغن هل هناك توجه الى تفعيل نشاط ووجود «حركة أمل» فـي أميركا الشمالية؟
«حركة أمل» موجودة بقوة وفعالية فـي كل المنتديات الاغترابية وبشكل أخص فـي أميركا الشمالية. وجودي ربما يعطي قيمة مضافة للإخوان الحركيين كوني كنت مسؤولا تنظيميا للحركة فـي أميركا الشمالية لفترة زمنية طويلة وعلى تواصل مع كل الفعاليات وكوني جزءاًَ من هذه الجالية . و«حركة أمل» هي سند لكل المؤسسات الموجودة وهي جسم متقدم وطليعي بين مؤسسات الجالية. وبالتالي هي ليست بحاجة الى رعاية مني أو من غيري، فالاخوان يعلمون ما هو المطلوب ولا نحملهم فوق طاقتهم. المطلوب من «حركة أمل» ومن غير «حركة أمل» هو الاندماج فـي المجتمع الأميركي والابتعاد عن كل التجاذبات والانقسامات والاصطفافات الحاصلة فـي لبنان والدفاع عن حقوقهم المدنية على مستوى جماعات وأفراد..
– هذه مسألة إشكالية، فهم ملزمون باتباع مواقف الحركة السياسية
إن كانوا «أمل» أو «مستقبل» أو «قوات» فلا يشغلوا أنفسهم باستحقاقاتنا اللبنانية، ليهتموا بإبراز وجودهم فـي النظام الأميركي وينطلقوا ليشكلوا قوة ضغط «لوبي» لرفع الصوت اذا وقع ظلم كما حصل حين ارتكبت إسرائيل مجزرة
قانا عام ١٩٩٦ .
– وكأنك تطلب من «حركة أمل» هنا ان تكون جمعية أهلية لا تتعاطى السياسة
لا، أنا لم أقل هذا، إنما أقول بأن يأخذوا الدور الطليعي فـي الدفاع عن حقوقهم «مش» كل مرة يتم نعتهم بالإرهاب من دون أن يدافعوا عن أنفسهم.
– أليست الفكرة طوباوية بعض الشيء؟ على سبيل المثال أقامت «حركة أمل» بالأمس ذكرى تغييب الامام موسى الصدر ولم يشارك «تيار المستقبل» او «القوات»..
لا أدري لماذا لم يشاركوا، اذا لم تتم دعوتهم فهذا خطأ، وإذا دعوا ولم يحضروا هم من يجيبوا..
– كيف ترى عمل مؤسسات الجالية ؟
التعويل يجب ان يرتكز على المشاركة الفاعلة للجيل الجديد فـي صلب مؤسسات وأندية وجمعيات الجالية، فمن كان فـي السابق أدّى قسطه مشكورا وعليه بإفساح المجال للجيل الجديد كي يأخذ فرصته ويثبت جدارته، فالحياة تطورت ويجب على الجالية ان تواكب هذا التطور من خلال إشراك شريحة الشباب المثقف والمتعلم فـي شتى المجالات. يجب ضخ دم جديد فـي مؤسسات الجالية وهذه مسؤولية القيمين عليها.
Leave a Reply