خليل رمال
الناخبون المتردِّدون فـي الانتخابات العامَّة التي ستجري بميشيغن يوم الثلاثاء، فـي ٤ نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل هم اليوم مثل منجم الذهب بالنسبة لأي مرشح يتطلع للحصول على إعادة انتخابه أو ازاحة شاغل المنصب الحالي أو بدء حياته السياسية. فالأصوات القليلة قد تقرِّر مصير المستقبل الانتخابي فـي الولاية لذا فإنَّ الصوت العربي، إذا استخدم بفعالية وكثافة، سيكون حاسماً جداً هذه المرَّة أيضاً.
وفـي سباق حاكمية ولاية ميشيغن، فإنَّ مجرد ست نقاط مئوية تفصل الحاكم المرشَّح عن الحزب الجمهوري، ريك سنايدر، عن منافسه الديمقراطي مارك شاور وفقاً لآخر إستطلاع للرأي أجرته مؤسسة «ابيك ام آر أي» لصالح جريدة «فري برس»، مما يعني أنَّ جنوح نقطتَين مئويتين فـي أي إتجاه سوف يُحدِث فرقاً جوهرياً يغيّر دفَّة ميزان السباق.
لذا، فإنَّ كتلة الناخبين المتردِّدين المشرئِبَّة نحو الإنتخابات العامة فـي ٤ نوفمبر – وعادة تتضاءل أعدادها عندما تميل لأحد المرشَّحَين مع قرب يوم الإنتخابات وهي تبلغ حالياً من ٨ إلى ١٠بالمئة وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة – يمكن أن تكون المرفأ الأخير للإنتصار.. أو الهزيمة. تاريخياً، حوالي ثلثي الناخبين المترددين عادةً يميلون نحو المرشَّح المنافِس، وفقاً لبيرني بورن، رئيس شركة الاستطلاع «أبيك أم آر أي» التي يقع مقرُّها فـي لانسنيغ والتي تختص فـي إجراء استطلاعات الرأي ودراستها.
وأضاف بورن «اذا كان الناخبون مترددين فـي هذه المرحلة، فهذا يعني عادةً أنهم فـي معرض التشكيك بشاغل المنصب الحالي، وبالتالي فإن المتحدي، لديه نقطة استفادة لصالحه فـي معظم الإنتخابات، وهكذا فشاغل الوظيفة يريد أن يغطي هذا النقص بقدر ما يستطيع ويمحو تلك الشكوك، فـي حين أن منافسه يريد الحصول على أصوات هؤلاء الناخبين غير الحاسمين لأمرهم».
والمعروف أنه خلال حملته الانتخابية الناجحة عام ٢٠١٠، تمكَّن سنايدر من حَصْد أكثر من ثلثي أصوات الناخبين غير المُقرِّرين على الرغم من أنه حصل على دفعة أقوى من أصوات المستقلِّين ومؤيدي الحزب الديمقراطي الذين انقسموا على أنفسهم فـي سباقٍ لم يكن فـيه حاكمٌ حالي يسعى لإعادة انتخابه بينما الخصم الديمقراطي لسنايدركان مرشحاً ضعيفاً ولم يكن مألوفاً لديهم وهو رئيس بلدية لانسنيغ العاصمة فـيرج بيرنيرو.
وقال توم شيلدز، وهو خبير استطلاعات الرأي فـي لانسنيغ ومستشار سياسي «إنَّ الناخبين غير المقرِّرين حتماً وبالمطلق يمكن أن يقرِّروا مؤشر الانتخابات المقبلة. فهم المفتاح فـي الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية. وكل الحملات تسعى لمعرفة من هم هؤلاء الناخبون وماذا رأوا حتى الآن».
وأضاف بورن «هناك مستطلعون للرأي من كلا الجانبين يعملون للمرشَّحَين لاستكشاف ما هو نوعٍ الرسائل التي قد تحركهم بشكلٍ أفضل، وكذلك لتعزيز وشد عزم هؤلاء الناخبين الواهي الولاء لمرشحهم، بينما يحاولون جذب واستمالة ضعيفي الولاء خلف المرشَّح الخصم الآخر».
أما طريقة الوصول الى هؤلاء الناخبين، فإنَّ الحملات الانتخابية تستعمل الهاتف الآلي، لإرسال رسائل صوتية إلى الناس الذين يمكن أنْ يميلوا إلى أحد الفريقين. لذا فالناخبون الذين لم يحسموا أمرهم بعد قد يتلقون سيلاً من المكالمات الهاتفـية والرسائل البريدية والإلكترونية، وحتى زيارات شخصية من قبل العاملين فـي الحملات الانتخابية.
أفضل مثال على هؤلاء الأشخاص الذين تبحث عنهم الحملات الانتخابية بكل نشاط، هو دينيز فورنييه التي قالت أنها مقترِعة ملتزِمة عندما يتعلَّق الأمر بالإنتخابات الرئاسية، ولكن ليس كثيراً فـي مواسم سباقات حاكمية الولاية. فورنييه هي أمٌ لطفلين وتبلغ من العمر ٣٧ عاماً وتعيش فـي مدينة «بيرين سبرينغز»، اعترفت بأنها لا تعرف سنايدر إلاَّ بالإسم لا أكثر ولا أقل. أما بالنسبة لشاور، فإنها ليس لديها أدنى فكرة عنه. وأردفت «أحياناً مالك العقار أو جيراني يأتون مراراً ويتحدثون معي عن الإنتخابات، لكن لم يكن لدي الوقت الكافـي للقيام بالبحث لوحدي عن المرشَّحَين».
فورنييه مُدرِّسة التلاميذ المحتاجين لتعليم خاص، هي عاطلة عن العمل فـي الوقت الحالي بسبب عجزٍ لديها، وكانت قد سمعت شكاوى عن الإنحياز السلبي عند الحاكم الحالي بالنسبة لمسألة التعليم ولكن «أنا لست ناخبة مستنيرة فـي هذا الوقت»، حسب تعبيرها، وهي عندما تشاهد التلفاز لا تنظر الى الإعلانات الترويجية الإنتخابية وتستخدم جهاز التحكُّم «ريموت» لتسريع الدعايات، ولكن قد تغير رأيها عند التصويت إذا كانت المعلومات حول مرشح ما متاحة بسهولة أكثر.
فـيرنييه ليست لوحدها، حيث تفـيد استطلاعات الرأي الأخيرة والتي أشارت اليها «صدى الوطن» فـي العدد الماضي، بأنَّ النساء أكثر من الرجال تردُّداً فـي الإنتخابات المقبلة. ففـي استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة «أبيك ام آر أي» بين ٢٥ – ٢٩ سبتمبر(أيلول)، تبين بان ١٠ بالمئة من النساء و ٧ بالمئة من الرجال لا يعرفون لمن سيصوتون فـي سباق الحاكم. وفـي سباق مجلس الشيوخ، إرتفع العدد إلى ١٦ بالمئة بين النساء و ١٠ بالمئة بين الرجال. وعلَّق الخبير السياسي شيلدز بالقول «هناك نسبة كبيرة من النساء اللواتي هن غير مقرِّرات، وأنا لا أقصد الإساءة ولكن لديهن فـي حياتهن أشياء أخرى أكثر إلحاحاً، بدلاً من مجرد سباق انتخابي ».
ولدى المستشار السياسي فـي لانسنيغ، روبرت كولت، هذا التشبيه الذي يطابق الواقع: «عندما تذهب النساء إلى المتجر لشراء شيء ما، يقمن بقراءة كامل الملصق المطبوع على المُنتَج لكني (كرجل) أنا هناك فقط لشراء شيء ما ولا اقرأ الملصق.. المرأة تفعل ذلك حقاً وتأخذ المسألة على محمل الجد. فالرجال حتى ولو كانوا متردِّدين، لا يرغبون فـي التعبير عن ذلك».
وقالت هيذر بايك (٣٨عاماً) وهي مساعدة طبية عاطلة عن العمل من بلدة «وايت ليك» إنها بالفعل لم تحسم أمرها بعد لأنها ضاقت ذرعاً بجميع السياسيين – فـي واشنطن ولانسنغ معاً. وأضافت «هناك ما يكفـي من الجمهوريين والديمقراطيين فـي المواقع السياسية ونحن بحاجة إلى أفكار طازجة جديدة، لقد قرفت منهم كلهم لأن لا شيء يُنجَز. كل ما نسمعه هو مجرد أقول، ولكن هذه ليست ثانوية عامة!».
وأعربت بايك عن شعورها بأنها تفكر بجدية فـي التصويت لمرشح حزب ثالث – ربما حزب الخضر – لإيصال رسالة قوية إلى الحزبين الرئيسيَّيَن بأنَّ الذي حصل (من عقم سياسي) يكفـي.. وختمت قائلةً «أنا أعتبر نفسي من المتعلمين ولكني لا أسمع سوى المقتطفات الصوتية المقتضبة والغامضة، حتى التسوية تحوَّلت عندهم إلى كلمة قذرة».
ولخَّص خبير الاستطلاعات بورن الموضوع بالقول «هناك الكثير من نوعية هؤلاء الناس (الناخبين المتردِّدين) الذين إمَّا لن يقترعوا بالمرَّة، أو أنهم سوف يقررون فـي آخر لحظة التصويت الى أحد المرشَّحَيْن».
من هنا تكمن أهمية الصوت العربي الأميركي فـي هذه الإنتخابات لأنَّه، بغضِّ النظر عن جنوح أصوات المتردِّدين لأيٍّ من المعسكريَن المتنافسيَن فإنَّ الفوز لأحد المرشَّحَيْن سيكون بعدد أصوات قليلة أو متعادلة بسبب ضيق السباق للغاية وإمكانية جنوحه السريع ليحقق الفوز لأحد المرشحين، كما نشرت «صدى الوطن» الأسبوع الماضي مستشهدةً بالاستطلاعات الاخيرة فـي هذا المجال. وهذا ما حصل على كل حال فـي الإنتخابات الرئاسية الأميركية بين جورج دوبليو بوش وآل غور مما استدعى تدخُّل المحكمة العليا لفض الخلاف الانتخابي الذي وقف على اصواتٍ معدودة. والفرق بين الناخبين الأميركيين المتردِّدين الذين هم غير مطَّلِعين ولا وقت لديهم للبحث عن مؤهِّلات المرشَّح وبرنامجه، وبين العرب الأميركيين هو أنَّ لدى العرب اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي «إيباك» التي تقوم بالعمل البحثي الجاد والجهدنيابةً عنهم لتحديد الأفضل بين المرشحين لخدمة بلدنا وجاليتنا ومجتمعنا وكل ما هو مطلوبٌ منهم هو فقط أنْ يخرجوا للتصويت بكثافة يوم ٤ نوفمبر مهما كانت مشاغلهم وظروفهم، وذلك من أجل ترجيح كفَّة الانتخابات لأنَّ أصواتهم ستكون مرجِّحة وحاسمة. ولكن يبقى السؤال الأهم والأكثر إلحاحاً .. هل يقبلوا التحدي؟!
Leave a Reply