عاد الوفد النيابي اللبناني الذي زار الولايات المتحدة مؤخراً، إلى بيروت، بانطباعات إيجابية حول نتائج رحلته التي كانت تهدف إلى احتواء احتمال تشديد العقوبات الأميركية على لبنان، بذريعة معاقبة «حزب الله»، من دون أن يعني ذلك أن الخطر زال كلياً.
وبدا الوفد العائد مطمئناً إلى أنه لم يعد وارداً –في القريب العاجل على الأقل– اقرار تعديلات قاسية على قانون العقوبات الساري المفعول، كما كان يخشى الكثيرون من اللبنانيين، تحت وطأة الضخ الاعلامي وما تضمنه من شائعات وتوقعات.
وقال عضو الوفد النائب ياسين جابر لـ«صدى الوطن» إن مشروع التعديلات المتشددة على قانون العقوبات، والذي جرى تسريبه قبل فترة، لا يزال مجرد مسودة أولية لم ترتق بعد إلى مستوى اقتراح قانون، مشيراً إلى أن عدداً من الشخصيات الأميركية التي التقينا بها أبدى انزعاجه من التسريب الذي حصل، لما يمثله من إساءة للكونغرس بالدرجة الأولى، وموضحاً انه تم استدعاء موظف الكونغرس الذي صاغ المسودة إلى أحد اللقاءات مع الوفد اللبناني، وجرى الاستفسار منه عن ملابسات نشر المسودة.
وأوضح جابر أن الأميركيين استفسروا عن سبب الضجة التي أثارتها المسودة، برغم أنها ليست رسمية، فقلنا لهم إن «لبنان هو بلد الحريات، وانتم وضعتم في الطنجرة الساخنة بعض حبات الذرة التي تحولت إلى «بوب كورن» راح يُفرقع ويُحدث كل هذا الضجيج».
تجدر الإشارة إلى أن الوفد اللبناني ضم النائبين ياسين جابر ومحمد قباني والمستشار الاعلامي لرئيس المجلس النيابي علي حمدان والسفير اللبناني السابق في واشنطن أنطوان شديد.
مجرد إشاعات ومبالغات
وأشار جابر إلى أنه استنتج من الاجتماعات التي تمت في واشنطن بأن ما أشيع قبل سفرنا إلى الولايات المتحدة حول النية في توسيع العقوبات لتشمل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، إنما انطوى على مبالغة كبرى، إذ لم يتم التقاط اي مؤشر في هذا الاتجاه خلال النقاشات المكثفة على امتداد 32 إجتماعاً تقريباً.
وأوضح جابر أن مهمة الوفد النيابي في الولايات المتحدة لم تكن سهلة، وأصعب ما واجهه تمثل في المواقف الحادة لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ الذين التقينا بهم، حيال «حزب الله» وسياساته.
وكشف عن أن بعض الأميركيين اعترضوا على تدخل الحزب خارج الأراضي اللبنانية واعتبروا أن الحزب يملك 120 ألف صاروخ تهدد الاستقرار، فأجبناهم بأن «الاستقرار يسود الجنوب منذ انتهاء حرب تموز 2006»، «ونحن نلتزم بالقرار 1701، بينما إسرائيل هي التي ترتكب الخروق المتلاحقة له، علماً أن المقاومة كانت رد فعل على الاحتلال والقهر، واسرائيل لا تزال حتى الآن تهدد بالمزيد من الاعتداءات».
وأضاف جابر: «كما أكدنا للأميركيين أن قوات «اليونيفيل» المنتشرة في الجنوب هي جزء من الاستقرار، في حين أنكم تتجهون إلى تخفيض مساهمة الولايات المتحدة في تمويلها بعد قرار الرئيس ترامب بتخفيض الموازنة العامة، فكيف توفقون بين هذا الاتجاه وبين دعمكم المعلن للقرار 1701 وللاستقرار اللبناني؟».
وأشار جابر إلى أن الوفد اللبناني لفت انتباه الأميركيين إلى أن لبنان يقاتل الإرهاب على الخطوط الأمامية عند الحدود الشرقية مع لبنان، كما أنه يتحمل أعباء النازحين السوريين عن الكثير من دول العالم، «ثم تأتون أنتم في هذا الوقت لتزيدوا الضغوط عليه وتسببوا له أزمة جديدة، من خلال العقوبات الجديدة المقترحة التي من شأنها إضعاف مناعته».
وأكد جابر أن الوفد طرح ضرورة عدم تخفيض المساعدات التي تقدمها واشنطن إلى الجيش والقوى الأمنية، وفق ما هو مقرر في العام المقبل، «وقد شددنا على أن ذلك يتعارض مع الموقف الرسمي الأميركي الداعي إلى تقوية الدولة وتعزيز مؤسساتها، وإذا كان لا بد من تخفيضات فيجب إيجاد بدائل عنها حتى لا يتراجع مستوى الدعم للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية التي تواجه الإرهاب بشجاعة».
صقر متشدد
وروى جابر واقعة حصلت خلال أحد الاجتماعات، حيث تباهى نائب أميركي من أصحاب الميول السياسية المتشددة بأنه هو الذي كان قد وضع المشروع المتعلق بقانون محاسبة سوريا الذي قاد إلى انسحاب جيشها من لبنان، فقلنا له: «هل تعلم أن هناك نكتة منتشرة لدينا فحواها أن 30 ألف جندي سوري خرجوا من لبنان، لكنهم عادوا مع عائلاتهم، فأصبح عددهم مليون ونصف مليون».
وقال جابر: لقد شرحنا للأميركيين انه إذا
كنتم تفترضون في حساباتكم أن قانون العقوبات المعتمد هو علاج للواقع اللبناني، فعليكم أن تعلموا
أن أي «أوفر دوز» في العلاج يعطي مفعولاً عكسياً، وبالتالي فان التعديلات المفترضة على القانون ستكون جرعة زائدة من شأنها أن تشكل تهديداً وليس
علاجاً.
وبرغم أن الشأن اللبناني الداخلي لم يكن من أولويات البحث، إلا أن جابر كشف عن أن مسؤولا في مجلس الأمن القومي توجه إلى اللبنانيين بالنصيحة الآتية: «أنجزوا قانون الانتخاب، وضبضبوا وضعكم..».
Leave a Reply