الرئيس السابق يقلب الموازين في ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك
ديربورن
لعب الصوت العربي دوراً حاسماً في ترجيح كفة الرئيس المُنتخب دونالد ترامب للفوز بولاية ميشيغن في سباق البيت الأبيض يوم الثلاثاء المنصرم، وقد ظهر ذلك جلياً بالمكاسب الكبيرة التي حققها في المدن ذات الكثافة العربية وفي مقدمتها ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، وعموم مقاطعة وين حيث يتركز الناخبون العرب الأميركيون في ولاية البحيرات العظمى.
ورغم أن استطلاعات الرأي كانت تشير إلى فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في ميشيغن، تمكن ترامب من قلب التوقعات بتفوقه عليها بأكثر من 80 ألف صوت، ليضيف بذلك أصوات الولاية الـ15 في المجمع الانتخابي، في طريق عودته إلى البيت الأبيض كثاني رئيس يتقلد الرئاسة الأميركية لولايتين غير متعاقبتين منذ الرئيس غروفر كليفلاند أواخر القرن التاسع عشر.
وتؤكد أرقام الانتخابات بأن العرب والمسلمين الأميركيين الذين تربو أعدادهم على مئتي ألف ناخب مسجل قد أسهموا بشكل مؤثر في فوز ترامب الذي أشاد بدورهم جنباً إلى جنب مع المجتمعات الأخرى في فوزه العريض، خلال خطاب النصر فجر الأربعاء المنصرم.
وبحسب النتائج شبه النهائية، حصل ترامب على 2.8 مليون صوت، بنسبة 49.7 بالمئة من إجمالي المقترعين في ولاية ميشيغن، مقابل ٢.٧٢ مليون لمنافسته الديمقراطية التي حازت على48.3 بالمئة من إجمالي الأصوات.
وبالمقارنة مع انتخابات ٢٠٢٠، حقق ترامب يوم الثلاثاء الماضي تقدماً بنسبة أربع نقاط مئوية على مستوى ميشيغن بعد خسارته قبل أربع سنوات أمام الرئيس جو بايدن بفارق ١٥٤ ألف صوت. ولكن اللافت كان التقدم الكبير الذي حققه ترامب في مقاطعة وين التي تحتضن أكبر كثافة عربية بين المقاطعات الأميركية، حيث بلغ هامش مكاسبه تسع نقاط مئوية، وهي أعلى نسبة تقدم سجلها ترامب بين جميع مقاطعات الولاية الـ٨٣.
ورفع ترامب حصته في كبرى مقاطعات الولاية، التي تعتبر معقل الديمقراطيين بميشيغن، إلى زهاء 289 ألف صوت (33.6 بالمئة) من إجمالي المصوّتين البالغ عددهم حوالي 864 ألف، فيما حصلت هاريس على 536.5 ألف صوت (62.5 بالمئة تقريباً).
وبالمقارنة مع ٢٠٢٠، تقلص الفارق بين ترامب ومنافسه الديمقراطي في المقاطعة من ٣٨ نقطة مئوية إلى حوالي ٢٩ نقطة فقط.
وجاء التغيير الأبرز في المدن ذات الكثافة العربية، وتحديداً في ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، بما يعكس استياء الناخبين العرب من مواقف الإدارة الديمقراطية الحالية تجاه الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة ولبنان.
وظهر التحول جليّاً على وجه الخصوص في ديربورن وديربورن هايتس اللتين ربحهما ترامب بفارق لافت، إلى جانب مدينة هامترامك التي سجلت ارتفاعاً بنسبة 13 بالمئة في شعبية المرشح الجمهوري مقارنة بانتخابات العام 2020 التي اكتسحها بايدن بنسبة بلغت 85 بالمئة، من أصوات ناخبي المدينة، فيما انخفضت نسبة هاريس الثلاثاء الفائت إلى 46 بالمئة فقط بنيلها 3,266 صوتاً، مقابل أكثر من ثلاثة آلاف ناخب صوتوا لترامب (42 بالمئة) في المدينة ذات الأغلبية الإسلامية.
أما في ديربورن، ففاز ترامب بأكثر من 42 بالمئة من إجمالي الأصوات في المدينة التي يشكل العرب الأميركيون أكثر من نصف سكانها، بنيله 17,796 صوتاً في مقابل 15,189 لنائبة الرئيس (36.7 بالمئة)، ما يعني ارتفاعاً بمقدار 30 بالمئة لصالح المرشح الجمهوري، مقارنة بانتخابات العام 2020 التي أسفرت عن فوز بايدن بديربورن بنحو 70 بالمئة من الأصوات.
وتعبيراً عن رفض التصويت للديمقراطيين هذه المرة، حازت مرشحة حزب «الخضر» جيل ستاين على قرابة ٢٢ بالمئة من الأصوات.
وعلى غرار ديربورن، فاز ترامب في مدينة ديربورن هايتس أيضاً بأكثر من 44 بالمئة من الناخبين في المدينة التي يشكل العرب الأميركيون حوالي 40 بالمئة من سكانها.وحصد ترامب في ديربورن هايتس، حيث حظي بتأييد رئيس البلدية بيل بزي، 11,079 صوتاً مقابل 9,643 لنائبة الرئيس (38 بالمئة)، وذلك بالمقارنة مع انتخابات العام 2020 التي اكتسحها بايدن بحوالي 88 بالمئة بمواجهة ترامب الذي نال حينها 10.6 بالمئة فقط من مقترعي المدينة.
أما نصيب ستاين في ديربورن هايتس، فبلغ ٦٣٣ صوتاً أو ما يعادل حوالي ٩ بالمئة.
وكانت ميشيغن، قد حظيت باهتمام خاص من قبل حملتي ترامب وهاريس اللذين حطّا رحالهما في الولاية عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك، الأيام القليلة التي سبقت يوم الانتخابات.
ولكن على عكس هاريس التي نأت بنفسها عن استقطاب المجتمعات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت ذات الميول الديمقراطية تاريخياً، نحا ترامب منحى مختلفاً لاستمالة العرب والمسلمين الأميركيين عبر جهود نسّقها وقادها مستشار حملته، رجل الأعمال اللبناني الأصل مسعد بولس، والد مايكل بولس صهر الرئيس المنتخب.
وأسفرت جهود بولس عن تقريب وجهات النظر بين ترامب والمجتمع العربي الأميركي، ولاسيما بين اللبنانيين واليمنيين، ما أسفر عن زيارة ترامب لمدينة هامترامك إثر حصوله على تأييد رئيس بلديتها عامر غالب قبل نحو شهر من الانتخابات.
كما أشرك ترامب تجمعاً من أئمة المساجد في منطقة ديترويت خلال التجمع الانتخابي بمدينة نوفاي في 26 أكتوبر المنصرم، إلى جانب رئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي، حيث أعربوا جميعاً عن دعمهم للمرشح الجمهوري الذي واصل تقرّبه من العرب الأميركيين عشية الانتخابات الرئاسية عبر زيارته إلى أحد المطاعم المملوكة لرجل أعمال من أصل لبناني في مدينة ديربورن، الجمعة قبل الماضي، مستبقاً تلك الزيارة بمغازلة اللبنانيين الأميركيين من خلال بيان وعدهم فيها بإحلال السلام في وطنهم الأم، الذي يتعرض لاعتداءات إسرائيلية متواصلة منذ أواسط الشهر المنصرم.
وبينما يشكك الكثيرون بترامب ونواياه بالتنصل من وعوده الانتخابية، إلا أن الرئيس المنُتخب لم ينسَ خلال خطاب النصر صباح الأربعاء الفائت ملاطفة العرب والمسلمين الأميركيين في سياق شكره للمجتمعات الإثنية التي أسهمت بعودته إلى البيت الأبيض.
وفي الإطار، أوضح رئيس بلدية هامترامك بأن معظم المجتمعات العربية والإسلامية الأميركية بمقاطعة وين وفي عموم الولايات المتحدة قد وقفت خلال الانتخابات الرئاسية «في الجانب المشرق من التاريخ» عبر دعم ترامب، مضيفاً في حديث مع «صدى الوطن»: بأننا «قمنا بإنجاز مهمتنا».
ولفت غالب إلى أن ترامب فاز بولاية ميشيغن بفارق 80 ألف صوت فقط، مرجحاً أن تكون تلك الأصوات «هي أصوات العرب والمسلمين في الولاية»، ومعرباً عن سعادته بفوز الرئيس السابق الذي اعترف «بجهودنا وشكر العرب والمسلمين الأميركيين في خطاب النصر»، على حد تعبيره.
وأشار غالب إلى أنه يمتلك قناة تواصل مع الرئيس المنتخب، وقال: «سوف نستمر بالتواصل لخدمة مجتمعاتنا والدفاع عنها، والتأكد من أن الرئيس ملتزم بتنفيذ ما وعدنا به، بما في ذلك إحلال السلام في الشرق الأوسط».
من جانبه، توجّه رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود بالشكر إلى مجتمع المدينة «الذي قام بواجبه وشارك في التصويت»، مبرقاً تهانيه لجميع المرشحين الفائزين في الانتخابات المحلية والوطنية، وقال في حديث مع «صدى الوطن»: «بينما يقوم الخبراء السياسيون بتحليل نتائج الانتخابات، إليكم ما أعرفه: إن الأصوات الناخبة ليست ملتزمة بأي حزب أو مرشح، وخاصة في مجتمع تأثر بشكل مباشر بالإبادة الجماعية»، في إشارة إلى حملات التطهير العرقي التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين للشهر الثالث عشر على التوالي.
حمود الذي نأى بنفسه عن دعم أي من المرشحين الرئاسيين خلال الانتخابات الرئاسية، أكد بأن «المشاركة المدنية لا تبدأ ولا تنتهي بالتصويت«، وأن الأهم من ذلك هو العمل الحقيقي «كل يوم، قبل وبعد الانتخابات»، وقال: «سأستمر أنا ومجتمعي في تحميل البيت الأبيض المسؤولية عن السياسات التي من شأنها إنقاذ الأرواح وتحسين حياة الناس.. الآن وفي المستقبل».
بدوره، هنأ نائب محافظ مقاطعة وين أسعد طرفة الرئيس المنتخب على فوزه بسباق البيت الأبيض، مشيداً في الوقت نفسه بما أسماها «الجهود التاريخية» التي بذلتها هاريس خلال «أقصر حملة رئاسية في التاريخ»، والتي بلغت مئة يوم فقط.
طرفة الذي أيد المرشحة الديمقراطية، أشاد أيضاً بما فعلته هاريس «لتمهيد الطريق أمام النساء الملونات، وقال إن التمثيل مهم»، مضيفاً لـ«صدى الوطن» بأنه دعمها لإيمانه «بقيادتها والتزامها بإنهاء الحروب»، ومعرباً عن أمله في أن يفي ترامب بوعوده بإرساء السلام.
طرفة الذي يتحدر من أصول لبنانية، ختم قائلاً: «إنني فخور بكوني جزءاً من فريق هاريس والديمقراطيين ومازلت ملتزماً بشدة بالقيم التي قاتلنا من أجلها، وبينما أتطلع إلى المستقبل، سأستمر في الدعوة إلى سياسات تخدم الصالح العام لتحقيق مستقبل أكثر إشراقاً».
Leave a Reply